ضعف الإقبال على الانتخابات البرلمانية يحرج السيسي والنخبة السياسية

القاهرة- سُجل، أمس الاثنين، كما في اليوميين السابقين ضعف في الإقبال على صناديق الاقتراع ضمن المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية، خاصة في صفوف الشباب.
تفسيرات المراقبين والخبراء تباينت حول أسباب هذا العزوف في الانتخابات التي تمثل المرحلة الثالثة والأخيرة من خارطة الطريق، التي أقرها الجيش المصري في الثامن من يوليو 2013 بعد عزل محمد مرسي.
هناك من حمّل المسؤولية للأحزاب والتحالف السياسية التي لم تكن لديها إستراتيجية واضحة ووعي بأهمية العملية الاتصالية مع المواطن، وقد اقتصر جلهم على مخاطبة الشعب عبر شاشات الفضائيات، حتى أن هناك من ذهب إلى التصويت دون أن يكون له معرفة بمرشحي دائرته الانتخابية.
لكن آخرون رأوا أن ضعف الإقبال يعكس أيضا عدم رضا المصريين على النظام الحالي، في ظل أزمات ومشكلات صعبة تمر بها البلاد، والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية.
أكرم ألفي، الباحث المتخصص في الشؤون البرلمانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، رفض ربط فكرة عزوف الناخبين عن التصويت بتغير موقفهم من الرئيس السيسي أو تراجع شعبيته.
وقال لـ”العرب” إن انخفاض نسبة المشاركة له أسباب عديدة، أبرزها ضعف المنافسة الانتخابية وغياب الصراع الحزبي، كما أن نوعية المرشحين للانتخابات ساهمت بشكل كبير في عدم جذب الناخبين، خاصة أن عددا كبيرا منهم ممن يطلق عليهم “مرشحو الخدمات” لا يملكون برامج سياسية محددة.
وكشف الخبير بالشؤون البرلمانية عن تغير الثقافة الانتخابية للشعب المصري بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث شارك الشعب في ثمانية استحقاقات انتخابية خلال أربع سنوات فقط، وهو معدل مرتفع عالميا، أدى إلى الارتقاء بفكر المصريين وتوجههم نحو المرشحين السياسيين، وتشبعهم وعزوفهم عمن يقدمون الخدمات، كما كان الحال عليه قبل ثورة يناير 2011.
وأوضح ألفي أن المرشحين اتبعوا وسائل حشد بدائية وتقليدية لا تتفق بأي صورة مع حجم الثقافة الانتخابية التي يتمتع بها المصريون حاليا، حيث ظل تركيزهم على الخدمات دون تطرق للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وأزماته المتشابكة.
|
وتوقع أن يتغير المشهد خلال جولة الإعادة والمرحلة التالية من العملية الانتخابية، وأن ترتفع نسبة التصويت لأكثر من 25 بالمئة وهي نسبة مقبولة عالميا، في الدول التي تشبه الحالة المصرية.
من جانبه رأى هشام النجار، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن العزوف عن الانتخابات انعكاس للمشهد السياسي، منوها إلى أن خمول وجمود الأحزاب والتيارات السياسية وتعاملها بأسلوب نخبوي، وعدم النزول للشارع، وعدم ملأ الفراغ الذي تركه تراجع دور تيار الإسلام السياسي، كل ذلك قابله رد فعل مشابه من الناخبين والشباب على وجه التحديد.
وأشار إلى أن استخفاف الإعلام بالبرلمان القادم وتصويره على أنه تحصيل حاصل ودوره هامشي وتجميلي وليس تكميليا ومؤثرا، كان له أيضا الأثر الواضح على الناخب.
بالمقابل رأى البعض أن إبعاد الرئيس عبدالفتح السيسي عن تحميله مسؤولية هذا العزوف ليس منطقيا، وأنه الأجدى التعامل بنظرة نقدية واقعية.
وفي هذا الإطار رأى حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ضعف الإقبال مؤشر على انخفاض شعبية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورسالة قوية من الشعب تقول إن هناك حاجة ملحة للتغيير في الكثير من الهياكل التي تدير دواليب الدولة حاليا، لأن الملايين والحشود التي خرجت في ثورتي يناير ويونيو لم تشعر حتى الآن بالتغيير الذي خرجت من أجله في المرتين السابقتين.
وأكد نافعة لـ”العرب” أن هناك حالة إحباط سياسي عام تنتاب قطاعا كبيرا من المصريين، لا سيما الشباب الذي أن أصبح على يقين بأن الأوضاع لم تتحسن، بسبب عدم المبالاة بتوسيع نطاق الحريات. ونوهت بعض الدوائر المتابعة للمشهد الانتخابي إلى احتمال توظيف جماعة الإخوان لهذا العزوف وتراجع نسبة المشاركة لتحقيق مكاسب سياسية.
وكان عدد من قيادات الإخوان والمتحالفين معهم أصدروا بيانا، مساء الأحد الماضي، حرضوا فيه أنصارهم على مقاطعة الانتخابات، وعدم التصويت في المرحلة الأولى.
وزعم البيان أن الانتخابات جرى تزييفها قبل أن تبدأ وأن المقاطعة تعتبر درسا من الشعب للسلطة الحاكمة التي تجرّ البلاد إلى “هاوية سياسية واقتصادية واجتماعية”.
لكن الباحث في شؤون الحركات الإسلامية هشام النجار قال لـ”العرب” إن القضية ليست متعلقة بالإخوان ودعواتهم، واصفا الجماعة بأنها “أضعف من ذلك ولو كانوا بهذه القوة لما كان قد أقصاهم المصريون عن الحكم”، مشيرا إلى أن شعبية الإخوان وصلت إلى الحضيض، بسبب سوء إدارة الصراع السياسي عقب ثورة 30 يونيو والتورط في أعمال العنف، واللجوء إلى تحالفات إقليمية ودولية خارج إطار المظلة الوطنية.