ضغوط نيابية مسبقة على رئيس الحكومة الكويتية المكلف لمراعاة عامل الوفاق مع البرلمان

تخوّف داخل البرلمان الكويتي من حكومة قوية تقطع مع حالة الضعف التي ميّزت حكومة الشيخ نواف الأحمد المقالة.
الاثنين 2024/01/15
هل يفقد المجلس بعضا من سطوته

الكويت - استبق نواب في مجلس الأمّة الكويتي تشكيل حكومة جديدة، بمحاولة تسليط الضغوط على رئيسها المكلف الشيخ محمد صباح السالم ودفعه إلى مراعاة عامل التوافق مع المجلس في اختيار الوزراء تحت عنوان تجنّب تعيين شخصيات “تأزيمية”، وفق تعبير بعض النواب.

ويعكس ذلك حالة من التخوّف النيابي من مجيء حكومة قوية تقطع مع حالة الضعف التي ميّزت حكومة الشيخ نواف الأحمد المقالة وأتاحت للنواب فرض أجندة تشريعية اكتست طابعا شعبويا بالتركيز على تعظيم المكاسب الاجتماعية على حساب إصلاح الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، فيما أتاحت تمرير مطالب تتضمّن مكاسب شخصية وحزبية وقبلية مثل مطلب العفو عن مدانين من قبل القضاء واسترجاع جميع حقوقهم المدنية والسياسية.

حمدان العازمي: استبعاد أي وزير تأزيمي من التشكيل الجديد
حمدان العازمي: استبعاد أي وزير تأزيمي من التشكيل الجديد

وتُضاعف تخوّفات أعضاء المجلس طبيعة الرؤية التي يرجّح أن يعمل رئيس الوزراء المكلف على تطبيقها، وهي رؤية أمير البلاد الجديد الشيخ مشعل الأحمد الصباح التي عبّر عنها بوضوح خلال خطابه في جلسة أداء اليمين الدستورية أمام البرلمان، مؤكّدا على وجود “استحقاقات وطنية ينبغي القيام بها من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لصالح الوطن والمواطنين”، وموجها انتقادات شديدة للسلطتين اللتين تعاونتا “واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد”.

وتضمنت رسائل سياسية وجّهها البرلمانيون إلى الشيخ محمّد صباح السالم مطالبة ضمنية بإشراك المجلس في عملية اختيار أعضاء حكومته، والاستمرار في تنفيذ بنود الأجندة التشريعية التي تمّ إقرارها من قبل البرلمان في عهد سلفه الشيخ أحمد النواف. كما حدّدت مواصفات الشخصيات المطلوب تعيينها في المناصب القيادية.

وبرزت من ضمن المواصفات تجنّب تعيين الشخصيات المرفوضة من قبل النواب بحجة أنّها مثيرة للمشاكل والأزمات.

ودعا النائب حمدان العازمي إلى حسن اختيار الوزراء في التشكيل الحكومي المرتقب والابتعاد عن إعادة توزير أي وزير “تأزيمي” أو تحوم حوله شبهات سواء في الحكومة المستقيلة أو أي حكومة سابقة. وقال إنّ “التشكيل الحكومي القادم هو الأهم خلال التاريخ الكويتي الحديث خاصة أنه يتعلق بتحديد مسار وتغيير نهج حكومي تسبب في شلل تنموي وسياسي شبه تام على مدى سنوات”.

وطالب النائب حمد المدلج من جهته بتوسيع دائرة الاستشارة في اختيار أعضاء الحكومة الجديدة، داعيا رئيس الوزراء المكلّف إلى معرفة “الشارع الكويتي وما هي طموحاته”.

كما ذكّر بحكومة الشيخ صباح الخالد التي قال إنّها “سقطت بتحالف سياسي خاطئ وسيّء”، وبحكومة الشيخ أحمد النواف الأولى التي “سقطت في ساعات بسبب اختيار بعض الأسماء المرتبطة بحقبة سابقة فاسدة”، داعيا الشيخ محمد صباح السالم إلى أن تكون حكومته المقبلة “قوية ومقبولة وذكية ولها غطاء سياسي”.

ويستأنف مجلس الأمّة الكويتي الثلاثاء أشغاله بناء على دعوة وجهها رئيسه أحمد السعدون لعقد جلسة علنية، وذلك بعد أن كان قد رفع جلسته السابقة في الثامن من شهر يناير الجاري بسبب عدم حضور أعضاء الحكومة، وهو الأمر الذي أثار غضب عدد من النواب لما ينطوي عليه من تعطيل لعملية تنفيذ أجندتهم التشريعية.

أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد اختار الشيخ محمد صباح السالم لتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة الشيخ أحمد النواف المستقيلة

وانتقد النائب داود معرفي “عرف عدم انعقاد الجلسات لعدم حضور الحكومة” قائلا إنّه “أمر غير مقبول”. وأشار إلى وجود “خارطة تشريعية اتفق عليها الأغلبية من النواب وكان من الأجدى أن نستمر فيها حتى إذا لم تحضر الحكومة، لأن صحة انعقاد الجلسات بحضور أغلبية أعضاء المجلس”، مضيفا قوله “مطلوب حضور الجلسات والالتزام بالخارطة التشريعية حتى لو كانت الحكومة الجديدة ترغب في التغيير”.

أما النائب عبدالله المضف فقد عبّر عن تمسّكه بأن “حالات عدم انعقاد الجلسات تتمثل في تطبيق المادة السادسة بعد المئة من الدستور أو حل المجلس أو عدم توافر العدد القانوني للانعقاد، وغير ذلك يعتبر إخلالا بمبدأ فصل السلطات”.

وكان أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد قد اختار الشيخ محمد صباح السالم لتشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة الشيخ أحمد النواف المستقيلة. واعتبر هذا الاختيار انعكاسا لرغبة الأمير في إرساء نهج سياسي جديد وعزما على تنشيط عملية محاربة الفساد، نظرا لما يمتلكه رئيس الوزراء المكلّف من “خبرة ومؤهلات أكاديمية ما يسمح له بتنفيذ الإصلاحات التي تدور في رأس الأمير”، وفق تعبير أحد المطّلعين على الشأن الكويتي.

3