طالبان تحتفي بانتصارها على أميركا وترغب في إقامة "علاقات طيبة" معها

الولايات المتحدة تنهي سحب قواتها العسكرية من أفغانستان بعد حرب دامت 20 عاما.
الثلاثاء 2021/08/31
إدارة المطار التحدي الأول لطالبان

كابول - احتفى مقاتلو حركة طالبان بانتصارهم على الولايات المتحدة وعودة الحركة إلى الحكم في أعقاب انسحاب القوات الأميركية الباقية، منهية بذلك حربا دامت 20 عاما وخلفت حركة متشددة أقوى مما كانت عليه في 2001.

وغادر آخر ستة آلاف جندي أميركي كانوا يشرفون على عملية إجلاء أجانب وأفغان عملوا لصالح دول أجنبية، مطار كابول ليل الاثنين - الثلاثاء، مع انتهاء المهلة التي حدّدها الرئيس الأميركي جو بايدن لانسحاب بقية القوات الأميركية في أفغانستان.

ودخل مقاتلو طالبان بسرعة مطار حامد كرزاي الدولي بالعاصمة الأفغانية، وهو آخر مكان كان يخضع للسيطرة الأميركية وأطلقوا الرصاص في الهواء ابتهاجا، في عودة مذهلة إلى الحكم بعدما غزت القوات الأميركية عام 2001 البلاد وأطاحت بحكم الإسلاميين المتشددين لدعمهم تنظيم القاعدة.

ودعت حركة طالبان الثلاثاء إلى إقامة "علاقات طيبة" مع الولايات المتحدة، وذلك بعد ساعات على خروج آخر الجنود الأميركيين من كابول لتنهي عشرين عاما من الحرب.

وصرح المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد للصحافيين "نهنئ أفغانستان. إنه نصر لنا جميعا"، وأضاف أن "الهزيمة الأميركية درس كبير لغزاة آخرين". وأضاف "الإمارة الإسلامية تريد علاقات دبلوماسية طيبة مع الأميركيين".

وأنهت الولايات المتحدة رسميا وجودها العسكري في أفغانستان منتصف ليل الاثنين بتوقيت أفغانستان، وهي المهمة التي انطلقت في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية في واشنطن ونيويورك.

وقبل المغادرة دمرت القوات الأميركية أكثر من 70 طائرة والعشرات من المدرعات وعطلت الدفاعات الجوية التي أحبطت هجوما صاروخيا حاول تنظيم الدولة الإسلامية تنفيذه عشية مغادرة القوات.

ودافع الرئيس الأميركي في بيان عن قراره الالتزام بالمهلة التي انقضت الثلاثاء لسحب قوات بلاده، وقال إن العالم سيلزم طالبان بتنفيذ تعهدها بالسماح بالخروج الآمن لمن يريد مغادرة البلاد.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعلن الثلاثاء أنّ الولايات المتّحدة "ستعمل" مع حركة طالبان المتشدّدة إذا "وفت بتعهّداتها".

وقال بلينكن للصحافيين إنّ "كلّ خطوة سنتّخذها لن تستند إلى ما تقوله حكومة طالبان وإنمّا إلى ما تفعله للوفاء بتعهّداتها"، مشدّدا على أنّ ما تطلبه الحركة من المجتمع الدولي من اعتراف ودعم يجب أن "تكتسبه" عن جدارة واستحقاق.

ففف

وفي حين سعت طالبان إلى إظهار وجه أكثر اعتدالا للعالم ومحو ذكريات الحكم المتشدد الذي مارسته في التسعينات، أظهرت استماتة الكثير من الأفغان على الفرار من البلاد مدى الخوف الذي أثارته الحركة.

ويخشى عدد كبير من الأفغان أن تعيد طالبان فرض حكمها السابق الذي كان معروفا بسوء معاملة الفتيات والنساء، وكذلك بنظامه القضائي الوحشي.

ويواجه السكان خارج المدن ما وصفه مسؤولو الأمم المتحدة بالوضع الإنساني الكارثي الذي تفاقم بسبب الجفاف الشديد. وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن ما يصل إلى نصف مليون أفغاني قد يفرون من وطنهم بحلول نهاية العام.

وتتجه الأنظار إلى الطريقة التي ستتصرف بها طالبان في أيامها الأولى من الحكم، مع التركيز حول ما إذا كانت ستسمح لأجانب وأفغان آخرين بمغادرة البلاد.

ولفت بلينكن إلى أنّ عددا ضئيلا من رعايا بلاده، "أي ما بين مئة ومئتي أميركي"، لا يزالون في هذا البلد ويريدون المغادرة.

ويرغب في مغادرة أفغانستان الآلاف من الأفغان الآخرين الذين عملوا لصالح الحكومة الأفغانية السابقة التي كانت مدعومة أميركيا، إذ يخشون التعرض لانتقام من جانب طالبان.

وأعربت الدول الغربية عن حزنها في الأيام الأخيرة لعدم تمكن جميع الأفغان الذين أرادوا الفرار، من الصعود على متن رحلات الإجلاء.

وتبنّى مجلس الأمن الدولي الاثنين قرارا يدعو حركة طالبان إلى احترام "التزاماتها" من أجل خروج "آمن" لكل الذين يردون مغادرة أفغانستان، من دون المطالبة بمنطقة آمنة دعت فرنسا إلى إقامتها لمواصلة العمليات الإنسانية.

ففف

وقال مجلس الأمن في قراره إنه "يتوقع" من طالبان أن تفي بكل "التزاماتها"، لاسيما في ما يتعلق بـ"المغادرة الآمنة" و"المنظمة" من أفغانستان "لمواطنين أفغان ورعايا أجانب" بعد انسحاب الولايات المتحدة.

ولا يشير القرار إلى "منطقة آمنة" أو محمية أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد أن باريس ولندن ستدعوان في الأمم المتحدة إلى إنشائها في كابول للسماح خصوصا بمواصلة "العمليات الإنسانية".

وقال ماكرون إن إنشاء هذه المنطقة "سيوفر إطارا للأمم المتحدة للتحرك بشكل عاجل، وسيسمح خصوصا بوضع كل منا أمام مسؤولياته، وسيتيح للأسرة الدولية مواصلة الضغط على طالبان".

وتجري مفاوضات حول الجهة التي ستدير مطار كابول في المرحلة المقبلة.

وطلبت طالبان من تركيا التكفل بالأمور اللوجستية، فيما ستهتمّ الحركة بضبط الأمن، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يقبل العرض بعد.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن حركة طالبان تجري محادثات مع قطر وتركيا بشأن إدارة مطار كابول، وإنه ينبغي عليها تأمين المطار في أقرب وقت ممكن، كي يتمكن من يريدون مغادرة أفغانستان من الرحيل على متن رحلات تجارية.

وليس واضحا في الوقت الحالي أي شركات طيران ستوافق على تسيير رحلات من وإلى كابول.