ضغوط الإسلاميين تجبر حكومة الكويت على إعادة النظر في التحاق المرأة بالجيش

وزير الدفاع يوقف الدورة التدريبية الأولى للنساء في انتظار "فتوى شرعية".
الاثنين 2022/01/17
وزير الدفاع يتراجع بعد أن رفع سقف التحدي عاليا

تراجع وزير الدفاع الكويتي الشيخ حمد الجابر العلي الصباح عن قرار إشراك المرأة في الجيش وربط المسألة بإصدار “فتوى شرعية”. ويرى مراقبون أن تراجع الوزير الكويتي عن موقفه، بعد أن رفع سقف التحدي عاليا للمضي فيه، يعود إلى ضغوط شديدة يتعرض لها من قبل الإسلاميين الذين يملكون نفوذا واسعا في الإمارة.

الكويت - دفعت ضغوط التيارات الإسلامية ورجال الدين الحكومة الكويتية إلى التراجع عن قرارها المتعلق بالتحاق العنصر النسائي بالجيش وانتظار صدور فتوى شرعية بشأن ذلك، في دلالة تؤكد مدى نفوذ هذه التيارات داخل الإمارة الخليجية وعجز السلطة عن تحديها.

ووجه وزير الدفاع الكويتي الشيخ حمد الجابر العلي الصباح مساء السبت بتأجيل إقامة الدورة التدريبية للدفعة النسائية الأولى في الجيش حتى صدور فتوى شرعية في هذا الخصوص، في تناقض مع تصريحات سبق وأن أدلى بها الوزير وقال في إحداها “إن قرارات الجيش لا رجعة فيها”.

وجاء قرار وزير الدفاع الكويتي إثر اجتماع مع عدد من المشايخ ورجال الدين، ومن بينهم عثمان الخميس ونايف محمد العجمي، إضافة إلى عدد من الوزراء والنواب.

وقال الوزير الكويتي إن “العمل على التحاق أولى الدفعات النسائية بالسلك العسكري سيكون بعد وصول رد هيئة الإفتاء الرسمي، والنظر فيما يتضمنه من أحكام وضوابط وشروط يتم أخذها بعين الاعتبار والعمل بمقتضاها”.

وشدد الشيخ جابر حمد العلي الصباح على حرص وزارته على استطلاع رأي الشرع والتحقق من عدم وجود أي مخالفات شرعية بشأن التحاق الكويتيات بالعمل في الجيش.

محمد هايف المطيري: محاذير شرعية واجتماعية تمنع دخول المرأة إلى معسكرات الجيش

وقال إن “التمسك بالأحكام والضوابط الشرعية لديننا الإسلامي الحنيف لا مجال فيه للأهواء والآراء والرغبات الشخصية”.

من جهتها نقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن شيوخ الدين الذين حضروا الاجتماع قولهم بضرورة مراعاة الضوابط في عمل المرأة في بعض الوظائف الخاصة بالسلك العسكري، من خلال استفتاء هيئة الإفتاء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

وأعلن الجيش الكويتي في الثاني عشر من أكتوبر الماضي فتح باب التسجيل للمواطنات الكويتيات للالتحاق بالجيش، وذلك بعد سنوات من التحاقهن بسلك الشرطة والحرس الوطني والقضاء ودخولهن مؤسستي البرلمان والحكومة، ما أثار ضجة واسعة داخل الكويت.

وتباينت المواقف حول القرار بين طرف يرى أن هذه الخطوة تاريخية في مسار تعزيز دور المرأة وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل، وبين شق يقوده إسلاميون يعتبر أنها مخالفة للشرع والتقاليد.

ويشمل قرار التحاق المرأة بالجيش حمَلة الشهادات الجامعية والدبلوم والثاني عشر وحمَلة شهادات الحادي عشر وما دون ذلك.

ويشترط القرار “أن تكون المتطوعة كويتية، أتمت 18 عاماً ولم تتجاوز 26 عاماً، ويستثنى الفنيون والمهنيون من الحد الأعلى، وأن تكون لائقة صحياً ومحمودة السيرة وتجتاز المقابلة الشخصية، وألا يكون قد سبق الحكم عليها في عقوبة جنائية أو جريمة مُخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رُد إليها اعتبارها”.

وذكرت وسائل إعلام محلية أنه “سيتم الاستعانة بالمرأة في التخصصات والخدمات المساندة الطبية والفنية وغيرها من الإدارات والأقسام التابعة للوزارة”.

وأطل وزير الدفاع مرارا للدفاع عن قراره بإشراك المرأة في العمل العسكري، وقال في رد على استجواب بحقه كان تقدم به النائب حمدان العازمي في نوفمبر الماضي إن قرارات الجيش لا تراجع عنها.

وأوضح وزير الدفاع في تصريح مكتوب حينها “هذا ما عرف عن المؤسسة العسكرية، وهو ما يسري على قرار السماح للمرأة الكويتية بالالتحاق بشرف الخدمة العسكرية، الذي يصب في صالح تطوير قدرات الجيش الكويتي، كما هو الحال في باقي مؤسسات السلك العسكري في الحرس الوطني والشرطة”.

ويرى مراقبون أن تراجع وزير الدفاع عن قراره حيال إدماج المرأة في العمل العسكري وربط المسألة بالحصول على “فتوى شرعية” يعكس النفوذ الكبير الذي تحظى به التيارات الإسلامية التي لم تكفّ عن انتقاده منذ صدور الإعلان.

وكان “تجمع ثواب الأمة” السلفي شن هجوما على وزير الدفاع مشددا على أن هناك محاذير شرعية واجتماعية تمنع إشراك المرأة في الجيش.

واعتبر الأمين العام للتجمع محمد هايف المطيري أن دخول المرأة إلى معسكرات الجيش أمر دخيل على هوية الكويت الإسلامية وعادات وتقاليد الشعب الكويتي.

ودعا هايف نواب مجلس الأمة إلى التحرك “ضد هذا الوزير وضد قراره الارتجالي وغير المنطقي”، متسائلا “كيف يتم زج بنات الكويت في المعسكرات ؟”، وقال للشيخ جابر حمد العلي الصباح “تقول إن البنات لازم نسويهم بالرجال .. لا يا أخي لا نريد هذه المساواة”.

الجيش الكويتي كان قد أعلن في الثاني عشر من أكتوبر الماضي عن فتح باب التسجيل للمواطنات الكويتيات للالتحاق بالجيش، وذلك بعد سنوات من التحاقهن بسلك الشرطة والحرس الوطني والقضاء ودخولهن مؤسستي البرلمان والحكومة

وكان نواب إسلاميون حاليون وسابقون انضموا إلى الحملة ضد وزير الدفاع، وتساءل النائب المثير للجدل وليد الطبطبائي عما “إذا كان هناك نقص حقيقي في الذكور؟ حتى يتم إقحام بناتنا الغاليات في ميدان لا يتناسب معهن”.

وقال في مقطع فيديو نشره على صفحته في تويتر “قبل فترة دعت الحاجة إلى تأنيث تدريس المرحلة الابتدائية بسبب النقص في الكوادر الذكور والزيادة في الكوادر الإناث، وأيضاً لقدرة العنصر النسائي على التدريس في المرحلة الابتدائية أكثر من الذكور”، مضيفاً “اليوم في موضوع تأنيث الجيش، ما هي الحاجة؟ هل هناك نقص في الرجال وهل السيدات أكفأ في الحروب من الرجال؟”.

واعتبر أن “الجيش اليوم محتاج إلى تطوير قدراته من ناحية توفير منظومة ورادارات غير متوفرة في الكويت، وتوفير طائرات دون طيار، يعني المفروض الدولة أو الحكومة تدعم الجيش بميزانيات لتوفير منظومات المراقبة وحراسة الأجواء وحراسة الحدود بأحدث التكنولوجيا المتوفرة في العالم”.

ويرى نشطاء أن تراجع وزير الدفاع عن موقفه حيال انخراط المرأة في الجيش بعد أن كان رفع السقف عاليا أمام الرافضين هو رسالة سلبية تعكس سيطرة المحافظين على البلد، معتبرين أن ربط مسألة تعني المؤسسة العسكرية بضرورة الحصول على “فتوى شرعية” يشكل خيبة أمل كبيرة لاسيما بالنسبة إلى المدافعين عن أهمية تحقيق المساواة بين الجنسين.

وقال أحد النشطاء الكويتيين في تغريدة على تويتر “في مشهد تخلصت منه السعودية قبل سنوات؛ مجموعة من رجال الدين في الكويت يزورون وزير الدفاع بعد جدل ديني حول تجنيد النساء في الجيش، والأخير يرجئ التحاق المرأة بالسلك العسكري في انتظار رد هيئة الإفتاء الشرعية”.

3