ضعف التواصل بين الحكومة والصحافيين سمة المشهد الإعلامي التونسي

الجمعية التونسية لمديري الصحف تحذر من تدهور غير مسبوق في وضع حرية الصحافة والنشر.
السبت 2023/01/07
احترام حق النفاذ إلى المعلومة

تونس - حذرت الجمعية التونسية لمديري الصحف من تردي إدارة الشأن الإعلامي كقطاع عام، مشيرة إلى أن التواصل بين الحكومة ووسائل الإعلام يكاد يكون منعدما.

وقالت الجمعية في بيان أصدرته الجمعة إن التفاعل الحكومي اقتصر على بعض وسائل الإعلام دون البقية، فضلا عن تعطل مصالح الصحافيين ومؤسساتهم بعدم الحسم في رئاسة لجنة البطاقة المهنية.

ويجد الصحافيون في تونس أنفسهم غير قادرين على الحصول على أي معلومة. ويعد إغفال الاتصال السياسي سمة بارزة لكل الحكومات التونسية ما بعد ثورة الرابع عشر من يناير 2011 ففي مجمله يعتبر قطاعا غير مهيكل ويعاني من ثغرات دورية كما تطغى عليه الخطابات السطحية.

نصرالدين النصيبي: من حق الصحافيين الحصول على المعلومة من الحكومة
نصرالدين النصيبي: من حق الصحافيين الحصول على المعلومة من الحكومة

وتعد صفحة الرئاسة على فيسبوك وما تنشره من بلاغات حول نشاط رئيس الجمهورية المصدر الرسمي والموثوق، حتى يتمكن من خلاله الصحافيون استقاء معلوماتهم.

ونبهت الجمعية إلى تدهور غير مسبوق في وضع حرية الصحافة والنشر، بما يؤشر إلى “انغلاق غير محدود وسقوط في متاهة الانفراد بالرأي وتجريم أي رأي مخالف”. وانتقدت اعتماد المرسوم 54 لمحاكمة الصحافيين ومديري المؤسسات وغيرهم ممن يساهمون بآرائهم في إثراء المشهد الإعلامي، مقابل عدم محاسبة العصابات المأجورة التي امتهنت الإساءة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق تقديرها.

ولا تتفق الحكومة التونسية مع الانتقادات المتكررة بشأن ضعف التواصل مع الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، فقد أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية نصرالدين النصيبي، في تصريحات سابقة أن “علاقة الحكومة مع الإعلام واضحة”. وأضاف، في حديث لإذاعة “ديوان.أف.أم” الخاصة، أنه من حق الصحافيين الحصول على المعلومة، قائلا “توفير المعلومة ليس مزية”، وذلك في إطار رده على الانتقادات التي طالت السياسة الاتصالية للحكومة التونسية برئاسة نجلاء بودن.

وأقر النصيبي بأنه “في وقت ما كان هناك نقص في ظهور أعضاء الحكومة باختيار منهم من أجل التمكن في البداية من ملفاتهم والقيام بإنجازات وتكون لديهم نتائج لتقديمها”. وأردف أن الترفيع في نسبة الحضور دليل على أن الوزراء قدموا أشواطا في عملهم، وأنه أصبح لديهم ما يقدمونه للإعلام والرأي العام.

ووجهت رئيسة الحكومة إلى الوزراء وكتاب الدولة في وقت سابق تعميما تحت عنوان “حول قواعد الاتصال الحكومي للحكومة”، يدعو إلى “ضرورة التنسيق مع مصالح الاتصال برئاسة الحكومة، بخصوص الشكل والمضمون، بمناسبة كل ظهور إعلامي وتحديد قائمة في المتحدثين الرسميين باسم كل وزارة وضرورة أن تتقيد هذه المؤسسات بما جاء في المنشور وتعميمها على المؤسسات الراجعة إليهم بالنظر”.

واعتبر مراقبون إعلاميون أن المنشور يكرس سياسة إعلامية مغلقة وعمودية، في حين أن الوضع الراهن في تونس يتطلب تقديم خطاب سياسي صريح يشخّص الأزمات ويقدم لها حلولا مناسبة، فضلا عن بعث رسائل طمأنة حقيقية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الواقع وتطلعات المستقبل.

كما طالب كثيرون رئاستي الجمهورية والحكومة برفع اللبس القائم في المشهد بشأن حقيقة الأوضاع، عبر مصارحة الشعب بخطاب سياسي واضح وإعلامه بكل التفاصيل والحيثيات المتعلقة بالقضايا الكبرى. ودعت نقابة الصحافيين التونسيين في هذا السياق كلا من الحكومة ورئاسة الجمهورية إلى احترام حق النفاذ إلى المعلومة، وعدم إعاقة عمل الصحافيين.

وتطرقت الجمعية إلى الصعوبات التي تتخبط فيها العديد من المؤسسات والتي قد تؤدي ببعضها إلى التوقف نهائيا عن العمل بعد عجزها عن الإيفاء بالتزاماتها المالية، إلى جانب الضرر الجسيم الذي لحق المهنة من خلال تكاتف جهود عدة أطراف لضرب مصداقية مختلف مكوناتها من مؤسسات وصحافيين.

ودعت في هذا السياق كل من له ملف يتعلق بما يسمي “الهبة البريطانية” أن يحيله على القضاء، من موقعه، في تطهير القطاع من كل ما قد يشوبه من فساد محتمل، معربة عن رغبتها في النهوض بالقطاع بعيدا عن رمي التهم جزافا.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد اتهم محللين وخبراء بوسائل الإعلام وصفهم بالمرتزقة بالحصول على أموال هبة بـ40 مليارا وهبتها شركة بين عامي 2016 و2017 لرئاسة الحكومة باسم إصلاح منظومة الإعلام.

واتهم سعيد وسائل الإعلام بممارسة “التعتيم الإعلامي” على نشاطه الرئاسي.

ويثير الرئيس التونسي مشكلة الإعلام التونسي الذي يواجه انتقادات واسعة ليس فقط من قبل الحكومة، بل أيضا من قبل شريحة واسعة من الجمهور الذي عبر مرارا عن استيائه من الإعلام وفقدان الثقة به.

ومن جانب إيجابي، سجلت الجمعية التونسية لمديري الصحف بإيجابية القرار الحكومي المتعلق بتمديد الانتفاع طيلة عامي 2022 و2023، بامتياز تكفل الدولة بمساهمات مؤسسات الصحف المكتوبة في النظام القانوني للضمان الاجتماعي، آملة أن يساهم بالقدر المتاح في تخفيف الأعباء عنها، ودعت إلى مشاركتها في صياغة الأمر التطبيقي المتعلق بمنح الامتياز.

5