صيف قائظ يزيد الجزائريين نفورا من الانتخابات الرئاسية

هل تكون الحملة الإلكترونية بديلا للاتصال المباشر مع الشارع.
السبت 2024/07/20
حرارة الطقس عامل جديد في العملية الانتخابية

تتزامن فترة الانتخابات الرئاسية في الجزائر، والمزمع إجراؤها في السابع من سبتمبر القادم، مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يمكن أن يزيد مخاوف الجزائريين من نفور الفئات الشعبية من الاستحقاق المرتقب، ويفتح الباب أمام التعويل على التواصل الإلكتروني مع الناخبين بدل مخاطبتهم في الشارع.

الجزائر - تسجل الجزائر موجة حرّ شديدة، زادت من التزام البعض ببيوتهم، بينما يفر البعض الآخر إلى السواحل، لكن منتسبي الهيئات الرسمية الأمنية والإدارية أجلوا إجازاتهم السنوية تحسبا للانتخابات الرئاسية، وفي ظل هذا الوضع تزداد حالة التنافر بين الشارع الجزائري وبين الحدث السياسي، بسبب الظرف المناخي واللامبالاة المعهودة في الاستحقاقات السياسية.

وتنطلق بالجزائر منتصف شهر أغسطس المقبل، الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر القادم، وسط أجواء من الشكوك في قدرة المتنافسين على قصر المرادية في إيصال برامجهم ورسائلهم إلى الشارع الجزائري، بسبب الظروف المناخية السائدة، حيث تتوقع مصالح الأرصاد الجوية أن يكون الطقس قائظا خلال هذه الصائفة، وهو ما سيزيد من فرار الجزائريين من ساحات العرض السياسي إلى أماكن الاسترخاء والنسائم اللطيفة.

وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، قد قرر في شهر مارس الماضي، تقديم موعد الانتخابات الرئاسية من شهر ديسمبر إلى شهر سبتمبر، لاعتبارات تقنية حسب ما رددته دوائر السلطة، بينما تضاربت القراءات حول خلفيات ودواعي القرار، لكن الذي غاب عن أصحاب القرار، أن الظرف المناخي لا يساعد على الانخراط الشعبي في الاستحقاق السياسي، خاصة وأنه تزامن مع موسم الإجازات السنوية والاستعداد للدخول الاجتماعي.

وينتظر أن يجد المتنافسون على قصر المرادية، أنفسهم في رحلة البحث عن الناخبين في القاعات والساحات العامة خلال هذا الصيف القائظ أولا، ثم محاولة إقناعهم ببرامجهم ثانيا، ويطرح الأمر بحدة في المحافظات والمناطق الداخلية التي تشهد طقسا قائظا خلال فصل الصيف، وهو ما يبرز الصعوبات التي ستعتري الحملة الدعائية التي تدوم ثلاثة أسابيع.

ويرتقب متابعون للشأن الداخلي، بأن تكون التجمعات الشعبية والعمل الجِوَارِي، من العراقيل التي تعيق عمل المرشحين للانتخابات الرئاسية، ولذلك يرجح أن يلجأ هؤلاء إلى تكثيف حملاتهم في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، لتعويض اللقاءات المباشرة، لكن ذلك لا يؤدي المهمة بشكل سلس برأي هؤلاء، خاصة وأن الاهتمام الشعبي منصب على الانشغالات اليومية والبحث عن فرص الاستجمام والفرار من لفحات الشمس الحارقة والرطوبة الثقيلة.

وينتظر أن تعلن الهيئة المستقلة للانتخابات أن تعلن بعد عشرة أيام بداية من يوم الخميس، عن اللائحة الأولية للمرشحين الذين استوفوا شروط الترشح، قبل ترسميها ودراسة الطعون من طرف المحكمة الدستورية، وهي اللائحة التي بدأت معالمها تتجلى من خلال عملية إيداع الملفات، بما أن العدد الأكبر لم يكلف نفسه عناء التقدم إلى الهيئة المذكورة بعدما فشل في جمع العدد اللازم من استمارات التزكية.

ويستوجب قانون الانتخابات الجزائري، على الراغب في الترشح للانتخابات الرئاسية الحصول على 50 ألف تزكية للناخبين من 29 محافظة على ألا يقل العدد في المحافظة الواحدة عن 1200 تزكية، أو 600 تزكية على الأقل لمنتخبين في المجالس المحلية أو الوطنية، وهو الاختبار الذي سقط فيه غالبية الراغبين، بسبب ما أسموه بالبيروقراطية ونقص الإمكانيات البشرية واللوجستية، كما صرحت به المرشحة المنسحبة لويزة حنون، لتبرير قرار انسحابها المبكر من خوض الاستحقاق. 

◙ عبدالمجيد تبون يحظى بدعم جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل وحركة البناء

وكان أول أمس الخميس، موعد إيداع ملفات الترشح، وظهر الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون، الذي كان آخر المعلنين عن ترشحه للانتخابات، في مبنى الهيئة لإيداع ملفه، وسط أجواء من التفاؤل بالمرور إلى ولاية رئاسية ثانية، باعتباره مرشح السلطة المدعوم من طرف دوائر السلطة النافذة، وعلى رأسها مؤسسة الجيش، فضلا عن الأذرع الحزبية والأهلية التي قررت دعمه.

ويحظى الرئيس تبون، بدعم أحزاب الأغلبية في البرلمان، وهي جبهة التحرير الوطني (الحاكم سابقا)، والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة المستقبل وحركة البناء الوطني (إسلامي). وصرح المرشح تبون، لوسائل الإعلام، “كما ينص عليه القانون جئت لإيداع ملف الترشح رسميا لدى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وأتمنى أن تقبل السلطة المستقلة الملف الذي طُرح أمامها”.

وينتظر أن توزع المداومة الانتخابية للمرشح تبون، المهام الدعائية على الوجوه الحزبية والأهلية المؤيدة له، بينما يكتفي هو بتنظيم تجمعات محدودة في جهات البلاد، وهو ما يخفف المأمورية على مرشح السلطة، بينما سيكون الأمر معقدا ومتعبا للمرشحين الآخرين خاصة في ظل الظروف المناخية السائدة. 

كما قدّم الأمين الوطني الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، أول حزب معارض، ملف ترشحه، وقال في تصريح للصحافيين، “رغم العوائق العديدة والمناخ غير المساعد على العمل السياسي تمكنا من تجاوز هذه المحطة”. وأضاف “لا شيء يمكن أن يحدث بدون التصويت يوم الانتخاب للرجل المناسب، وأن الحزب جمع 1300 توقيع للمنتخبين، وهو أكثر بكثير مما يطلبه القانون”، بينما لم يكشف عن عدد تزكيات الناخبين العاديين. كما قدم رئيس حركة مجتمع السلم أكبر حزب الإخوانية في الجزائر، عبدالعالي حساني شريف، ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية. 

وصرح المسؤول في الحزب أحمد صادوق، أن “مرشح الحركة جمع تواقيع أكثر من تسعين ألف مواطن و2200 منتخب من أعضاء مجالس البلديات والولايات والبرلمان”. وتعلن قائمة المرشحين الذين قبلت ملفاتهم في 27 من شهر يوليو الجاري، على أن تبت المحكمة الدستورية في الطعون المحتملة في الثالث من شهر أوت القادم، وتنطلق الحملة الدعائية إلى 13 من نفس الشهر.

وبعد انسحاب زعيمة حزب العمّال الجزائري لويزة حنّون مؤخرا من السباق الانتخابي الرئاسي، لاتزال امرأتان مرشحتين للرئاسة، وهما سيدة الأعمال، ورئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية سعيدة نغزة، والمحامية والحقوقية، ورئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي زبيدة عسول. والجمعة، أعلن التلفزيون الجزائري، أن السلطة المستقلة للانتخابات استقبلت ملفات 16 مرشحا للانتخابات الرئاسية المقبلة، بينها ملف الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون.

وذكر التلفزيون الرسمي أن عدد الراغبين في الترشح والذين استطاعوا تشكيل الملفات القانونية مرفقة باستمارات الاكتتاب الفردي “بلغ 16 مترشحا من أصل 35 كانوا أعلنوا نيتهم دخول المنافسة على الاستحقاق الرئاسي الذي سينظم في 7 سبتمبر المقبل". ومن جهتها، أشارت سلطة الانتخابات أن تقديم ملفات الترشح "انتهى أمس الخميس عند منتصف الليل” لتباشر عملية المعالجة وإصدار القرار في الملفات المقدمة في غضون 7 أيام.

4