ضغوط المتشددين تجبر ظريف على تقديم اعتذار لعائلة سليماني

طهران - اعتذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى عائلة قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري بعد "جرح مشاعرها" في تسريب تسجيل صوتي له، يتحدث فيه عن دور سليماني في السياسة الخارجية، والذي أثار جدلا واسعا في إيران.
وواجه وزير الخارجية الإيراني جراء ذلك، انتقادات شديدة وضغوط من سياسيين إيرانيين متشدديين وسط دعوات إلى محاكمته، وهو ما دفعه على ما يبدو إلى تقديم الاعتذار.
ورأى ظريف في منشور عبر حسابه على إنستغرام، أن التسريب "جرح المشاعر الصادقة لمحبي الشهيد البارز اللواء قاسم سليماني وعائلته، خصوصا ابنته زينب التي تعزّ عليّ كأولادي".
وأضاف "لقد سامحت كل من أعتقد أنه اتهمني وآمل أن يسامحني أيضا شعب إيران العظيم، وكل محبي السردار (لقب الضباط الكبار في الحرس)، وخصوصا عائلة سليماني النبيلة".
وكانت زينب سليماني نشرت عبر حسابها على تويتر الثلاثاء، صورة تظهر يد والدها بعيد اغتياله قرب مطار بغداد في الثالث من يناير 2020 بضربة جوية أميركية، مرفقة إياها بتعليق "الكلفة (التي دفعها) الميدان من أجل الدبلوماسية".
ونشرت وسائل إعلام خارج إيران الأحد الماضي التسجيل الممتد لثلاث ساعات، ويتحدث فيه وزير الخارجية عن دور أداه سليماني الذي اغتيل بضربة جوية أميركية في بغداد العام الماضي، في السياسة الخارجية لبلاده، وأن الميدان العسكري يحتل الأولوية على حساب الدبلوماسية في الجمهورية الإسلامية.
وبدا ظريف في التسجيل المسرب مستاء جدا من التدخل الواسع لسليماني، في الشأن الدبلوماسي الإيراني.
وأقر ظريف بأنه ضحى بالدبلوماسية كثيرا لصالح "ساحة المعركة"، مضيفا أنه لم يتمكن يوما من إقناع سليماني بطلباته.
ويحظى سليماني بمكانة عالية في إيران خصوصا بعد اغتياله. وهو تولى لأعوام طويلة قيادة قوة القدس في الحرس الثوري الموكلة لها العمليات الخارجية، ويعد من أبرز مهندسي السياسة الإقليمية للجمهورية الإسلامية.
وأكد ظريف الذي يشغل منصبه منذ 2013 أن "الملاحظات التي أدليت بها لا تقلل من المقام والدور الذي لا غنى عنه للشهيد سليماني"، مضيفا "لكن لو كنت أعلم أن كلمة منها سيتم نشرها علنا، بالتأكيد لما كنت قلتها".
وأثار التسجيل الذي يأتي نشره قبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية وفي ظل مباحثات مع القوى الدولية الكبرى لإحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي، انتقادات من المحافظين المعارضين لحكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني.
وقال ظريف في التسجيل، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، "في الجمهورية الإسلامية الميدان العسكري هو الذي يحكم، لقد ضحيت بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري، بدل أن يخدم الميدان الدبلوماسية".
والخميس أفادت وكالة "إرنا" بأن حسام الدين أشنا، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية المرتبط بالرئاسة الإيرانية، والذي يعد مقربا من روحاني، تقدم باستقالته بعد تسريب الحوار مع ظريف الذي أجري في المركز.
وطلبت حكومة الرئيس روحاني التحقيق في "مؤامرة" تسريب التسجيل. وحذر روحاني من "مؤامرات الأعداء الذين يحاولون إيجاد شرخ في الصف الداخلي الإيراني"، وشدد على أن "من سربوا الشريط هم أعداء إيران وشعبها ومصالحها".
وقال "من مفاخر النظام الإسلامي في إيران هو أن المسؤولين يطرحون رؤاهم بكل حرية... لكن ليس كل ما يُطرح يعرض على الإعلام، بل تبقى جوانب كثيرة كوثائق سرية يستفيد منها المسؤولون اللاحقون، لأن نشر هذه الوثائق يعني استغلالها سلبا من قبل الأعداء".
ورأى أن نشر الشريط حملة من جانب متشددين، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو القادم. وتابع "لا أفهم لماذا تكون حملة الانتخابات أهم لدى البعض من المصالح الوطنية ورفاهية الشعب".