ضغوط إسرائيلية على الكونغرس الأميركي لمنح حصانة للسودان

واشنطن - كشف موقع "واللا" الإسرائيلي الاثنين أن إسرائيل طلبت من أعضاء في الكونغرس الأميركي تمرير قانون يمنح السودان حصانة من أي دعاوى قضائية قد يرفعها ضحايا الإرهاب مستقبلا.
ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين "كبار" لم يسمهم، أنه بناء على طلب مسؤولين سودانيين، تعمل إسرائيل على إقناع أعضاء بارزين في الكونغرس بالمصادقة خلال الأيام القليلة المقبلة على قانون يمنح السودان حصانة من أي دعاوى قضائية مستقبلية من جانب ضحايا الإرهاب.
وكان مشروع قانون الحصانة جزءا من صفقة ثلاثية بين الولايات المتحدة والسودان وإسرائيل تضمنت اتفاقا لبدء عملية تطبيع العلاقات.
وخلال الأيام الماضية، أوضح مسؤولون إسرائيليون لأعضاء بالكونغرس يعرقلون تمرير القانون، أنه إذا لم يتم تمريره فستكون لذلك نتائج سلبية، ليس فقط على اتفاق التطبيع (المحتمل) بين إسرائيل والسودان، بل على اتفاقات تطبيع مستقبلية، فالدول العربية لن تكون متأكدة من احترام الاتفاقيات معها، وفق المصدر ذاته.
وقال موقع "آكسيوس" الأميركي "إن المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بالقلق من أن عملية التطبيع ستتوقف إذا فرطت الصفقة".
يذكر أن الموعد النهائي لتمرير القانون في الكونغرس هو يوم 14 من الشهر الجاري، حيث يتوجه الكونغرس بشقيه لإجازة أعياد الميلاد.
وتناقلت وسائل الإعلام الأميركية الأسبوع الماضي أنباء بشأن مخاطر تهدد اتفاق تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، وأن مسؤولين أميركيين أشاروا إلى أن السودان "هدد بتجميد الاتفاق إثر خلافات حول تشريع يفترض أن يسنه الكونغرس لإخراجه من قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وكان قد صدر بيان مشترك في شهر أكتوبر الماضي أعلنت من خلاله الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والسودان توصل الخرطوم وتل أبيب إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما.
ونص البيان على أن يفضي الاتفاق المبرم إلى إقامة علاقات اقتصادية وتجارية بين إسرائيل والسودان مع التركيز مبدئيا على الزراعة.
ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقتذاك على قرار بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد 27 عاما من وضع الخرطوم داخل القائمة، الأمر الذي اعتبره مجلس السيادة في السودان “يوما تاريخيا".
وينسب الموقع لمسؤول إسرائيلي قوله "من الواضح أن لدى إسرائيل مصلحة في المساعدة في حل مشاكل السودان في واشنطن منذ أن قرر السودان تطبيع العلاقات مع إسرائيل لأن هذا يمكن أن يشجع الدول الأخرى على تطبيع العلاقات مع إسرائيل أيضا".
وقد أثار إعلان الصفقة الأميركية – الإسرائيلية – السودانية ضجة كبيرة لدى عائلات ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر (2001) التي طالبت بالاحتفاظ بحق رفع دعاوى قضائية ضد الحكومة السودانية بسبب المساعدة التي قدمتها للقاعدة على مدى عقدين.
وقد قرر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر (من ولاية نيويورك) وعضو العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز (ديمقراطي من ولاية نيوجيرسي)، وكلاهما من أهم المدعومين من قبل منظمة اللوبي الإسرائيلي القوية "إيباك"، محاولة عرقلة مشروع القانون تحت ضغط من ناخبيهما.
وعلق مصدر مقرب من "إيباك" على معارضة شومر ومينينديز لإعطاء حصانة من القضايا للسودان بالقول "قاعدة السيناتور شومر، وقاعدة السيناتور مينينديز تأثرتا بشكل مباشر من هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، وهما أيضا تشعران بضرورة الاستمرار في معاقبة المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن هذه الهجمات.
وفي الوقت ذاته، ترى "إيباك" أهمية التطبيع السوداني الإسرائيلي، وتمتلك الكثير من الوزن والأثر لاستخدامهما مع عضوي مجلس الشيوخ (شومر ومينينديز) كي يؤيدا إعطاء السودان هذه الحصانة، خاصة أنه ليست للسودان علاقة مباشرة مع هذه الهجمات، وإن كان قد قدم لتنظيم القاعدة ملاذا آمنا في تسعينات القرن الماضي.
وذكر الموقع أنه قبل أسبوعين، زار وفد إسرائيلي الخرطوم وإن مصادر أميركية أخبرت الموقع أن الإسرائيليين أحضروا معهم أرييه لايتستون، مستشار السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، الذي كان القوة الدافعة وراء صفقات التطبيع، وأن رئيس مجلس السيادة السوداني اللواء عبدالفتاح البرهان أثار خلال الزيارة مع الإسرائيليين ولايتستون قضية قانون الحصانة وطالب الحكومة الإسرائيلية وإدارة ترامب بالعمل مع الكونغرس لحل المشكلة.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد أثارت الأسبوع الماضي أن البرهان أجرى محادثة مماثلة مع مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي.
وبحسب الصحيفة حذر البرهان من أن السودان سيعلق عملية التطبيع مع إسرائيل إذا لم يتم تمرير القانون. وقال أحد نواب البرهان نفس الشيء لوسائل إعلام سودانية.
ويدعي موقع آكسيوس أن مسؤولين إسرائيليين أخبروه أن الرسائل التي تلقوها من الحكومة السودانية لا تحتوي على تهديدات، بل على طلب مساعدة من واشنطن.
كما ادعى مسؤولون إسرائيليون أنهم حصلوا على تأكيدات من إدارة ترامب ومن كبار أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونغرس بأن قضية قانون الحصانة ستحل.
ويسعى ترامب لرفع السودان من هذه القائمة، بعد أن نفذت الخرطوم طلبه بدفع 335 مليون دولار كتعويضات عن هجمات شنها تنظيم "القاعدة"، منها تفجير السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا عام 1998.