ضعف التأثير يعيق مبادرة الصحف الجزائرية لحماية الحقيقة في غزة

المبادرة تسلط الضوء على مدى التأطير والتوجيه الرسميين لوسائل الإعلام المحلية، التي باتت أداة في يد السلطة.
الاثنين 2023/10/23
مبادرة لم تحقق أهدافها

الجزائر- قللت أوساط جزائرية من أهمية المبادرة التي أطلقتها ثلاثون صحيفة محلية والمتمثلة في توحيد محتوى الصفحة الأولى بهدف حماية الحقيقة في غزة من تضليل الإعلام الغربي، معتبرة أن ضعف تأثير الصحف حتى على الداخل الجزائري وتراجع مصداقيتها يفرغان المبادرة من محتواها.

وتسلط المبادرة، حسب الأوساط نفسها، الضوء على مدى التأطير والتوجيه الرسميين لوسائل الإعلام المحلية التي باتت أداة في يد السلطة.

ووحّدت ثلاثون صحيفة جزائرية صفحتها الأولى في عددها الصادر نهار أمس الأحد بمقال وصورة واحدة، وحمل المقال عنوان “غزة.. إعلام يغتال الحقيقة”، في خطوة تعبر عن موقف تضامني مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومندد بما أسماه الحقيقة المغيّبة عن الإعلام الغربي حول الجرائم المرتكبة في حق المدنيين، لاسيما الأطفال والنساء والمسنين.

"كيف لصحيفة عدد عمالها يتعدى عدد قرائها أن تساهم في توجيه الرأي العام، وما جدوى الخطوة في ظل أزمة المصداقية والانهيار الذي تعيشه الصحف الورقية"

وجاءت خطوة الصحف الجزائرية، سواء أكانت ناطقة بالعربية أم بالفرنسية، لتنضاف إلى خطوة سابقة اتخذتها ست قنوات فضائية قدمت الخميس الماضي بثا مشتركا، فيما عُرف بـ”اليوم المفتوح للتضامن مع غزة”، وتغطية المَسيرات الشعبية التي عاشتها الجزائر، من أجل التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والتنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ورغم أن المواجهة غير متكافئة بين الإعلام الجزائري ونظيره الغربي، من حيث الانتشار والتأثير وصناعة الرأي العام، إلا أن الموقف غير المسبوق في تاريخ الإعلام الجزائري وتخندقه خلف الإجماع الشعبي والرسمي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لا يبعدان فرضية تفطن السلطة إلى دور حشد طاقاتها الإعلامية في تعزيز موقفها من القضية وتوظيف ذلك في عملية استقطاب الرأي العام الداخلي.

وقدر مختصون في الجزائر أن سحْب الصحف المذكورة، رغم أنها تتضمن عناوين عريقة وتوصف بـ”واسعة الانتشار”، لا يتعدى سقف المئة ألف نسخة مجتمعة، وهو رقم يقل عن سحب صحيفة واحدة في الولايات المتحدة أو بريطانيا وحتى فرنسا، الأمر الذي يكرس حجم الفوارق بين الطرفين، لاسيما وأن مقروئية الصحف الورقية في الجزائر تمر بأسوأ مراحلها وتكاد تنعدم أحيانا.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي علق مدون على الموقف متسائلا “كيف لصحيفة عدد عمالها يتعدى عدد قرائها أن تساهم في توجيه الرأي العام، وما جدوى الخطوة في ظل أزمة المصداقية والانهيار الذي تعيشه الصحف الورقية في حشد الرأي العام المحلي أكثر مما هو عليه، وما مدى تأثيرها في إثارة الرأي العام الغربي، حول ما يرتكبه إعلامه في حملة التضليل وتشويه الوضع داخل قطاع غزة؟”.

oo

ويتناغم موقف الإعلام الجزائري، الذي لم يتبن أي موقف مماثل تجاه الأوضاع الداخلية حتى في ما يتعلق بالأوضاع المهنية والاجتماعية، مع ما ردده وزير الاتصال محمد لعقاب، الذي دعا في وقت سابق وسائل الإعلام العربية إلى “عدم منح الفرصة للرأي الإسرائيلي في مادتها الإعلامية، قياسا بما يمثله (ذلك من) اختراق للرأي العام العربي، والسماح بتلفيق الحقائق عبر التلاعب بالمعلومات”.

وأتبع لعقاب تصريحه بالإعراب عن “استعداد بلاده لدعوة وزراء الإعلام العرب إلى عقد قمة، تتناول بلورة موقف موحد للتعاطي مع الوضع المستجد في قطاع غزة، وهو ما يعتبر أمرا مستحيلا في ظل الخلافات العربية – العربية، وتقدم الإعلام العربي في تبني خطط تحريرية متباينة، بين ما هو منحاز إلى المقاومة الحمساوية وبين باحث عن المهنية والحياد في تغطية الأحداث”.

1