"ضب ناطق" يكشف كيف يدار الخطاب الديني في الإعلام التونسي

"واقعة الضب" عنوان جدل وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
الأربعاء 2022/10/12
تونس أمام تحدي نشر خطاب ديني متسامح

الضب عنوان جدل في تونس بعد بث التلفزيون العمومي برنامجا دينيا ورد فيه حديث ضعيف على لسان رجل دين عن ضب ناطق شهد أن محمدا رسول الله.

تونس - أثار بث التلفزة الوطنية الأولى في تونس برنامجا دينيا خاصا بالمولد النبوي الشريف احتوى حديثا مغلوطا منسوبا للرسول محمد جدلا وانتقادات واسعة.

ونقل رجل الدين سفيان الشريف خلال برنامج “نبي الرحمة” حديثا ضعيفا جدا منسوب للرسول محمد وقال “جاء أعرابي لرسول الله فقال له أنت نبي.. قال رسول الله نعم.. فقال له الأعرابي لن أؤمن بك حتى يشهد لك هذا الضب.. فقال رسول الله أتؤمن إذا شهد الضب بذلك؟ قال الأعرابي نعم أؤمن.. فقال الرسول أيها الضب من أنا.. فنطق الضب بلسان فصيح وقال أنت رسول الله”.

وأثارت الواقعة سخرية لاذعة على موقع فيسبوك في تونس خاصة أن الحديث بث في وسيلة إعلام عمومية تمثل مصدر استقاء التونسيين لأصول الدين، متسائلين عن دور الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا). واتهم أكاديميون التلفزيون الرسمي بنشر الجهل بين التونسيين من خلال استضافة من لا يفرق بين الأحاديث الصحيحة والمنكرة.

وأكد باحثون على ضرورة غربلة التراث الديني بما يتناسب مع العقل والعصر. قال الباحث عامر بوعزة:

وقال باحث في علم الاجتماع:

Brahem Sami

من باب الانسجام من قبل برواية الغزال الذي سلّم عليه والبعير الذي اشتكى له لماذا يرفض رواية الضبّ الذي شهد بنبوّته… هل بسبب قبح منظره وجمال منظر الغزال والجمل؟

تحرير المأثور الديني من الخوارق يحتاج عقلا دينيّا خارقا يميّز بين المعجزة والخرافة رغم انتمائهما لدوائر اللامعقول.

وانتقد إعلامي البرمجة الهزيلة في التلفزيون الذي تحول إلى أداة تجهيل:

Atef Mzoughi

الضب ورسول الله قراءة للشيخ على الوطنية لأولى. كم هم كثيرون هؤلاء الشيوخ في هذه الفترة من الشعوذة حتى أصبحت حال البلاد تشكي ربي. من هو الشيخ ومن قام باستدعائه؟ كارثة على التلفزة الوطنية تحدث هذه الأيام من برمجة ثقيلة وهزيلة وتبعث على الانزعاج من مستقبل أظلم

عوض أن يكون للإعلام دور لتثقيف المواطن وتوعيته ودعوته لخدمة بلاده.. لا أن يتحول إلى أداة تجهيل واستبلاه وضحك على عقول الناس من يوميات العلو الشاهق.

وقال إعلامي آخر:

وعج موقع فيسبوك بتدوينات ساخرة منها “جمهورية الضب” و”يا ليل الضب متى غده”. وأشار معلقون إلى أنهم يريدون تكملة القصة ومعرفة إن “كان الضب مربي (أليفا)  أو جالي (بريا) أو متعدي بالصدفة (مارا صدفة)”؟

وسخر معلق:

Wael Ounifi

اعترضني شخص ومعه ضبّ،

قال: أ تحب يوم الاثنين؟

قلت: نعم.

قال: لا أصدقك حتى يصدقك هذا الضب.

تكلمّ الضب بفصيح اللغة وقال: يكذب #ضبّ

وتذكر معلقون قصة سابقة رواها الرئيس التونسي قيس سعيد قبل أن يتولى الرئاسة بطلها ضب أيضا. وتهكم معلق:

وتساءل معلق:

Abdelbasset Ben alloul

هل ضبّ الطبراني هو نفسه الضبّ الإخشيدي وهو نفسه الضبّ خطيب تونس سبعة وإلاّ كلّ واحد والضبّ متاعو؟ كثرت الضبوبة ودخلنا عصر الضبّ والواحد يلزم يعرف راسو من ساقيه.

ورغم حملة الانتقادات الواسعة التي طالت مضمون الحلقة الدينية لم تبادر التلفزة الوطنية بتصحيح الخطأ وهو ما طرح تساؤلات حول الخطاب الديني في تونس ودور وزارة الشؤون الدينية والهايكا في مراقبة البرامج الدينية.

وتساءل معلق:

haleds Dhaoui

جمهورية الضب

شيخ الضب هذا أليس من خريجي الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين الوسطية الأشعرية؟

وقال آخر:

وكتب الباحث في الحضارة الإسلامية غفران الحسايني تدوينة مطوّلة عنونها بـ”من أجل تفكير ديني وليس ترديدا دينيا”، وقال “..انحدر تفكيرنا العقلاني في الإسلام في تونس خاصة والعالم الإسلامي عامة وأصابه الخمول والدروشة والتسطيح وبرز أدعياء الفقه والترديد والشروح وشرح الشروح والحواشي منذ القرن السابع للهجرة.. فكل ترديد في كلام السابقين دون تفكير يعيد نفس النتائج السابقة في معاداة كل تعقّل وإن كان تعقلا مؤمنا لم يذهب في طريق الحياد التجريبي المؤدي بصاحبه إلى الريب والشك الهدام”.

وخلُص الباحث إلى أن “ما يجب أن نهتم به، هو الانكباب على دراسة العلوم العقلية والفلسفية والعرفانية التي أنتجها المسلمون والانفتاح على المعارف الإنسانية والعلوم العقلية عسى أن يخرج جيل يفهم الإسلام بعقله وقلبه معا”.

ويحاول التلفزيون الرسمي في إطار خطط الحكومة نشر الفكر الإسلامي المتسامح وقطع الطريق أمام الفكر المتطرف وأمام الفتاوى المثيرة للجدل التي تروجها فضائيات عربية. وكانت الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السّمعي والبصري “الهايكا” أصدرت قرارا في يونيو 2019 بحصر إسناد ترخيص إحداث واستغلال القنوات التلفزيونية والإذاعية الدينيّة للإعلام العمومي دون سواه.

ورغم ذلك يسعى السلفيون للسيطرة على المشهد الديني من خلال أنشطتهم داخل المساجد وعلى مواقع التواصل، خاصة بعد انتشار المنابر الدينية دون معايير أو رقابة تحدد خطابها ونهجها، وتحمي المشاهد من تأثيراتها السلبية.

وقبل شهر أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن فتح تحقيق في ما تم تداوله بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص إلقاء داعية سلفي محاضرة في قصر العلوم بالمنستير.

وذكرت دراسة صدرت عن مؤسسة “مؤمنون بلا حدود” أن شبكات التواصل الاجتماعي تضطلع بدور خطير في نقلها ملامح الحالة الدينية في تونس، يبلغ درجة عالية من القدرة على التأثير في الوضع.

16