ضوابط مصرية صارمة للاستثمار العقاري لضمان حقوق المشترين

أقرت مصر ضوابط جديدة لرفع التكاليف على المطورين العقاريين، ووضعت وزارة الإسكان رقابة أكثر صرامة، ما يفيد كبار المستثمرين في القطاع وزيادة معاناة الشركات المتوسطة والصغيرة في السوق.
القاهرة - وافقت الحكومة المصرية على وضع قيود جديدة على المطورين العقاريين وزادت من ضوابط بيع وحدات مشروعات التطوير العقاري بهدف الحفاظ على حقوق المشترين وتقليل مخاطر السوق.
وتكمن أهمية هذا التوجه في تنشيط السوق العقاري الذي يصطحب معه نحو 99 نشاطا اقتصاديا مرتبطا بهذا المجال، وبالتالي فالبطء في تنفيذ مشاريع هذا القطاع يُنذر بأزمة تنعكس على معدل النمو الاقتصادي الذي يعاني أصلا.
وكشفت بيانات حديثة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وجود تباطؤ، إذ بلغ إجمالي الوحدات السكنية التي نفذها القطاع الخاص 194.2 ألف وحدة بنهاية 2020 باستثمارات تناهز 4 مليارات دولار مقابل 281.3 ألف وحدة بنهاية 2019 باستثمارات قدرها 5 مليارات دولار.

محمد البستاني: الخطوة تُربك الأسواق وتعزز تعافي قطاع الإسكان مستقبلا
وتلزم الضوابط الجديدة المطورين العقاريين بتوقيت معين وتحديد كيفية البدء بالتسويق للوحدات وحجم رأس المال الذي ينبغي تخصيصه لكل مشروع.
كما تلزمهم بتقديم تقارير مالية نصف سنوية عن مشاريعهم وأنشطتهم إلى الجهات المسؤولة مع اعتمادها من مراقبي الحسابات، وإنشاء حساب مصرفي منفصل لكل مشروع بحيث يتمكن المدقق المالي من متابعة تمويل المشروع.
وتُجبر القواعد الجديدة كذلك المطورين على تقسيم المشروع إلى عدة مراحل، تخضع كل مرحلة إلى موافقة وزارة الإسكان قبل الشروع في عملية البيع من المرحلة التالية.
وتعزز هذه الخطوة سرعة التسليم والحد من نزاعات قضائية تترتب على المخالفات التي كان يرتكبها بعض المطورين ويتحملها الأفراد.
وتُلزم الضوابط أيضا المطورين بإثبات قدرتهم على تمويل كل مرحلة من مراحل مشاريعهم عبر إيداع رأس المال المطلوب بالحساب البنكي الخاص بالمشروع.
ويشمل ذلك 3 في المئة للمشاريع الأكبر من ألف فدان، وخمسة في المئة للمشاريع الممتدة بين 500 إلى ألف فدان، و10 في المئة للممتدة على مساحة تتراوح بين مئة إلى 500 فدان.
وعلاوة على ذلك 15 في المئة للمشاريع الممتدة من 50 إلى مئة فدان، و20 في المئة على الأقل من قيمة المشاريع التي تقل عن خمسين فدانا، ما يؤكد أن البقاء في الاستثمار بالقطاع العقاري سيكون للأقوى وأصحاب رأس المال الوفير.
ورغم حاجة السوق المصرية إلى نحو نصف مليون وحدة سكنية سنويا، يرى خبراء من الضروري تسهيل التمويل بوسائل عديدة للقطاع الخاص في ظل قيام الحكومة بتنفيذ مشاريع تنمية عمرانية كبيرة ووحدات للإسكان الاجتماعي تنافس الشركات العاملة في هذا المجال.
لكن القطاع الخاص يحتاج إلى تمويل طويل الأجل بسعر فائدة مناسب كي يتوافق سعر الوحدة مع مستوى الدخل.
ومن البنود المهمة أيضًا في الضوابط، إلزام المطور العقاري، حال حصوله على قرض، بفتح حساب مدين للمشروع أو المرحلة، يجري سداد القرض منه، وعليه فتح حساب بنكي منفصل لجمع مبالغ الصيانة من المشترين وعدم استخدامها لتمويل مراحل المشروع.
وأكد محمد البستاني رئيس جمعية مطوري القاهرة الجديدة أن القرارات تُربك الأسواق خلال الأجل القصير، ويترتب عليها ظهور سوق أكثر تعافيا وانضباطا على الأجل الطويل.
ولفت إلى عدم التطبيق الفوري في البنود المتعلقة بالالتزامات المالية، مع منح المطورين مهلة لا تقل عن عام.

وقال في تصريحات لـ”العرب” إن “دخول الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان كرقيب في المشاريع السكنية من شأنه منع المطورين من تغيير أي خطط في تنفيذ مراحل المشروع والتحول عن العقود مع المشترين”.
ورغم إيجابية القرارات، وهي في ظاهرها تؤكد حرص الحكومة على مصلحة المشترين، لكنها تمثل عبئا جديدا وتكلفة إضافية على المطورين العقاريين يتحملها المستهلك في النهاية عبر ارتفاع جديد للأسعار المتضخمة للوحدات.
ويراهن المطورون على تصدير العقارات لتنشيط القطاع مع الاتجاه إلى بناء وحدات سكنية فاخرة، والاستفادة من فارق العملة بين الجنيه والدولار، وكذلك سعر الصرف مع العملات الخليجية، الأمر الذي يظهر سعر الوحدات رخيصة مقارنة بمستويات الدخل في تلك الدول.
وإذا عزمت الحكومة على تنشيط بيع العقارات وتوفير وحدات إسكان للشباب عليها أن تقوم بخفض أسعار الأراضي للمطورين، لأن تكلفة الأراضي تستحوذ على نحو 30 في المئة من ثمن الوحدة العقارية، وتتوزع النسبة الباقية على مدخلات الإنتاج والتشغيل وربحية المطور.

آدم زيان: قرارات تمنع الاحتيال وتضمن تسليم الوحدات في مواعيدها
ويتراوح سعر متر الأرض بين 255 و640 دولارا، ما يتسبب في رفع سعر الوحدة السكنية التي تصل مساحتها إلى 90 مترا إلى نحو 58 ألف دولار، وهو مبلغ يفوق قدرات شرائح كبيرة من متوسطي الدخل في مصر.
وأوضح آدم زيان خبير العقارات المصري لـ”العرب” أن القرارات الجديدة تضبط سوق الإسكان، وقد تدفع بعض الأفراد إلى الشراء خلال الفترة المقبلة.
واعتبرها تبث الطمأنينة في نفوس الأفراد وتمنع عمليات الاحتيال التي يشهدها السوق من جانب بعض الشركات التي بددت أموال بعض المشترين أو تأخرت في التسليم أكثر من خمس سنوات.
ويبرر أصحاب المشاريع ارتفاع أسعار العقارات في مصر بزيادة أسعار الخامات ومستلزمات البناء، لكن العديد منهم استغلوا تعطل حركة التشييد لفترة طويلة، ومع عودتها وارتفاع أسعار الخامات رفعوا الأسعار رغم أن البناء كان يتم بالأسعار القديمة استغلالاً لموجة التضخم.
وأشار زيان إلى أن شمول الضوابط على وجود غطاء مالي للمشاريع من شأنه تسليم الشركات للوحدات في مواعيدها، لأنها تُلزم المطور بفتح حساب لكل مرحلة من المشروع وإيداع قيمة التكاليف، ومن ثم لن يُقبل المستثمرون على الشروع في مرحلة جديدة أو بدء مشروع آخر لحين الانتهاء من المرحلة الحالية.
وتسعى الحكومة إلى تنشيط السوق عبر مبادرات التمويل العقاري وشروط تطبيقها، وآخرها منذ أسبوعين عندما أعلنت الهيئة العامة للرقابة المالية الموافقة على إمكانية تمويل الوحدات تحت الإنشاء.
ومع أنها خطوة مفيدة للشركات، لكنها تصطدم بضوابط البنك المركزي في منع إقراض شركات التمويل العقاري أموالا توظفها في القروض على وحدات سكنية ما زالت تحت الإنشاء.
وحاليا ثمة مفاوضات بين الجهات الرقابية بالتدخل لمخاطبة المركزي لأجل تعديل هذا البند، ما يعزز من قدرة شركات التمويل العقاري على الاقتراض لتعزيز الملاءة المالية وتغطية الطلب المتزايد لتمويل وحدات تحت الإنشاء.
اقرأ أيضاً: التضخم في مصر يتراجع لأول مرة منذ ستة أشهر