ضغوط أميركية لفرض عقوبات على مشتريات الجزائر من السلاح الروسي

واشنطن – تمارس لوبيات في الولايات المتحدة ضغوطا من أجل فرض عقوبات على مشتريات الجزائر من الأسلحة الروسية، وهو ما يظهر قلق بعض الدوائر في واشنطن من حجم التقارب الروسي – الجزائري في خضم أزمة الحرب الروسية – الأوكرانية ونزوع موسكو نحو المزيد من النفوذ في أفريقيا.
ودعا السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو إلى فرض عقوبات على تلك المشتريات، وذلك في رسالة موجهة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
وقال روبيو إنه “يكتب بقلق بالغ بشأن المشتريات الدفاعية الجارية بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية والاتحاد الروسي”، موضحا أن “القسم 231 من قانون مكافحة أعداء أميركا يوجه من خلال العقوبات لعام 2017 الرئيس إلى فرض عقوبات على الأطراف المشاركة في معاملات مهمة مع ممثلي قطاعيْ الدفاع والاستخبارات في حكومة الاتحاد الروسي”.
وأضاف السيناتور الأميركي “أن الرئيس فوض تلك السلطة لوزير الخارجية، بالتشاور مع وزير الخزانة”.
ماركو روبيو: سيؤدي تدفق الأموال على روسيا من أي مصدر إلى زيادة تمكين آلة الحرب الروسية في أوكرانيا
وتحدث السيناتور عن العلاقات العسكرية بين موسكو والجزائر وتداعياتها على الحرب الروسية – الأوكرانية من خلال منح دعم مالي للجيش الروسي، وقال “إن روسيا هي أكبر مصدّر عسكري إلى الجزائر، وتعدّ الجزائر أيضا من بين أكبر أربعة مشترين للأسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم، وبلغت ذروتها بصفقة أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار في عام 2021”.
وأضاف “سيؤدي تدفق الأموال على روسيا من أي مصدر إلى زيادة تمكين آلة الحرب الروسية في أوكرانيا”، مستطردا “رغم ذلك، فإن العقوبات المتاحة لك لم يتم استخدامها بعد”.
وحث السيناتور وزير الخارجية على القيام بما يلزم للحد من هذا الخطر قائلا “أشجعكم على أن تأخذوا التهديد -الذي لا تزال روسيا تشكله على الاستقرار العالمي- على محمل الجد، وأن تحددوا بشكل مناسب الأطراف التي يساعد شراؤها الكبير للمواد الروسية موسكو على زعزعة الاستقرار”.
وتأتي الرسالة بعد يومين من لقاء نادر نظمه قائد الجيش الجزائري سعيد شنقريحة لسفيرة الولايات المتحدة إليزابيث مور أوبين، حيث ربط مراقبون بين الرسالة وذلك اللقاء الذي أظهر سعيا أميركيا لمعرفة توجهات النظام المدعوم من المؤسسة العسكرية داخليا أو على المستوى الإقليمي والدولي.
ويتخوف الجانب الأميركي من تطور العلاقات التي تربط بين الجزائر وروسيا في خضم الجهود الغربية لعزل موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا، لكن يبدو أن الجانب الروسي لا يزال يملك الكثير من نقاط النفوذ خاصة في أفريقيا مع وجود دول حليفة له مثل الجزائر ومالي وحتى السودان.
وكان قائد الجيش الجزائري دعا روسيا إلى الانخراط بشكل مكثف في حماية أمن القارة الأفريقية ودعم اقتصاديات دولها خلال مشاركته في ندوة الأمن الدولي المنعقدة في موسكو خلال أغسطس الماضي، وذلك بعد أشهر من زيارة أداها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى الجزائر ولقاء الرئيس عبدالمجيد تبون.
ومثلت تلك الكلمة رسالة قوية إلى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، يفيد مضمونها بأن العلاقات بين الجزائر وروسيا بلغت مراحل متطورة جدا، فيما أعلن الجيش الروسي عن إجراء تدريبات عسكرية مشتركة مع الجيش الجزائري لمكافحة الإرهاب.
وتحمل تلك التدريبات اسم “درع الصحراء 2022″، وستجرى وفق معطيات بالجزائر للمرة الأولى، وذلك في أكتوبر المقبل حيث يرى مراقبون أنها تأتي للرد على مناورات “الأسد الأفريقي 2022” في المغرب قرب الحدود الجزائرية وجمعت أكثر من 7 آلاف جندي من عشرة بلدان، من بينها الولايات المتحدة وتونس وفرنسا والسنغال والمملكة المتحدة، وبحضور مراقبين عسكريين من حلف شمال الأطلسي، فيما تحضر إسرائيل للمرة الأولى.
وكانت الجزائر عقدت العديد من الصفقات لشراء أسلحة من روسيا بالمليارات من الدولارات، حيث تعتبر موسكو المزود الرئيسي للجزائر بالعتاد والذخائر.
ويرى مراقبون أن نجاح الضغوط في واشنطن لفرض عقوبات على مشتريات الجزائر من الأسلحة الروسية سيمثل رسالة شديدة اللهجة إلى موسكو والجزائر على حد السواء تفيد بأن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على مواجهة التحالفات التي تهدد مصالحها وتعبث بأمن المنطقة والاستقرار العالمي.
وتشهد منطقة شمال أفريقيا صراع تموقع بين روسيا والولايات المتحدة، خاصة في الساحة الليبية حيث أشارت مصادر إلى أن روسيا لعبت دورا في إسقاط مسيّرة أميركية في منطقة شرق ليبيا، في رسالة شديدة اللهجة تفيد بأن موسكو أصبحت لاعبا لا يستهان به في المنطقة.
وتأتي هذه التطورات في خضم تطور العلاقات بين الجزائر وفرنسا التي تعتبر جزءا من المحور الغربي الذي يطالب بتشديد التحرك ضد موسكو بعد اجتياح أوكرانيا، ما يؤكد أن منطقة شمال أفريقيا ستكون ساحة صراع دولي.