ضغوط دولية تخرج باتيلي من سلبيته: نحذر من المبادرات الأحادية

المبعوث الأممي ينتهج سياسة المسايرة ومجاراة الأمر الواقع دون خطط واضحة.
الجمعة 2023/07/28
مبعوث منكفئ على نفسه بمواجهة تعقيدات كثيرة

طرابلس- رجحت أوساط سياسية ليبية أن يكون المبعوث الأممي عبدالله باتيلي قد تعرض لضغوط من قبل الدول التي مازالت تراهن على رئيس الحكومة الحالي عبدالحميد الدبيبة وترفض مقترح مجلس النواب (البرلمان) والمجلس الأعلى للدولة الذي يقضي بتشكيل حكومة جديدة، وهو ما دفعه إلى إصدار بيان يرفض ما أسماه المبادرات الأحادية الساعية لتشكيل حكومة جديدة.

وقالت هذه الأوساط إن حضور الدبيبة الأخير لمؤتمر روما واللقاءات الجانبية التي عقدها مع عدد من القادة والمسؤولين الدوليين أثبتا أنه مازال يتمتع بثقة عدة دول عربية وأوروبية.

ورغم إعلانه إطلاق آلية للتوصل إلى توافق بشأن القضايا الخلافية، إلا أن السلبية التي يتعاطى بها باتيلي وغياب الحزم ضد الفاعلين المحليين، وخاصة مجلسيْ النواب والأعلى للدولة، يؤكدان القول بأنه ينتهج سياسة المسايرة ومجاراة الأمر الواقع دون خطط واضحة.

◙ جديّة جهود باتيلي تظل محل شكّ طالما أنه لم يسحب مهمة إصدار القوانين الانتخابية من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة

وكان باتيلي أعلن في 11 يوليو الجاري إطلاق آلية لـ”جمع المؤسسات والفاعلين الليبيين الرئيسيين، أو ممثليهم، للتوصل عبر المفاوضات الشاملة والحلول الوسط إلى تسوية نهائية بشأن أكثر القضايا إثارة للخلاف”.

ومنذ إعلانه عن الآلية أجرى باتيلي سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين الليبيين، من بينهم الدبيبة وقائد الجيش المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.

وفي مؤشر على التخبط والتناقض تضمن بيان البعثة الأممية رفضا لما وصف بـ”الخطوات أحادية الجانب”، في إشارة إلى تشكيل حكومة جديدة، لكنه ذكر أن باتيلي “يكثف اتصالاته مع جميع الأطراف الرئيسية لتيسير التوصل إلى تسوية سياسية تجعل مشاريع قوانين الانتخابات قابلة للتنفيذ، والاتفاق على إنشاء حكومة موحدة جديدة، والتمكين من إجراء انتخابات ناجحة دون تأخير”.

ويقول مراقبون إن جديّة جهود باتيلي تظل محل شك طالما أنه لم يسحب مهمة إصدار القوانين الانتخابية من مجلسيْ النواب والأعلى للدولة، تماما كما فعلت المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز عندما تجنبت مماطلات المجلسين واختارت عددا من الشخصيات السياسية والاجتماعية لتشكيل ملتقى الحوار الذي انتهى بتشكيل حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي.

◙ المجلسان عن خارطة طريق منفصلة تتضمن استبدال حكومة الدبيبة قبل أي تحرك نحو الانتخابات الوطنية التي ستؤدي إلى استبدالهما

ويرى هؤلاء المراقبون أن باتيلي أثبت على مدى الأشهر الماضية عدم جديته في وضع حد للمماطلات، مستغربين عدم التقاطه الإشارات الصريحة والواضحة التي ظلت ستيفاني ويليامز ترسلها عبر تصريحات ومقالات تؤكد انتهازية مجلسيْ النواب والأعلى للدولة.

ويشير توافق المجلسين على تشكيل حكومة جديدة، مقابل المماطلة في إصدار القوانين الانتخابية، إلى أن الهدف الرئيسي هو إقصاء الدبيبة مقابل استمرار المجلسين إلى أجل غير محدد، طالما أن الخلافات حول شروط الترشح للانتخابات مازالت قائمة ولا شيء يضمن أن تنتهي حتى بعد سنوات أخرى.

وحذرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الخميس من “مبادرات أحادية الجانب” لمعالجة الجمود السياسي في البلاد، في إشارة إلى خارطة الطريق التي تنص على تشكيل حكومة جديدة.

وقالت البعثة في بيان مشيرة إلى مقترحات الهيئتين التشريعيتين “إن أيّ إجراءات أحادية، على غرار محاولات سابقة في الماضي، يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة على ليبيا، وتتسبب في المزيد من عدم الاستقرار وإثارة العنف”.

وانتُخب مجلس النواب لولاية مدتها أربع سنوات في عام 2014 وتم إنشاء المجلس الأعلى للدولة في عام 2015 من هيئة تشريعية سابقة انتُخبت في عام 2012. وبموجب اتفاق عام 2015، الذي يحظى باعتراف دولي، لكل من المجلسين رأي في التطورات السياسية الرئيسية، لكنهما ليسا متفقين حول صلاحيات كل منهما.

وركزت جهود دبلوماسية للأمم المتحدة هذا العام على دفعهما إلى الاتفاق على تغييرات دستورية وقانونية من شأنها أن تسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لكنهما أخفقا حتى الآن في وضع اللمسات الأخيرة على تلك التغييرات.

وقال باتيلي قبل يومين في بيان آخر إن “قانونيْ الانتخابات بشكلهما الحالي لن يُمكنا من الوصول إلى انتخابات ناجحة”.

وبدلا من ذلك أعلن المجلسان عن خارطة طريق منفصلة تتضمن استبدال حكومة الدبيبة قبل أي تحرك نحو الانتخابات الوطنية التي ستؤدي إلى استبدالهما.

وقال المجلسان إنهما ما زالا يناقشان “بعض الملاحظات” من خارطة الطريق، وذلك بعد موافقتهما عليها مبدئيا. وتهدف خارطة الطريق إلى تشكيل حكومة مؤقتة جديدة للإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

1