ضغوط أردنية لتسريع ربط الحد الأدنى للرواتب بالتضخم

24.1 في المئة نسبة الفقر من تعداد سكان يبلغ نحو 10.4 مليون نسمة.
الأربعاء 2023/01/11
فاتورة ثقيلة سببها استيراد التضخم!

تتزايد ضغوط النقابات على الحكومة الأردنية مع العام الجديد للإسراع في تفعيل قرار يتعلق بربط الحد الأدنى للرواتب بمعدل التضخم بهدف مجاراة محنة ارتفاع الأسعار، التي أثرت على شريحة واسعة من الناس وخاصة الطبقة الفقيرة.

عمّان - طالب الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن السلطات بالتعجيل في تطبيق قرار اللجنة الثلاثية لشؤون العمل المتعلق بمواءمة رواتب الموظفين والعمال في القطاعين العام والخاص مع معدلات التضخم العالية.

ويأتي التحرك لحث السلطات على القيام بدورها في حماية المواطنين من غول الأسعار، في الوقت الذي لم يتم فيه حتى الآن إقرار ميزانية 2023.

ويتمثل القرار في رفع الحد الأدنى للأجور للعام الحالي بما يعادل نسبة التضخم التي ستصدر لاحقا عن كامل العام الماضي، وسريان تطبيق القرار لمدة ثلاث سنوات قادمة، كما نص القرار المتخذ سابقا.

ولم تنشر دائرة الإحصاء حتى الآن بيانات أسعار الاستهلاك لشهر ديسمبر الماضي، لكن المؤشر بلغ قرابة 5 في المئة بنهاية نوفمبر 2022، وسط توقعات بأن يكون أعلى في آخر شهر من عام 2022.

وبالنسبة إلى متوسط رواتب الموظفين والعمال في البلاد، فتظهر التقديرات الرسمية وتلك الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية والمانحة أنه يبلغ حوالي 425 دينارا (599.5 دولار).

وأوضح مازن المعايطة رئيس الاتحاد في تصريح صحافي نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية أن اللجنة اتخذت قرارا سابقا مطلع العام 2022 بتأجيل تطبيق قرارها السابق بشأن ربط الحد الأدنى للأجور مع نسب التضخم الصادرة.

مازن المعايطة: الرواتب الحالية لا تنسجم مع الأرقام المتعلقة بخط الفقر
مازن المعايطة: الرواتب الحالية لا تنسجم مع الأرقام المتعلقة بخط الفقر

وأشار إلى أن القرار المتخذ سابقا، نص على أن يصبح الحد الأدنى للأجور للعمال غير الأردنيين من بداية العام المقبل 260 دينارا (366.5 دولار).

وشدد المعايطة على ضرورة تنفيذ قرار اللجنة وعدم تأجيله مرة أخرى، مبينا أن الحد الحالي للأجور دون المستوى الذي "يحقق متطلبات العيش الكريم ولا ينسجم مع الأرقام المتعلقة بخط الفقر".

وتظهر أرقام وزارة التخطيط والتعاون الدولي أن نسبة الفقر على مستوى البلاد تبلغ نحو 24.1 في المئة من تعداد سكان يصل إلى 10.4 مليون نسمة، وهي الإحصائيات ذاتها التي أشارت إليها الأمم المتحدة مؤخرا.

وبحسب إحصائيات البنك الدولي، فإن القوة العاملة النشيطة بالبلاد حتى حدود نهاية عام 2021 تبلغ أكثر من 2.86 مليون شخص.

وتشير التقديرات إلى أن العاملين في الجهاز الحكومي والقطاع العام يشكلون نحو 36 في المئة من إجمالي القوى العاملة، وهو رقم مرتفع جدا قياسا بالمعدل العالمي الذي يتراوح بين 15 و25 في المئة من عدد سكان أي بلد.

ولفت المعايطة، وهو نائب رئيس مجلس إدارة منظمة العمل العربية، إلى أن القرار يهدف إلى وضع آلية ثابتة لاحتساب الحد الأدنى للأجور بشكل سنوي، ولكي يعطي الفرصة للقطاع الخاص لتنظيم أعماله ضمن آلية واضحة بخصوص احتساب الأجور.

وتأتي هذه المطالب بعدما شهدت محافظات البلاد خلال الأسابيع الأخيرة إضرابات واعتصامات احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود.

ويعد البلد أحد نماذج الاقتصاد الهش في المنطقة العربية باعتباره يعتمد على المساعدات الخارجية بشكل مفرط وتلتهم واردات الطاقة أكثر من ثلثي الموازنة السنوية.

ولذلك فإن الأردن شديد التأثر بالأزمات الخارجية وتقلبات الاقتصاد العالمي ومن الطبيعي أن تبعث المؤسسات المالية الدولية برسائل تحذر من انعدام الأمن المالي للسكان.

وتتزايد ضبابية الخروج من المشكلة في ظل استمرار تعثر جهود السلطات للبحث عن بدائل يمكن عبرها خلق الثروة خاصة وأن البلد ليس له تقاليد في الزراعة كما أن قطاعي السياحة والصناعة تأثرا كثيرا بالأزمة الصحية العالمية رغم بعض التحسن.

وتتجلى تداعيات الأزمة الاقتصادية للأردن بوضوح في عدة مؤشرات سلبية تتمثل في جانب منها بتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بعيدا عن الأرقام الوردية التي تسوقها الحكومة وأن لديها القدرة على تجاوز مطبات كورونا وشلل النمو.

ووفقا للبنك الدولي، فقد كان متوسط نصيب الفرد من الناتج الإجمالي في الأردن حوالي 4310 دولارات للعام الماضي، مقارنة مع 4410 دولارات للعام 2019.

ورغم أنه من السابق لأوانه معرفة متوسط نصيب الأردني خلال 2022 لأن الحكومة تحتاج إلى بعض الوقت حتى تنشر الأرقام الرسمية، لكن خبراء البنك يتوقعون أن تنخفض أكثر في العام الماضي قياسا بالأعوام السابق.

◙ 2.86 مليون شخص هم القوة العاملة بالبلاد يضم الجهاز الحكومي والقطاع العام 36 في المئة منهم

وانتهى تقييم البنك في تقرير “المرصد الاقتصادي للأردن” إلى أن فجوة نصيب الفرد الأردني بالمقارنة مع الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل حسب مستوى الدخل للعامين 2021 و2022، يتراوح بين 4.096 ألف و12.695 ألف دولار سنويا، آخذة في الاتساع.

وبالنظر إلى الصعوبات والتحديات القائمة، يقول المحللون إن الأردن الذي يحتل المركز الرابع عربيا والمرتبة 61 عالميا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يحتاج إلى تنويع محفظة ثروته، وإلى عكس مسار الانخفاض في حصته من رأس المال البشري.

وحصل الأردن على نحو 1.6 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ضمن برنامج إصلاحي تنفذه الحكومة منذ عامين. ومن المتوقع أن يتم صرف باقي التمويل خلال هذا العام من إجمالي قرض بقيمة ملياري دولار.

وتوقع وزير المالية محمد العسعس أن يتراجع الدين العام للأردن للسنة الثالثة على التوالي، بنحو 1.5 في المئة في 2023، ليصل إلى 88.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وذكر الوزير في خطاب الميزانية العامة أمام البرلمان الاثنين أن تواصل النسبة الهبوطية في السنوات اللاحقة، لتصل إلى 84.2 في المئة بحلول 2025.

وقال العسعس إن "المؤشرات التي تؤكد على أن اقتصاد البلاد يخطو بثقة على مسار التعافي التدريجي، حيث من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 2.7 في المئة لعامي 2022 و2023 مقابل 2.4 في المئة في 2021".

وتتوقع مسودة الميزانية التي لم يتم إقرارها بعد أن يبلغ العجز المالي بعد المنح خلال العام الجاري حوالي 1.86 مليار دينار (2.62 مليار دولار).

وبلغت تقديرات المنح الخارجية نحو 1.13 مليار دولار، مقابل 1.12 مليار دولار في العام الماضي.

10