ضغوط على كبار الملوثين لتحمل تكاليف مكافحة المناخ

تخوض الدول الضعيفة ومحدودة الدخل المعرضة بشكل متزايد لتأثيرات تغير المناخ جولة جديدة في معركة طويلة مع الاقتصادات الغنية، التي تتلكأ في تمويل الاحتباس الحراري على النحو الكافي وتضغط عليها لتحمل التكاليف، بما يحقق الأهداف المخططة لها.
نوكي الوفا (تونغا) - دعت قمة رئيسية للدول الجزرية في المحيط الهادئ افتُتحت الاثنين، البلدان المتسببة بالانبعاثات الملوثة إلى تغطية الكلفة المالية لذلك، وقال ممثل جزيرة توفالو “إذا كنتم تتسببون بالتلوّث فعليكم أن تسددوا الكلفة”.
وانطلق منتدى جزر الهادئ في نوكي الوفا عاصمة تونغا حيث يأمل القادة في لفت الانتباه الدولي إلى مشكلة المناخ التي تزداد سوءا في المنطقة.
وقال وزير المناخ في توفالو مينا تاليا لوكالة فرانس برس على هامش القمة “نحتاج حقا لضمان مواصلة الضغط على البلدان الأكثر تسببا للتلوّث لكي تتحرّك”. وأضاف “يتعيّن طرح مسألة قيام المتسببين بالتلوّث بالدفع”.
وتقترح الدول الفقيرة ومحدودة الدخل والمنطقة العربية أن تقدم الدول الغنية 441 مليار دولار من التمويل العام سنويا في شكل منح، وذلك للاستفادة من إجمالي 1.1 تريليون دولار سنويا من مصادر أوسع.
ودفعت الدول الجزرية الصغيرة المعرضة لتغير المناخ إلى فرض قواعد أكثر صرامة بشأن ما يعتبر مهما لتحقيق الهدف، واقترحت منع القروض بأسعار فائدة أعلى من واحد في المئة، لتجنب زيادة ديون الدول الفقيرة المرتفعة بالفعل.
ومعظم الأموال العامة للمناخ التي تقدمها الدول المتقدمة هي قروض، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتختلف البلدان أيضا حول من يجب أن يساهم. وهناك عشرين دولة صناعية منذ فترة طويلة ملزمة حاليا بالمساهمة في تمويل الأمم المتحدة للمناخ.
وتم تحديد هذه القائمة خلال محادثات المناخ التي أجرتها الأمم المتحدة في عام 1992، عندما كان اقتصاد الصين لا يزال أصغر من اقتصاد إيطاليا.
ومن المقرر أن يهيمن هذا الأمر على قمة كوب 29 في أذربيجان خلال نوفمبر المقبل، حيث تحتاج الحكومات إلى الاتفاق على هدف تمويل سنوي جديد لمساعدة الدول الفقيرة على خفض انبعاثاتها وحماية مجتمعاتها في عالم أكثر قسوة وسخونة.
ومن المتوقع أن يحل الهدف الجديد محل 100 مليار دولار سنويا الذي تعهدت به البلدان الغنية لتمويل المناخ اعتبارا من عام 2020. وقد تحقق هذا الهدف بعد عامين.
ومع ذلك، سيضغط قادة منطقة الهادئ في وقت لاحق هذا الأسبوع لإنشاء صندوق للتأقلم مع المناخ، وهي فكرة تعتمد إلى حد كبير على مساهمات مالية من الدول الأخرى.
كما سيضغطون من أجل تسريع التخلي عن النفط والغاز وغيرها من مصادر الوقود المسببة للتلوّث.
وقال تاليا “لا يمكننا التعامل مع مسألة تغيّر المناخ من دون التطرّق إلى السبب الأساسي، وهو قطاع الوقود الأحفوري”. وتابع “إنها كارثة تلو الأخرى. نفقد قدرتنا على إعادة البناء وتحمّل إعصار أو فيضان آخر”.
وتحرج هذه المواقف أستراليا، القوة النشطة في مجال تعدين الفحم والتي تحاول متأخرة تلميع صورتها كدولة صديقة للبيئة.
441
مليار دولار مبلغ عادل بالنسبة للدول الضعيفة من 100 مليار دولار سنويا في السابق
وتسعى أستراليا للمشاركة في استضافة مؤتمر (كوب 31) للمناخ إلى جانب جيرانها في الهادئ عام 2026، لكن سيتعيّن عليها أولا إقناع التكتل بأنها جادّة بشأن خفض الانبعاثات.
وفي خطوة نادرة من نوعها تهدف لتسليط الضوء على التهديدات المرتبطة بالمناخ التي تواجهها منطقة الهادئ، يحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القمة.
وقال غوتيريش إن “القرارات التي يتّخذها قادة العالم في السنوات المقبلة ستحدد مصير سكان جزر الهادئ أولا، ومن ثم كل ما تبقى” في العالم. وأضاف “إذا أنقذنا الهادئ، فسننقذ العالم”.
واضطر كبار المسؤولين الأجانب للبحث عن ملاذ عندما ضرب زلزال بقوة 6.9 درجات قبالة سواحل تونغا في وقت مبكر الاثنين، لكن لم تسجّل أي أضرار كبيرة أو إصابات ولم يصدر أي تحذير من تسونامي.
وخلف الود الظاهري، تنشأ تصدّعات نادرة من نوعها ضمن التكتل الذي يضم 18 عضوا، إذ تسود انقسامات حيال طموحات الصين الأمنية في المنطقة.
وقال أمين عام المنتدى بارون واكا، الرئيس السابق لناورو، “نجتمع في فترة مفصلية في تاريخ منطقتنا. نحن في قلب المصالح الجيوسياسية العالمية”.
وبدت المصالح الصينية خصوصا جلية قبل إلقاء واكا كلمته الافتتاحية بوقت طويل إذ وضعت لافتات كبيرة كتب عليها “مساعدة صينية” خارج مقر انعقاد المؤتمر الذي قدمته بكين هدية بقيمة 25 مليون دولار.
الدول الفقيرة ومحدودة الدخل والمنطقة العربية تقترح أن تقدم الدول الغنية 441 مليار دولار من التمويل العام سنويا في شكل منح
في الأثناء، أرسلت الولايات المتحدة مساعد وزير الخارجية كورت كامبل على رأس وفدها إلى المنتدى.
وكان كامبل من بين أبرز الشخصيات خلف المساعي التي قادتها واشنطن للحد من طموحات الصين في الهادئ. وحذّر واكا الذي سبق وعبّر عن عدم رضاه عن المنافسة المتصاعدة بين بكين وواشنطن “علينا البقاء متأهبين حيال القضايا المتعلقة بالأمن الإقليمي”.
تعد أزمة منطقة كاليدونيا الجديدة الفرنسية التحدي الأمني الآخر الذي يواجه قادة منطقة الهادئ وتم التطرّق إليها في اليوم الأول للقمّة.
وقال رئيس وزراء تونغا سياوسي سوفاليني “علينا الوصول إلى توافق بشأن رؤيتنا المرتبطة بمنطقة تنعم بالسلام والأمن”. وأضاف “علينا احترام رؤية أجدادنا فيما يتعلّق بحق تقرير المصير، بما في ذلك في كاليدونيا الجديدة”.
ويخشى معظم سكان كاليدونيا الجديدة من شعب الكاناك الميلانيزي من أن تؤدي إصلاحات في نظام التصويت طرحتها فرنسا مؤخرا إلى تقويض حلمهم بالاستقلال.
وتتردد أصداء هذه القضية على نطاق واسع ضمن تكتل الهادئ الذي يضم مستعمرات سابقة باتت تفتخر بشكل كبير بسيادتها التي نالتها بصعوبة.
وبينما لم تذكر مسألة التعدين في عمق البحر الجدلية على أي جدول أعمال رسمي، إلا أنها ستُطرح على الأرجح للنقاش خلف أبواب مغلقة.
وتونغا المستضيفة للمنتدى في مقدمة الدول الساعية لفتح القطاع الناشئ إلى جانب ناورو وجزر كوك، لكن دولا أخرى مثل ساوا وبالاو وفيجي ترى فيه كارثة بيئية وتدعم بالكامل وضع حد له على الصعيد الدولي.