ضغوط أميركية وراء تراجع الفلبين عن صفقة المروحيات الروسية

مانيلا- أعلنت السلطات الفلبينية الأربعاء عن إلغاء طلبية شراء 16 مروحية عسكرية روسية، مؤكدة بذلك معلومات نشرتها وسائل إعلام تفيد بأن الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي قرر فسخ العقد بسبب العقوبات الأميركية ضد موسكو.
لكنّ مراقبين قالوا إن هذا القرار جاء بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى مانيلا ولقائه بكبار المسؤولين الفلبينيين ما يدعم فكرة أن تعطيل الصفقة كان بضغوط من واشنطن التي تعيش على وقع خلاف مع روسيا في أوكرانيا واتخذت في شأنها سلسلة من العقوبات لإجبارها على الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها على الأراضي الأوكراني.
وأبرمت مانيلا حليفة الولايات المتحدة عقدا في نوفمبر بقيمة 12.7 مليار بيزو فلبيني (228 مليون يورو) لشراء مروحيات من طراز “مي-17” لتحديث معداتها العسكرية.
وقال المتحدث باسم الوزارة أرسينيو أندولونغ في بيان إن وزارة الدفاع الفلبينية “تضفي الطابع الرسمي على إنهاء” هذا العقد.
◙ مانيلا مجبرة على أن تكون في صف واشنطن التي تعيش على وقع خلاف مع روسيا في أوكرانيا وتريد مواقف واضحة
وأوضح أندولونغ دون ذكر العقوبات الأميركية على موسكو أن “التغييرات في الأولويات التي اقتضتها التطورات السياسية العالمية أدت إلى إلغاء المشروع من قبل الحكومة السابقة”.
وكان ديلفين لوزينزانا وزير الدفاع في عهد الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي أكد في مارس أن الصفقة ما زالت قائمة بعدما دفعت مانيلا عربونا قبل بدء الحرب.
لكن الأسبوع الماضي، أكد لوزينزانا أن دوتيرتي قرر خرق العقد قبل تسليم السلطة في 30 يونيو إلى الرئيس الجديد فرديناند ماركوس جونيور الذي أكد القرار.
وقال لورينزانا للصحافيين “لا أعرف ما إذا كان بإمكاننا دائما استرداد الأموال لأن خرق العقد هو خطأ من جانبنا”.
وأوضح السفير الفلبيني لدى واشنطن خوسيه روموالديز مؤخرا أن الإلغاء جاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا والذي فرضت بعده واشنطن وحلفاؤها سلسلة من العقوبات بهدف عزل روسيا عن النظام المالي العالمي وتجفيف مصادر الأموال لتمويل حربها.
وقال روموالديز إن مانيلا تخشى أيضا الخضوع لقانون أميركي صدر في 2017 ويعاقب أي شخص يتعامل مع قطاعي المخابرات أو الدفاع الروسيين. وأضاف أن “الولايات المتحدة تعرض علينا مروحيات أخرى لتلبية احتياجاتنا”.
ويعتقد المراقبون أنه ليس أمام مانيلا خيارات كثيرة، وأنها مجبرة على أن تكون في صف الولايات المتحدة.
وفي مارس الماضي، صوتت الفلبين بـ”نعم” على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي طالب بوقف فوري لهجوم موسكو على أوكرانيا وانسحاب جميع القوات الروسية.
وأكد بلينكن خلال زيارته للفلبين، أن الولايات المتحدة ستدافع عنها إذا تعرضت لهجوم في بحر الصين الجنوبي، في محاولة لتهدئة المخاوف بشأن مدى التزام واشنطن بمعاهدة الدفاع المشترك.
وفي اجتماعات في مانيلا هيمنت عليها المناقشات حول التوترات الأميركية – الصينية المتأججة بشأن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، قال بلينكن السبت الماضي إن اتفاقية دفاع منذ 70 عاما مع الفلبين كانت “صلبة”.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي “إن هجوما مسلحا على القوات المسلحة الفلبينية والسفن العامة والطائرات سيتطلب التزامات دفاعية متبادلة للولايات المتحدة بموجب تلك المعاهدة. الفلبين صديق وشريك وحليف لا يمكن الاستغناء عنه”.
وكان بلينكن أكبر مسؤول أميركي يقابل الرئيس الجديد فرديناند ماركوس جونيور، نجل الرجل القوي الراحل الذي ساعدته واشنطن على الفرار إلى المنفى في هاواي خلال انتفاضة “سلطة الشعب” عام 1986 التي أنهت حكمه الذي استمر عقدين.
وتعد الفلبين نقطة ارتكاز للتنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين. ويواجه ماركوس تحديا صعبا في موازنة العلاقات بين القوتين الرئيسيتين. كما سيواجه ضغوطا داخلية للوقوف في وجه بكين في بحر الصين الجنوبي، دون إغضاب قيادتها.
وبدأت مانيلا في 2012 برنامجا محدودا لتحديث جيشها الذي لا تزال لديه مروحيات تعود إلى حرب فيتنام وسفن استخدمها الأميركيون خلال الحرب العالمية الثانية.
وبموجب الاتفاق كان من المقرر تسليم الدفعة الأولى من المروحيات متعددة الأغراض من شركة سوفتكنو إكسبورت الروسية في غضون عامين تقريبا.
وقال مسؤولون فلبينيون إن طائرات الهليكوبتر روسية الصنع كان من الممكن استخدامها في القتال وعمليات البحث والإنقاذ والإجلاء الطبي في أرخبيل جنوب شرق آسيا، الذي غالبا ما تضربه الأعاصير والكوارث الطبيعية الأخرى.