ضغوط إيرانية تعيق مشروع أنبوب البصرة – العقبة

وزير النفط العراقي: إذا كانت هناك عوائق تقف أمام المشروع فسنكون واضحين أمام مجلسي الوزراء والنواب.
الاثنين 2022/04/18
حسابات سياسية تحول دون استغلال العراق لثروته النفطية

بغداد - نجحت الضغوط المتصاعدة للقوى الموالية لإيران على ما يبدو في فرملة مشروع أنبوب البصرة – العقبة، حيث كشف وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار الأحد عن إجراء تغييرات على المشروع، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه ما يزال يخضع للدراسة ومدى تلبيته لمصالح البلاد.

ويكتسي مشروع أنبوب البصرة – العقبة أهمية كبيرة بالنسبة إلى العراق حيث أنه يفتح أمامه منافذ تصدير جديدة للنفط إلى جانب موانئ البصرة على مياه الخليج، والأنبوب العراقي الممتد إلى ميناء جيهان التركي.

وتسعى إيران التي تملك نفوذا كبيرا في العراق لعرقلة المشروع حيث ترى أنه ليس من صالحها أن يعزز العراق من قدرته التصديرية للنفط، كما أن هذا المشروع من شأنه أن يدفع البلد الجار نحو الاندماج أكثر مع محيطه العربي.

وتوظف إيران القوى السياسية والميليشيات الموالية لها لعرقلة المشروع، فيما تجد الحكومة العراقية التي يرأسها مصطفى الكاظمي نفسها في موقف ضعف في مواجهة هذا الضغط، لاسيما وأنها حكومة تصريف أعمال.

إحسان عبدالجبار: هناك حاليا تغييرات في مشروع أنبوب البصرة – العقبة

وقال عبدالجبار في تصريح للصحافيين، عقب استضافته في مجلس النواب، إنه “لم يتم توقيع عقد أو إحالة مشروع مد أنبوب من البصرة إلى ميناء العقبة الأردني”.

وأضاف أن “المشروع استراتيجي كبير وفق سياقات محددة عبر عرضه عدة مرات على مجلس الوزراء لاستكمال إجراءات وهيكل التمويل والتنفيذ والتخصصات المالية وتم إدراجه من قبل وزارة التخطيط وإعادة استكمال الجدول الاقتصادي المعد للعام 2020”.

وأشار وزير النفط العراقي إلى أن “هناك حاليا تغييرات في المشروع وبالتالي فإن هناك جدولا اقتصاديا جديدا، وقد تم تكليف مستشار جديد لشركة (وود) العالمية لخدمات النفط بهذه المهمة، ووزارة النفط تنظر له بدقة عالية إذا كان يلبي متطلبات الوزارة سيتم المضي به، وإذا كانت هناك عوائق تقف أمام المشروع فسنكون واضحين أمام مجلسي الوزراء والنواب”.

وتحدثت معلومات في الأيام الأخيرة عن قرب بدء فريق هندسي عراقي بوضع المخططات الزمنية للمباشرة بالعمل على الأنبوب، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة من القوى الموالية لإيران، التي هاجمت المشروع، بزعم أنه يمكن أن تستفيد منه إسرائيل.

وأعلن الأمين العام لكتائب عصائب أهل الحق قيس الخزعلي السبت عن رفضه “مد أنبوب الفاو – العقبة النفطي الذي يصب بخدمة الكيان الصهيوني”.

وكان زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي قال في بيان مساء الخميس إن “قرار الحكومة، وهي حكومة تسيير أعمال ناقصة الصلاحية دستوريا، المضي بعقد مد أنبوب البصرة – العقبة النفطي يمثل تجاوزا على الدستور، كما يعد مخالفة قانونية صريحة تستدعي من المحكمة الاتحادية إيقافه، وإيقاف كل القرارات والقوانين التي تصدر عن هذه الحكومة”.

وأضاف المالكي “نطالب الحكومة بالتريث، وعدم المضي في تنفيذ المشروع وترك الأمر للحكومة المقبلة. كما نوصي بضرورة التوازن في تصدير النفط، وألا يقتصر أغلبه على الجنوب أولا. وثانيا نطالب بتبديد شبهة أن النفط العراقي سيصل إلى العقبة، ومنها إلى الكيان الصهيوني”.

وهددت النائب عن تحالف الفتح انتصار الموسوي بحشد مظاهرات في محافظة البصرة في حال تنفيذ الحكومة المركزية المشروع وقالت الموسوي في تدوينة على “تويتر” “إذا حاولت الحكومة المركزية تنفيذ مشروع أنبوب (البصرة – العقبة) راح نراويهم زلم (رجال) البصرة”.

وأمام حجم الضغوط اضطرت وزارة النفط إلى نشر بيان ليلة السبت، يفيد بأنها لم تقم بإحالة مشروع أنبوب البصرة – العقبة إلى التنفيذ لغاية الآن، موضحة أنه تم تعديل المشروع من خلال تمويله بالكامل من قبل الحكومة العراقية.

مراقبون يرون أن استمرار الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي يجعل من هذا المشروع الاستراتيجي بالنسبة إلى العراق غير قابل للحياة

ويستهدف المشروع تصدير مليون برميل من النفط العراقي الخام باتجاه ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، ويعود هذا المشروع إلى ثمانينات القرن الماضي، لكن كلفة المشروع والعقوبات الدولية والحصار الاقتصادي الذي تعرض له البلد حالت دون السير في تنفيذه.

وتم إحياء مشروع أنبوب البصرة – العقبة في العام 2013 في سياق التعاون المشترك بين العراق والأردن ومصر، وقد وقعت بغداد وعمان في أبريل من ذلك العام اتفاقا بشأنه.

ويقضي الاتفاق بمد أنبوب بطول 1665 كيلومترا، من حقول النفط في البصرة بأقصى جنوبي العراق إلى ميناء العقبة الأردني، وبطاقة تصدير أولية تقدر بمليون برميل يوميا.

ويمنح العراق بموجبه الأردن حق شراء 150 ألف برميل يوميا بسعر مخفض عن الأسعار العالمية للنفط. وتقدر كلفة بناء الأنبوب بـ8.5 مليار دولار، تقع أغلبها على الشركة التي ستقوم باستثماره.

وكان من المفترض الانتهاء من تنفيذ المشروع في عام 2017، إلا أنه تأجل بفعل الحرب التي خاضها العراق ضد تنظيم داعش الذي سيطر في العام 2014 على مناطق واسعة في العراق، ومن بينها تلك المحاذية للأردن.

وفي عهد حكومة حيدر العبادي في العام 2018 أعيد بحث سبل تنفيذ المشروع وجرت إحالته إلى شركة ماس العراقية القابضة، لكنه تعطل مجددا.

وأعلن رئيس الوزراء الكاظمي في يونيو الماضي، وعلى هامش القمة الثلاثية التي ضمت العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اعتزامه المضي قدما بالمشروع كإحدى خطط الطاقة الاستراتيجية للعراق.

ويرى مراقبون أن استمرار الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي يجعل من هذا المشروع الاستراتيجي بالنسبة إلى العراق غير قابل للحياة، مشيرين إلى أن حديث القوى الموالية لطهران على استفادة إسرائيل من المشروع هي ذريعة واهية للحيلولة دون تنفيذه.

3