ضرائب الأطباء تجدد الخلاف بين الحكومة المصرية والنقابات

نقابة الأطباء تؤكد التزامها القانوني بتسديد مستحقات الضرائب مع احتجاجها على نظام المحاسبة.
الخميس 2023/03/02
تحذير من هجرة الأطباء جراء التضييق

القاهرة - تجدد الخلاف بين الحكومة المصرية وبعض النقابات المهنية بعد أن اتخذت وزارة المالية إجراءات تلزم الأطباء بوضع لافتات بأسعار الخدمات المقدمة داخل العيادات الخاصة وإلزامهم بالتعامل مع مصلحة الضرائب بالفواتير، ما دفع نقابة الأطباء لإعلان موقفها الرافض لهذه الإجراءات، وطالبت بالتراجع عنها.

وقال رئيس مصلحة الضرائب بمصر مختار توفيق إن “الطبيب مُلزم بوضع قيمة الخدمات في إيصال يحق للمريض تسلمه، والمخالفة تضعه تحت طائلة القانون”.

وردت نقابة الأطباء في بيان الثلاثاء، مؤكدة التزامها القانوني بتسديد مستحقات الضرائب مع احتجاجها على نظام المحاسبة، محذرة من هجرة الأطباء جراء التضييق.

وتكررت مواقف النقابات المهنية الرافضة لقرارات اتخذتها الحكومة وارتبطت بتحصيل الضرائب ومطالبة أعضاءها بالتسجيل في الفاتورة الإلكترونية التي تم تأجيل تطبيقها بسبب احتجاجات لأعضاء نقابة المحامين لأول مرة منذ سنوات، ما أثار تساؤلات جديدة حول مدى اضطرار الحكومة إلى التراجع.

وتتجاوز أزمة الأطباء دفع تكاليف الضرائب التي سيتحملها المرضى، ويتعلق الأمر بفقدان الثقة بين الأطباء وغيرهم من أعضاء النقابات المهنية من جهة والحكومة من جهة ثانية، في ظل قناعة سائدة مفادها أن الأخيرة تستهدف الحصول على حقوقها بشكل مبالغ فيه ولا تقدم الخدمات المطلوبة مع انتشار التعليم الخاص وتقزم المؤسسات الطبية الحكومية ورفع الدعم بشكل كبير عن خدمات عديدة تقدمها.

ويواجه الأطباء عقبات لتمرير قانون “المسؤولية الطبية” الذي تقدمت به النقابة ويستهدف تطبيق إجراءات رادعة عند الاعتداء عليهم داخل العمل.

ودخلت الحكومة في مناوشات مع مجلس النقابة لرغبتها في توسيع مجالات محاسبة الأطباء على الأخطاء التي يقعون فيها، وتعطل مشروع القانون في البرلمان.

ودعا مجلس نقابة الأطباء إلى عقد جمعية عمومية قريبا لمناقشة مجموعة من الأزمات، بينها تأخر صدور قانون المسؤولية واتخاذ الخطوات المتبعة حال إصرار الحكومة على تطبيق الفاتورة الإلكترونية، فضلا عن أزمة الضرائب الجديدة.

وبالتوازي مع ذلك دخلت النقابة في نزاع قانوني ضد الحكومة احتجاجاً على قرار وزير المالية بإلزام الأطباء بالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية.

ويلزم قانون الإجراءات الضريبية تطبيق الفاتورة الإلكترونية ضمن الأنظمة الحديثة لمصلحة الضرائب مع اتجاه الدولة للتوسع في التحول الرقمي، ودعت مصلحة الضرائب جميع الممولين، منهم أصحاب المهن الحرة، إلى التسجيل بالمنظومة في موعد أقصاه منتصف ديسمبر الماضي قبل أن ترجئ التطبيق حتى نهاية أبريل المقبل.

وقال عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي (معارض) النائب إيهاب منصور إن الحكومة تستهدف تطوير آليات نظامها الضريبي بلا نظر إلى السياق الاجتماعي الذي يصعب فيه تحميل المواطنين أعباء جديدة، وأن آلياتها المتبعة وعدم تبنيها للحوار مع أصحاب المصلحة يقود إلى مزيد من الاعتراضات التي تتبناها نقابات مهنية تعبيراً عن حالة الغضب بين أعضائها.

إيهاب منصور: الحكومة تريد تحصيل ضرائب دون النظر إلى السياق الاجتماعي
إيهاب منصور: الحكومة تريد تحصيل ضرائب دون النظر إلى السياق الاجتماعي

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن حالة الغضب سببها رفض تحمل النقابات تكاليف حصول الحكومة على حقوقها المالية، وتضاعف الضغط على المواطنين بشكل غير مباشر لأنهم يتحملون في النهاية التكاليف، وسط تململ من ارتفاع معدل التضخم وغلاء الأسعار، وأن الحكومة لم تجد سبيلاً سوى الحوار، والنقاشات التي دارت مؤخراً مع نقابة المحامين استطاعت الوصول إلى حل وسط.

وشارك منصور الذي شغل منصب نقيب المهندسين في الجيزة، في اجتماعات عقدتها نقابة المهندسين مع الحكومة حول الفاتورة الإلكترونية ضمن لجنة شكلتها النقابة.

وأكد أن الجهات الرسمية لديها الرغبة في الاستماع إلى تخوفات النقابات المهنية، ويبقى تنفيذ الحلول المقدمة التي تتضمن التزامهم بحقوقهم تجاه الدولة دون أن يتحملوا المزيد من الأعباء الجديدة.

وتواصل القاهرة خططها لجس نبض النقابات المهنية بشأن التعرف على مواقفها في حال إلزامها بالقرارات التي تنوي الحكومة اتخاذها، وليس لديها غضاضة في أن تمتص الغضب دون أن تظهر كطرف ضعيف، وتعول على تطهير النقابات من عناصر تنظيم الإخوان والقيادات المحسوبة على أحزاب معارضة للابتعاد عن أي حلول صفرية ليست في صالحها مع الاحتقان الناجم عن الأزمة الاقتصادية.

وأكد عضو نقابة المهندسين الدكتور حماد عبدالله أن النقابات المهنية في صميم المجتمع المدني في مصر، والممثل الأول للطبقة المتوسطة الآخذة في التآكل ولديها أدوار مهمة في المساهمة بالتنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي لأعضائها، وهو ما تنتهجه مجالس النقابات الحالية بلا ارتباط بعوامل أيديولوجية ظلت مهيمنة عليها سنوات طويلة قبل رحيل جماعة الإخوان عن السلطة.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن الممارسات الحالية من الحكومة تخدم مسألة عودة التسييس النقابي بعد أن نزعت رداء الأيديولوجيا، لأن إقرارها لقوانين بلا رجوع إلى أصحاب المصلحة من مجالس النقابات يساهم في حالة من الاحتقان ضد توجهاتها بشكل عام، كما أن رغبة حزب مستقبل وطن في الهيمنة السياسية على بعض النقابات تساعد في عودة نوع آخر من التسييس قد لا يكون في صالح العمل النقابي.

ويمهد سلوك النقابات المهنية البيئة لمزيد من الاعتراضات الشعبية على إجراءات الحكومة حال اتخذت قرارات تتعلق برفع الدعم عن الخدمات العامة التي تقدمها، ما يضعها في مأزق الدخول في صدام شعبي على نطاق أوسع يجعل الحكومة أكثر حرصًا على إرجاء تطبيق عدد من القرارات ذات الارتباط المباشر بالمواطنين، مثل تراخيص المحال التجارية والتعديلات على قانون المصالحات في مخالفات البناء.

2