ضعف رقابة الحدود يغرق ليبيا بالمنتجات منتهية الصلاحية

مصراتة (ليبيا) - صادرت قوات الأمن الليبية تلالا من السلع والمنتجات منتهية الصلاحية التي يقول مسؤولون إن تجارا يستغلون، بشكل متزايد، الأوضاع الأمنية المترهلة في البلاد لاستيرادها بأسعار أرخص.
وتتفاقم مخاوف الليبيين يوما بعد يوم من انحدار البلاد في أزمة غذائية ومالية أكبر مما عليه الآن، بسبب التوترات الأمنية السياسية والصراعات المسلحة، التي كانت بيئة ملائمة لازدهار السوق السوداء والتهريب لتأتي على ما تبقى من اقتصاد البلاد المنهك.
ونسبت وكالة رويترز للعقيد يوسف النحايسي مدير فرع جهاز الحرس البلدي في بلدية مصراتة تأكيده بأن مسؤولين صادروا أطنانا من المواد الغذائية والأدوية منتهية الصلاحية وغير المطابقة للمواصفات الخميس الماضي بالمدينة الساحلية.
وأشار إلى أنه دُهش من كمية السلع المهولة التي صودرت في المنطقة، وهو ما يعني وفق محللين أن المنافذ الحدودية في كامل المناطق الحدودية للدولة تعاني من نفس المشكلة.
وقال النحايسي “في ظل هذا الوضع السائد في البلاد، المتمثل في الانفلات الأمني وعدم السيطرة الفعلية على المنافذ الحدودية استغل البعض من التجار أصحاب النفوس المريضة هذه الأوضاع لاستيراد سلع غير مطابقة للمواصفات ومنتهية صلاحيتها وهي معروضة في معظم المحلات التجارية.
وأضاف “نتفاجأ من الكميات المهولة اللي تم ضبطها ومصادرتها من جميع الأنواع؛ مختلف أنواع السلع، المواد الغذائية ومواد التنظيف، يعني عشرات الأطنان من المواد، إن كانت منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للمواصفات أو وجود ألوان محظورة فيها”.
وشن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية في ليبيا حملة تفتيش لفحص كل المحلات التجارية، التي تبيع منتجات غذائية ومنظفات وأدوية محظورة لتفادي أي مشكلات صحية قد يصاب بها المواطنون.
وأوضح مسؤولون أن معظم المحلات التي فتشتها قوات الأمن ثبت وجود سلع منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للمواصفات بها.
وشملت هذه المنتجات عصائر ومشروبات غازية وعلكة وحلويات وأجبانا وحليبا وبسكويتا وشوكولاته وسائل غسيل شعر للأطفال وغير ذلك من المنتجات. كما تم ضبط كميات هائلة من المنتجات الدوائية المحظورة ومنتهية الصلاحية.
وقُدرت قيمة السلع المُصادرة بنحو 100 ألف دينار ليبي (حوالي 72 ألف دولار)، ومعظم هذه السلع مستوردة من دولتي الجوار مصر وتونس إضافة إلى الصين.
بلدية مصراتة صادرت أطنانا من المواد الغذائية والأدوية منتهية الصلاحية وغير المطابقة للمواصفات
وبحسب تقديرات منظمات تابعة للأمم المتحدة فإن قيمة الاقتصاد الموازي في ليبيا تبلغ أكثر من 11.4 مليار دولار. ويعتبر المصدر الرئيسي للعمل بالنسبة للعديد من العائلات الليبية، خاصة في المناطق التي تتركز في جنوب غرب وشمال غرب البلاد.
ومنذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011 تكافح السلطات لتحسين الأوضاع الأمنية في أنحاء البلاد، لكن الأمور لا تسير على ما يرام.
ورفضت الكثير من الفصائل المسلحة، التي شُكلت لمحاربة قوات القذافي، التخلي عن أسلحتها والانضمام إلى قوات الأمن الوطني. وأدى انتشار الأسلحة إلى تغيير تركيبة قطاع التهريب، ما أجبر مهربين قدامى على الابتعاد مع قدوم عناصر جديدة.
وتطورت طرق التهريب عبر الصحراء منذ 2011، فلم تعد قاصرة على الممرات التجارية غير الرسمية للسلع المهربة، بل شملت أيضا قنوات لتهريب الأسلحة والمخدرات والوقود والسجائر المزيفة، وكذلك تهريب البشر.
وفي المناطق الحدودية كان تهريب السلع المدعمة، كالوقود والأرز والمواد الغذائية الأخرى، عنصرا حاسما في الحياة الاقتصادية للبلاد.
وتفيد أرقام مسربة عن مكتب التحقيقات الخاص بالمدعي العام الليبي بأن تهريب الوقود كلف البلاد في العام الماضي حوالي 5 مليارات دينار (3.6 مليارات دولار)، دون تحديد فترة زمنية.
وتواجه ليبيا أزمة مالية في ظل استمرار الفوضى الأمنية، التي تسببت في خسائر نفطية فادحة، ما زاد من الشكوك حول قدرة الدولة على توفير السيولة المطلوبة لتغطية النفقات الضرورية خاصة بعد الاضطرابات في الحقول النفطية مؤخرا.
ويُوصف الاقتصاد الليبي بالمتغير وغير المستقر نتيجة إصابته بتضخم قياسي غير مسبوق وعجز مالي مزدوج يحركه ارتفاع المصروفات في الموازنة.
وللتعامل مع الاضطرابات الأمنية، قامت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا بخفض سعر صرف الدينار فعليا إلى 3.9 دينار للدولار من 1.3 دينار.
وأدت الخطوة لخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء من 6 دنانير إلى 5.2 دينار ليبي، حيث قال تجار ومتعاملون بأنه خفض قليلا أسعار المواد الغذائية وغيرها، التي يتم استيراد الكثير منها من الخارج.
ويلقي خبراء بالمسؤولية على المتسببين في الانقسامات السياسية بأنهم وراء الفوضى الاقتصادية وتفشي الفساد اللذين ساهما في تدهور عوائد الضرائب والجمارك وغياب حلول توفّر مصادر جديدة للدخل.