ضبابية السياسة الأميركية تشل حركة تركيا في سوريا

حالة من الغموض تلف السياسة الأميركية حيال سوريا وهذا ما يؤثر على باقي القوى المنخرطة في النزاع وعلى رأسها تركيا التي تبدو غير قادرة على اتخاذ أي خطوة عملية إلى حين اتضاح الرؤية الأميركية.
دمشق – تسيطر حالة من الترقب الممزوجة بالقلق حيال الخطوة التالية للولايات المتحدة بعد القضاء نهائيا على “خلافة” تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، ومدى جديتها في سحب قواتها من هذا البلد، حيث أنه لم يسجل حتى الآن أي تقدم على هذا المستوى، فضلا عن جمود المبادرة التي طرحتها بشأن المنطقة الآمنة شرق الفرات.
وليست وحدات حماية الشعب الكردية وحدها القلقة من التوجهات الأميركية فهناك روسيا وتركيا على وجه الخصوص التي تبدو عاجزة عن اتخاذ أي خيار قبل أن
تدلي الولايات المتحدة بدلوها في هذا السياق.
ويرى محللون أن أنقرة تجد نفسها بين خيار الإبقاء على التعاون مع روسيا وهذا يتطلب كبادرة لحسن النية تفعيل اتفاق إدلب المجمد، أو الانتظار إلى حين انجلاء الغبار عن خطط واشنطن في سوريا لتبني على الشيء ومقتضاه.
ومعلوم أن تركيا تفضل التعاون مع الحليف في الناتو، خاصة وأن الرهان على التعاون مع روسيا سيكون مكلفا لجهة أن الأخيرة تتبنى سيطرة دمشق بالكامل على أراضيها.
ويرى محللون أن تركيا ولئن كانت تخدمها حالة الاستكانة الحالية في ظل انشغالها بالانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 31 مارس الجاري، بيد أنها تدرك أن عليها التحرك وحسم موقفها بين تعزيز التعاون مع روسيا أو إعادة التموضع إلى جانب الحليف اللدود أي الولايات المتحدة.
ويعتقد كثيرون أن الولايات المتحدة لا تبدو مستعجلة في مغادرة سوريا، كما أنها ليست في وارد التخلي عن الحليف الكردي وهذا الأمر سيدفع أنقرة نحو تكريس التعاون مع روسيا.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الجمعة “تركيا تواصل مباحثاتها مع الولايات المتحدة حول إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا، بالتوازي مع التنسيق مع الشركاء الروس”.
واستدرك أوغلو بالقول “نرى أن الولايات المتحدة لا تمتلك استراتيجية أو خطة عمل (بالمنطقة)، ما عدا التصريحات المتضاربة الصادرة عنها، وما يهمنا هو عدم استغلال التنظيمات الإرهابية (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردي) الفراغ الذي سيتشكل بعد الانسحاب الأميركي، لأن هذا يشكل أهمية بالنسبة لأمن بلادنا وسوريا معا”.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده أوغلو مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، بعد الاجتماع السابع لمجموعة التخطيط الاستراتيجي المشترك التابع لمجلس التعاون التركي الروسي الرفيع المستوى، بولاية أنطاليا جنوبي البلاد.
وأعلن الوزير التركي أن واشنطن أبلغتهم أن هناك إمكانية للحفاظ على وجودها العسكري في سوريا، في حال سيطر الجيش السوري على الأراضي على طول الحدود التركية في شمال المنطقة.
وقال “أعلنت الولايات المتحدة أنها لن تسحب قواتها من سوريا إذا حرر الجيش الحكومي الأراضي في شمال البلاد”، ولا يعرف كيف ستحافظ واشنطن على هذا الوجود في حال استعادت دمشق المنطقة.
ومن جهته دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى إعادة الوضع في منطقة شرقي الفرات إلى ما كان عليه قبل التدخل الأميركي في سوريا.
وأشار إلى أن “روسيا وتركيا تتبنّيان موقفا مشتركا من قضية شرق الفرات، يتمثل في ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها مع مراعاة مصالح تركيا الأمنية بشكل كامل”. كما دعا لافروف إلى ضرورة إشراك جميع الأطراف المعنية في تسوية الوضع شرقي الفرات ومسألة تأمين الحدود في المنطقة، مشيرا إلى أن اتفاقية أضنة
بين تركيا وسوريا تعتبر أساسا جيدا لهذا العمل.
وكان ترامب أعلن في 19 ديسمبر الماضي قرار سحب قوات بلاده من سوريا بدعوى تحقيق الانتصار على تنظيم داعش، لكن دون تحديد جدول زمني. وقدر مسؤولون أميركيون أن عملية الانسحاب من سوريا قد تتواصل حتى مارس وهو ما لم يحدث حتى الآن.