طارق البخاري يشق طريق الإخراج بعد ثلاثة عقود من التمثيل

فنان مغربي يحتفظ بمخزون فني كبير من حيث الموهبة والقدرة على تقديم أدوار متنوعة ومؤثرة في السينما والدراما.
الأحد 2025/02/09
اجتهاد مستمر في تقديم أدوار متنوعة

الرباط- يعتبر طارق البخاري أحد الوجوه الفنية المغربية التي تمتلك إمكانيات هائلة لم تستغل بشكل كامل في مختلف مجالات الفن، سواء في المسرح أو السينما أو الدراما التلفزيونية، رغم مشاركاته المتعددة في أعمال فنية كثيرة.

لا يزال هذا الفنان يحتفظ بمخزون فني كبير من حيث الموهبة والقدرة على تقديم أدوار متنوعة ومؤثرة، ويتمتع بأسلوب مميز واجتهاد يجعل منه ممثلا قادرا على تقديم أدوار معقدة في مختلف السياقات، بينما تواجده في الأعمال الفنية لم يكن بالشكل الذي يعكس كامل طاقاته، وهذا يفتح المجال لأسئلة حول فرصته في تقديم أدوار أكثر تحديا في المستقبل، سواء على خشبة المسرح أو في السينما أو من خلال المسلسلات الدرامية.

قدرات فنية

◄ طارق البخاري يطالب بإنشاء نظام عادل يضمن التوزيع السليم للفرص ويعزز من مكانة المهنة ويحفظ كرامة الفنانين

يبرز طارق البخاري حضوره القوي في الساحة الفنية المغربية بفضل أدائه المعقول واجتهاده في التكيف مع مختلف الأدوار، سواء الدرامية أو الكوميدية، مدركا أن العمل الفني هو لعبة جماعية تتطلب انسجاما وتعاونا بين الطاقم الفني والتقني لتحقيق النجاح، وهو ما نشاهده في أعماله التي نالت إعجاب الجمهور المغربي بطريقة أو بأخرى.

ويدرك البخاري أن الكوميديا لون فني ينبغي أن يحمل رسالة ورؤية واضحة ولو بالضحك، لهذا يشارك في أعمال كوميدية مقبولة نسبيا، لكنه في الوقت ذاته يلفت إلى أن الجمهور المغربي أحيانا  يكوّن مفاهيم سلبية عن الفكاهة، معتقدا أن الكوميديا تقتصر على الهزل، في حين أن الكوميديا الهادفة تتطلب كتابة دقيقة وبناء دراميا قويا.

وهنا يؤمن البخاري بأهمية النقد البناء في تطوير العمل الفني. ويؤكد أن الممثل يجب أن يسعى دائما لتحسين أدائه وليس البحث عن المديح المجاني على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن بعض الأعمال قد تتعرض للظلم بسبب ضعف الترويج أو التوقيت غير المناسب للبث، رغم أنها تتمتع بجودة فنية عالية.

 ويعرف طارق البخاري في السينما من خلال مشاركته في أفلام معروفة لدى الجمهور، مساندا للطاقات المغربية التي استطاعت تحقيق النجاح في أعمال أجنبية، ويثبت أن الممثل المغربي قادر على التألق متى أُتيحت له الفرصة المناسبة، كما حصل على جوائز مهمة، من بينها جائزة أفضل ممثل في مهرجان مكناس وجائزة أخرى في الرباط، وهناك انسجام كبير بينه وبين بعض الممثلين، مثل رفيق بوبكر، إذ يجمعهما توافق في الرؤى الفنية، ودائما يوضح أن القرار بشأن العمل مع رفيق يعتمد على الكتابة والإخراج، وليس فقط على رغبة الممثلين، وأن يتم استثمار هذه الكيمياء الفنية في أعمال جديدة تحقق نجاحا شعبيا.

الفنان المجتهد

◄ الكوميديا لون فني ينبغي أن يحمل رسالة ورؤية
الكوميديا لون فني ينبغي أن يحمل رسالة ورؤية

يظل طارق البخاري نموذجا للممثل المجتهد الذي يسعى دائما لتطوير أدواته الفنية، سواء في المسرح أو السينما أو التلفزيون، ويحرص على تقديم أعمال تحترم ذائقة الجمهور وتعكس تطلعاته، ويرى أنه من واجب الفنان أن يقدم أعمالا تعبر عن الهوية الثقافية للمجتمع المغربي بعيدا عن أي محاكاة سطحية، وأن التمثيل هو مرآة لواقع المجتمع، وليس مجرد وسيلة للربح المادي، ويحاول أن تكون الأعمال الفنية أكثر صدقا وواقعية، تعبر عن التحديات والطموحات الحقيقية للمغاربة، دون الحاجة إلى استجداء أو تلميع الصورة بشكل مغلوط.

ويشدد البخاري على أهمية دعم الممثل المغربي ومنحه الفرص العادلة داخل بلاده، مشيرا إلى أن إرسال الممثلين إلى الخارج للتدريب بأموال الجمهور يعد تقويضا حقيقيا للقطاع الفني المحلي، ويرى أن الفرص يجب أن تمنح للمستحقين، مع ضرورة ضمان الكفاءة في اختيار الوجوه الجديدة.

◄ الممثل في رأي البخاري يجب أن يسعى لتحسين أدائه وليس البحث عن المديح المجاني على وسائل التواصل

ويطالب الممثل بإنشاء نظام عادل يضمن التوزيع السليم للفرص ويعزز من مكانة المهنة ويحفظ كرامة الفنانين، معبرا عن ضرورة تقنين المجال الفني وتقديم حقوق الفنانين دون حاجة إلى المطالبة المستمرة، ويعتقد أن المشهد الفني المغربي بحاجة إلى إصلاحات حقيقية تضمن للفنانين حقوقهم وتدعمهم في مسيرتهم المهنية، من خلال قوانين واضحة تضمن لهم مكانة لائقة وتمنع التشويش الذي قد يؤثر على مستوى الأعمال المقدمة.

ويمضي طارق البخاري في مسيرته الفنية  متنقلا بين مراحل مختلفة وسط تغيرات تشهدها الساحة الفنية، فيواجه ظهور وجوه جديدة واختفاء أخرى، بينما تبقى الإشراقات الحقيقية نادرة، ويكرر المشهد بعض التفاصيل التي تجعله متذبذبا، ويرفض الانشغال بالتفاهات، ويصر على أن يكون النقاش حول الأعمال الفنية ذا قيمة، متجنبا الجدل العقيم، وممتنعا عن منح مساحة لمن يسعون إلى الترويج للبهتان أو بيع بطولات وهمية، بينما يواصل المشاركة في الأعمال الرمضانية، رغم الجدل الذي يحيط بجودة بعض هذه الإنتاجات. يواجه تأثير الحسابات التجارية على اختيار الممثلين، مما يترك العديد من الفنانين ذوي الخبرة والكفاءة خارج المشهد الإنتاجي، حتى وإن امتلكوا قدرات فنية مشهودة.

ويعبر عن موقفه تجاه المؤثرين الذين أصبحوا جزءا من المجال الفني، مؤكدا أن الموهبة يجب أن تكون الأساس، وليس فقط عدد المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، وينفتح على وجود المؤثرين الموهوبين، لكنه يرفض أن تتحول الشهرة الرقمية إلى المعيار الوحيد في الاختيار، متسائلا عن مكانة الكفاءة والموهبة في ظل هذه المعايير الجديدة.

أدوار متميزة

◄ ممثل برع في تقمص شخصياته
ممثل برع في تقمص شخصياته

يبرز طارق البخاري كأحد الأسماء البارزة في الساحة الفنية المغربية منذ ثلاثة عقود، وتلقى تكوينه الفني بمعهد الدار البيضاء تحت إشراف الفنان محمد عفيفي، من خلال مشاركته في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، ساهم في إثراء تجربته الفنية، ويحقق حضورا قويا في الساحة الفنية المغربية والدولية.

حصل الممثل على جائزة أحسن تشخيص في المهرجان الدولي لسينما المؤلف عن دوره في فيلم “حديث اليد والكتان” لعمرو رايبي، وهو الإنجاز الذي تكرر بحصوله على الجائزة نفسها في مهرجان روتردام، كما جسد دور البطولة في الفيلم الدولي “عملية الدار البيضاء” وبصم مكانته كممثل ذي حضور قوي في الإنتاجات العالمية ولو نسبيا.

◄ البخاري يدرك أن الكوميديا لون فني ينبغي أن يحمل رسالة ورؤية واضحة ولو بالضحك

ويستمر طارق البخاري في تقديم أدوار متميزة ومنها أفلام مثل “رحيل البحر” و”كازا داي لايت” و”الحب القاتل” و”طلب عمل” و”حديث اليد والكتان” الذي حقق له إشادة واسعة، وواصل تألقه في أفلام مثل “العقبة ليك” و”القرصان الأبيض” و”غرام وانتقام”.

كما شارك في إنتاجات تلفزيونية حديثة مثل “شوك الورد”، وهذا يفسر استمرارية نجاحه في الدراما المغربية، بينما قدم أعمالا درامية مهمة جسد فيها أدوارا متميزة منها “كنال 36″ و”سير حتى تجي” و”المستضعفون” و”البعد الآخر”، وحقق شهرة واسعة من خلال أدواره في “عقبة ليك” و”صالون شهرزاد” ومسلسل “وعدي” بجزأيه و”دار الغزلان” و”سلامات أبو البنات”، ويستمر في تقديم شخصيات متجددة في مسلسلات مثل “ولاد المرسى” ومسلسل “جوج وجوه” و”من فم السبع” و”بات بنتو”، وهذه أعمال تجعله من أكثر الممثلين حضورا على الشاشة المغربية.

ممثل قادر على تقديم أدوار معقدة

 

8