ضغوط داخلية وخارجية تربك جونسون في الانتخابات

رئيس المجلس الأوروبي المنتهية ولايته دونالد توسك يحذر الناخبين من انهيار بريطانيا بعد تنفيذ بريكست.
الجمعة 2019/11/15
توجس من انفلات الأمور

واجه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الخميس، صفعات متتالية أولها وجهها له رئيس المجلس الأوروبي المنتهية ولايته، الذي حاول ثني الناخبين البريطانيين عن منح المحافظين أصواتهم من خلال التحذير من تداعيات تنفيذ بريكست، وثانيها وجهها له حزب بريكست الذي اتهم المحافظين بممارسة ضغوط على مرشحيه لمنعهم من خوض الانتخابات.

بروكسل – وجّه رئيس المجلس الأوروبي المنتهية ولايته، دونالد توسك، الخميس تحذيراته للناخبين البريطانيين المستعجلين خروج بلادهم من التكتل الأوروبي والذين ينوون منح أصواتهم للمحافظين، بأن نفوذ بريطانيا سيتراجع بعد تنفيذ بريكست، وذلك تزامنا مع تصاعد الخلافات بين زعيم المحافظين بوريس جونسون وخصومه.

وأكد توسك أن بريطانيا لن تكون قادرة على منافسة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي بعد مغادرتها للاتحاد.

وقال، إن مؤيدي بريكست واهمون إن اعتقدوا أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيعيد لبلادهم نفوذها على الساحة الدولية، معتبرا أن بريكست يشكل “النهاية الحقيقية للإمبراطورية البريطانية”.

ويشكل بريكست أحد أبرز مواضيع الحملات الانتخابية في لندن الخلافية، وقد حض الساعين لإبقاء بريطانيا في التكتل إلى عدم فقدان الأمل في دعوة ضمنية للناخبين للتصويت إليهم وعدم السماح بخروج المملكة من التكتل.

نايجل فاراج: مرشحينا يتلقون مكالمات لمطالبتهم بعدم خوض الانتخابات
نايجل فاراج: مرشحينا يتلقون مكالمات لمطالبتهم بعدم خوض الانتخابات

ويعتبر عدد من مؤيدي بريكست البريطانيين أن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، الذي يعد أكبر تكتل تجاري في العالم، سيمكّن بريطانيا من نسج علاقات اقتصادية وثيقة مع دول أخرى حول العالم.

وقال توسك في كلمة أمام كلية أوروبا في براغ المتخصصة في إعداد الأجيال القادمة من بيروقراطيي الاتحاد الأوروبي، إنه “يمكن سماع حنين لعصر الإمبراطورية في أصوات هؤلاء، لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماما”، مضيفا أن “المملكة المتحدة لا يمكنها أن تلعب دورا عالميا إلا إذا كانت جزءا من أوروبا متّحدة”.

وتابع، “العالم يدرك ذلك. بعد خروجها ستصبح المملكة المتحدة دخيلا، لاعبا من الصف الثاني، فيما ساحة المعركة الرئيسية ستكون للصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”.

ويخوض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الانتخابات العامة متعهّدا بـ”تحقيق بريكست”، بعدما فشل في تنفيذ تعهّده بإخراج البلاد من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر.

وبعد فشله في أخذ تأشيرة من مجلس العموم لتنفيذ بريكست بالاستناد إلى الاتفاق الذي توصل إليه مع الأوروبيين، تمكن جونسون من الحصول على إرجاء جديد لعملية الخروج من بروكسل التي حددت يوم 31 يناير موعدا جديدا لدخول بريكست حيز التنفيذ.

وفي الجهة المقابلة للمحافظين يقف حزب العمال، الذي يتزعمه جيريمي كوربين معارضا لصفقة جونسون. ويتعهد الحزب بإعادة التفاوض حول اتفاق تنظيم الخروج من التكتل وإجراء استفتاء ثان حول بريكست، فيما تعهّد الديمقراطيون الليبراليون إلغاء بريكست برمّته.

وبخلاف انتقادات توسك يواجه جونسون اتهامات في الداخل ولو كانت غير مباشرة، إذ أكد، الخميس، نايجل فاراج زعيم حزب بريكست المؤيد لخروج المملكة من التكتل الأوروبي، أن حزب المحافظين يستخدم مجموعة من الأساليب “المشينة” في محاولة لمنع مرشحي حزب بريكست من خوض الانتخابات في 12 ديسمبر، وذلك في أعقاب هجمات سيبرانية تعرض لها الحزب خلال الأيام الماضية.

وأضاف فاراج، الذي كان قد قدّم هدية في وقت سابق لجونسون بإعلانه عدم ترشيح حزبه لمرشحين للمنافسة في 300 دائرة انتخابية فاز بها المحافظون في الانتخابات السابقة أن “ما يحدث الآن ليس سوى عمل مشين. تجري محاولة على نطاق واسع… لا يسعك إلا أن تعتقد أننا في فنزويلا“.

وذكر أن مرشحي حزب بريكست “يتعرضون لوابل لا يتوقف من المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني لمطالبتهم بعدم خوض الانتخابات. هذا يحدث في بريطانيا في القرن الحادي والعشرين“. وتزيد هذه الاتهامات من تعقيد مهمة جونسون، خصوصا إذا لم يتمكن من تحقيق فوز كاسح في الانتخابات ما قد يرغمه على اللجوء للتحالف مع حزب بريكست.

ولم يخف توسك، الذي يترك منصبه نهاية الشهر الحالي، معارضته لبريكست. وقال، إن “انتخابات المملكة المتحدة ستجرى في غضون شهر واحد”، متسائلا، “هل لا يزال ممكنا تغيير مسار الأمور؟”.

وتابع، “الكلمات الوحيدة التي تخطر في بالي اليوم هي ببساطة: لا للاستسلام. في هذه المباراة وصلنا إلى تمديد للوقت. نحن الآن في الشوط الإضافي، ربما تصل الأمور إلى الركلات الترجيحية”.

جونسون يواصل الدفاع عن موقفه
جونسون يواصل الدفاع عن موقفه

وبعد أيام قليلة على قول الرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية إن صدمة بريكست قرّبت الأعضاء الـ27 الباقين من بعضهم، أشاد توسك بوحدتهم خلال المفاوضات الشاقة مع لندن والتي استمرّت لأكثر من عامين.

وقال توسك، إن “الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي قد حافظوا على انضباط ذاتي ووفاء استثنائيين لبعضهم البعض، على الرغم من محاولات لندن إحداث استقطاب في هذه المفاوضات”.

وتأتي هذه المستجدات في وقت كان قد عانى فيه جونسون كذلك الويلات بسبب تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب وإن بدا يحاول من خلالها مساعدته على الخروج من مأزق بريكست.

وأكد ترامب أنه في حال خروج لندن من الاتحاد الأوروبي بالصفقة التي أبرمها رئيس الوزراء الحالي والاتحاد، فلن “تكون أمام بريطانيا فرصة إبرام اتفاق تجارة حر مع الولايات المتحدة”.

وفي محاولة منه لإظهار حسن نواياه، حث ترامب الأسبوع الماضي الأحزاب المناهضة للاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها حزب بريكست الذي يتزعمه نايجل فاراج من أجل تنفيذ بريكست.

ومن المنتظر أن تكون الانتخابات العامة التي ستجري في ديسمبر بمثابة الفرص الأخيرة للمحافظين لتنفيذ وعودهم بإخراج المملكة من التكتل الأوروبي وكسر جمود تنفيذ بريكست.

5