طارق لطفي: ليس بالسينما وحدها نصيب الشهرة

القاهرة - انطلاقة الممثل المصري طارق لطفي الأولى كانت تلفزيونية من خلال مسلسل “العائلة”، ثم الفيلم السينمائي “دماء على الإسفلت” الذي شارك فيه مع الفنان الراحل نور الشريف في عام 1992، وحصل عنه على أول جائزة في مشواره الفني. وحول ما إذا كانت البداية قد جعلت منه ممثلا تلفزيونيا أكثر من كونه سينمائيا قال “لا.. بل هي مجرد ظروف فنية”.
وأكد لطفي في لقائه مع “العرب” أن منهجيته في التمثيل تكونت من خلال تراكم كبير من المعرفة والدراسة والخبرة ساهمت في بلورة فهمه للفن إلى جانب تساؤله الدائم عن مضمون ما يرغب في إيصاله إلى الناس وكيف؟
وقال “أنا أسعى دائما إلى تقديم رسالة في كل عمل أقدمه، وأؤمن بأن الدراسة والدورات المتخصصة في التمثيل بمثابة التجديد لأي ممثل، لأنه بعد فترة سيجد نفسه كالمعدن الصدئ إذا لم ينتبه لهذه الجزئية المدعومة دائما بالمحاولات والتحدي”.
والفنان الناجح في رأيه إذا اعتمد على ما وصل إليه من نجاح وبدأت تلازمه مقولة “أنا ناجح”، قد يسقط في بئر من الفشل “لذلك عندما أجد من يعلمني ويضيف لي أي جديد عن طريق القراءة أو الملاحظات أو الدورات التدريبية، فهذا يطور منّي ومن شخصيتي”.
ولفت لطفي إلى أنه درس في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة علم النفس، لأنه ركن مهم للممثل لتصبح لديه القدرة على تحليل الشخصية عند قراءتها أو تمثيلها، كما أن “لغة الجسد” إحدى أدوات فن الممثل، لأنه يستطيع من خلالها تحديد العديد من التفاصيل المهمة في بناء شخصياته الدرامية، “فنطق الكلمة مع حركة الجسد هي ثنائية التواصل السحري بين الممثل والجمهور”.
ثقافة الصورة
يؤكد الممثل المصري أنه من هواة مشاهدة المسلسلات الأرجنتينية والمكسيكية التي أصبحت من وجهة نظره على مستوى عال من الجودة وتتبوأ منزلة مهمة في فن الدراما حاليا، وقال “بت أشاهدها طول الوقت، لأفهم عوامل نجاح الآخرين”.
ويرى أنه لا غنى عن المشاهدات الكثيرة للأعمال العربية والأجنبية لتأهيل الفنان لكي تكون لديه القدرة على الفرز وتحديد المكانة التي وصل إليها ومكانه في مجال عمله، وهو أيضا حريص على متابعة زملائه وما وصلوا إليه من نجاحات، ليس حقدا ولكن بحثا عن الاختلاف.
وحول ما إذا كان غياب الدولة عن دعم الثقافة نابعا من انعدام إيمانها الكامل بقيمة الفن، أكد طارق لطفي أن الدولة بدأ يتكون لديها وعي بما للفن من تأثير فعلي وقوي قد يساهم في الترويج لمنتجها الأثري والثقافي والسياحي.
أغنية (ديسباسيتو) للمطرب العالمي لويس فونسي، ساهمت في زيادة السياحة إلى بورتريكو بنسبة كبيرة
وتابع “هناك تجربتان مهمتان في هذا الصدد، هما أولا المسلسلات التركية التي ساهمت في زيادة السياحة العربية إلى تركيا، وثانيا أغنية ‘ديسباسيتو’ للمطرب العالمي لويس فونسي، حيث ساهمت في زيادة السياحة إلى بلده بورتريكو بنسبة كبيرة للغاية بسبب كليب الأغنية، وتم تكريمه من رئيس الدولة”.
وسفر الفنانين المصريين للتصوير في الدول الأوروبية المجاورة، ليس حبا منهم في دعم الدول الأخرى، لكن التصوير داخل مصر صار باهظا جدا وأصبحت “كل خطوة بفلوس”، ويشير بحزن إلى أن الفنانين العرب في الماضي كانوا يأتون إلى مصر لرؤية عبدالحليم حافظ أو رشدي أباظة، كما أن حفل أم كلثوم كان عاملا رئيسيا في تنشيط السياحة في مصر، وكذلك الحال مع مسرحيات عادل إمام.
وفكرة أن السينما وحدها التي تصنع تاريخ الفنان راسخة ثابتة لدى الكثير من الناس، غير أن طارق لطفي يرفض ذلك، ويشير إلى أنه عقب أحداث 25 يناير 2011 اتجه الفنانون إلى الدراما ما ساهم في نقل الأعمال التلفزيونية إلى مرحلة التساوي مع الأفلام السينمائية، إلاّ أن الفرق الوحيد بين السينما والفيديو هو اقتصاديات الإنتاج.
ودلّل على ذلك بأن هناك أعمالا تلفزيونية ما زالت تعرض وتُباع إلى اليوم والناس يتذكرونها جيدا، مثل مسلسلاته “سارة” و”بعد البداية” و”العائلة” و”شهادة ميلاد”، كما أن المكتبة الرقمية جعلت المسلسلات مؤرخة بسبب انتشار الفضائيات والتطور التكنولوجي.
وتساءل “ماذا تعني إعادة العرض التي تصل إلى عشرات المرات؟ أليس هذا بمثابة تأريخ؟”، وأضاف “سيُقال عني أنني أول ممثل عربي أنقص وزنه 20 كيلوغراما وخاطر بصحته وحياته لعمل مسلسل ‘شهادة ميلاد’، وأي ممثل سيخطو هذه الخطوة بعد ذلك فسوف يقولون: فعل مثل ما فعل طارق لطفي”.
القادم رومانسي
في مسلسله الجديد “بين عالمين” من إخراج أحمد مدحت، والذي سيعرض على فضائية “سي بي سي” أول أكتوبر المقبل، يبتعد طارق لطفي عن الأكشن، بتقديم التشويق والتمثيل معا، فهو يجد أن العلاقات الإنسانية تحمل الكثير من التشويق، لأن المشاهد دائما يكون في تساؤل عما سيحدث في مسار الأحداث.
سفر الفنانين المصريين للتصوير في الدول الأوروبية المجاورة، ليس حبا منهم في دعم الدول الأخرى، لكن التصوير داخل مصر صار باهظا جدا
والأعمال الرومانسية في تقديره لا تتم كتابتها بشكل جيد في مصر، فرومانسية الجيل الجديد مختلفة ولم تعد رومانسية الوردة وأغنيات عبدالحليم، ورغم ذلك ما زالت تُكتب بالطريقة القديمة نفسها حتى اليوم.
ويتوقع أن تظهر مواسم تنافسية جديدة بعيدا عن شهر رمضان، في حال نجح مسلسله “بين عالمين” جماهيريا، سوف يفكر المنتجون والقنوات الفضائية في عمل موسم درامي رمضاني وموسم آخر خارجه، “وأعتقد أن الموسم غير الرمضاني سيحقق مكاسب أكثر”.
وبرّر غضبه وحزنه لعدم اللحاق بموسم رمضان الماضي بأن ذلك من حقه “فالحزن مكفول لي.. لكن الإحباط مستحيل لأنني دائما أظن بالله ظن الخير ومتأكد من أن الله سيأتيني بالمكتوب في الميعاد الصحيح”.
ورغم التزامه المعروف إلى درجة أنه يواصل التصوير لنحو 16 ساعة، إلاّ أنه يصف نفسه بأنه شخص ملول، ويجد أن المسرح صعب ويتطلب تأدية نفس المشاهد كل يوم، موضحا أنه لن يخوض هذا الالتزام إلاّ إذا استفزه نص مسرحي جيد.
واختتم طارق لطفي حواره مع “العرب” بتأكيد أنه يؤهل نفسه جيدا لتبادل الأدوار، إذ الفن لا يتوقف عند أحد ولا على أحد، وقال “يمكن أن يكون أمامي 5 أو 10 سنوات فقط في تصدر الدور الأول، لكنني سأظل ممثلا بقيمتي، فالمكان يمكن أن يذهب أو يتراجع، لكن المكانة لا يمكن أن تتراجع”.