ضغوط المعيشة في غزة تدفع حماس إلى فتح قناة تنسيق مع إسرائيل

إطلاق شركات وساطة بين عمال القطاع والمشغل الإسرائيلي في سابقة هي الأولى من نوعها منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994.
الجمعة 2023/09/01
شركات تتولى توفير فرص عمل

غزة - سمحت حركة حماس حديثا بإطلاق شركات وساطة بين عمال قطاع غزة والمشغل الإسرائيلي في سابقة هي الأولى من نوعها منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994. وأعلنت لجنة متابعة العمل الحكومي التي تديرها حماس في غزة عن تفعيل نظام شركات التشغيل في القطاع تحت مبرر “المصلحة العامة للعمال ومنعا لاستغلالهم وابتزازهم ماليا، وفي ظل انتشار تجار وسماسرة تصاريح العمل”.

ويقوم النظام الجديد على اعتماد شركات تتولى توفير فرص عمل من خلال التواصل المباشر مع شركات إسرائيلية مشغلة. ويقول اقتصاديون إن الخطوة قد ترفع عدد عمال غزة في إسرائيل إلى 30 ألفا. ومن المعروف أن حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 بعد جولات اقتتال مع السلطة الفلسطينية، ترفض الاعتراف بإسرائيل وتقول إنها لا تقيم أي قنوات اتصال مباشرة معها.

وصرح وكيل وزارة العمل التابعة لحماس في غزة إيهاب الغصين بأن الوزارة فتحت المجال أمام أصحاب الشركات لترخيص شركاتهم وإتمام كافة الإجراءات اللازمة في وزارتي الاقتصاد والعمل كشركات مشغلة. وذكر الغصين أن 15 شركة تقدمت للعمل بالنظام الجديد، على أن تتواصل تلك الشركات مباشرة مع العمال بعد ترشيح الوزارة للتخصصات المطلوبة، مشيرا إلى أنه مع نهاية أغسطس 2023 ستتعامل الوزارة مع تصاريح المشغل التي تنفذها الشركات المرخصة فقط.

وبحسب إحصائيات فلسطينية رسمية، لدى 18500 عامل من قطاع غزة تصاريح للدخول إلى إسرائيل من أجل العمل. ويتم ذلك عبر نوعين من التصاريح، الأول هو “تصريح حاجات اقتصادية” الذي يفرض على العمال الراغبين بالسفر إلى إسرائيل تقديم طلب إلى وزارة العمل في غزة التي تنقله بدورها إلى هيئة الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية.

وتقول وزارة العمل في غزة إن نحو 150 ألف شخص في القطاع سجلوا بياناتهم للحصول على “تصريح حاجات اقتصادية” لكن الحصول على موافقة لطلباتهم يتسم بالبطء الشديد. وأما النوع الثاني من التصريح المسموح به لعمال غزة فهو “تصريح المشغل” الذي يقوم على التواصل المباشر مع صاحب عمل في إسرائيل، من دون تقديم البيانات للجهات الحكومية الفلسطينية والانتظار في قائمة طويلة.

حسين عصفور: الخطوة تكشف أن حماس لديها قناة تنسيق أمني مع إسرائيل
حسين عصفور: الخطوة تكشف أن حماس لديها قناة تنسيق أمني مع إسرائيل

ولأن "تصريح المشغل" أسهل وأسرع، لجأ إليه عمال غزة بكثافة عبر دفع مبالغ مالية لسماسرة لديهم علاقات مع مشغلين إسرائيليين. وتقول وزارة العمل في غزة إن نظام الشركات الوسيطة لن يلغي النظام المعمول به حالياً للحصول على تصاريح احتياجات اقتصادية، وأنها ستستمر بإرسال أسماء للترشيح عبر الشؤون المدنية الفلسطينية.

ويقدر عدد العمال الحاصلين على تصاريح المشغل من قطاع غزة بنحو 2700 عامل. وبحسب إحصائيات رسمية فإن 1700 تصريح مشغل تم الحصول عليها من خلال سماسرة وتجار التصاريح مقابل مبلغ يصل إلى نحو 3000 شيكل إسرائيلي (نحو 800 دولار أميركي) للتصريح الواحد.

ويقول سعيد الشرفا مدير شركة مرسال للخدمات اللوجستية، إحدى الجهات المتقدمة على نظام الشركات الوسيطة، إن النظام الجديد سيكفل حقوق العمال الحاصلين على تصريح التشغيل. ويشير الشرفا إلى أن على رأس تلك الحقوق ضمان الحصول على الأجر اليومي للعمال وتقاضي رسوم نهاية الخدمة وتوفير تأمين صحي والتعامل مع شركات التأمين من خلال الخطوات القانونية المتوفرة.

وتقول وزارة العمل في غزة إن شركات التشغيل ستلتزم بتوفير فرصة عمل حقيقية للعمال، فيما سيكون للعامل الحق في اختيار شركة المشغل التي يريدها مقابل مبلغ 600 شيكل إسرائيلي (160 دولارا أميركيا) شهريا من العامل. وسمحت إسرائيل منذ أشهر بزيادة وتيرة إصدار التصاريح لعمال من قطاع غزة بموجب تفاهمات مع الفصائل الفلسطينية رعتها مصر في إطار التسهيلات الاقتصادية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار.

وقلصت إسرائيل بشدة دخول عمال قطاع غزة منذ عام 2003 وشددت الإجراءات تماما بعد فرض حصارها على القطاع بعد سيطرة حركة حماس على الأوضاع فيه منتصف عام 2007. ويقول رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية في غزة محمد أبوجياب إن نظام الشركات المشغلة وزيادة عدد العمال في إسرائيل “سيكون لهما مردود اقتصادي مهم على القطاع الذي وصلت فيه معدلات البطالة إلى أكثر من 50 في المئة من السكان" البالغ عددهم زهاء مليوني نسمة.

ويضيف أبوجياب "نحن نتحدث عن مبالغ مالية كبيرة سيتم ضخها في الأسواق المحلية لقطاع غزة بما يساهم في إعادة إحياء الحركة الاقتصادية والحد من معدلات الفقر الحاصلة في القطاع". وتتضمن الشروط المعلنة للحصول على تصريح عمل من غزة داخل إسرائيل أن يكون المتقدم متزوجا وغير موظف، ويزيد عمره عن 26 عاما، وألّا يكون صاحب دخل مالي ثابت.

ويعبر العمال من وإلى غزة عبر حاجز بيت حانون – إيريز الخاضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي ويربط القطاع مع الضفة الغربية، وكثيرا ما يشتكي الفلسطينيون من أن التنقل من خلاله يتم باشتراطات أمنية شديدة. ولم تعلق السلطة الفلسطينية على خطوة حماس بشأن إطلاق شركات وسيطة بين العمل في غزة والمشغلين الإسرائيليين.

لكن الوزير السابق في السلطة الفلسطينية حسين عصفور اعتبر في مقال أن حماس تستهدف "تأسيس مصادر سيطرة وتحكم على العمال وممارسة ابتزاز مالي جديد، وإلغاء وزارة الشؤون المدنية (التابعة للسلطة الفلسطينية) عمليا". ورأى عصفور أن النظام المذكور "يفرض جهة للتنسيق معها في إسرائيل ومعلوم أنها جهة أمنية مرتبطة بوزارة الدفاع ما يكشف أن حماس لديها قناة تنسيق أمني مع المؤسسة الأمنية في إسرائيل".

2