صوم الأم أثناء الرضاعة آمن شرط الحفاظ على نظام غذائي سليم

أبحاث حللت مؤشرات صحة الأمهات المرضعات، تكشف أن الانقطاع عن الأكل لفترة طويلة خلال شهر رمضان وخصوصا في البلدان الحارة قد يصيب الأم المرضعة بالجفاف.
الخميس 2018/05/31
الصوم لا يؤثر على مستوى إنتاج الأم للحليب

واشنطن- كشفت دراسة علمية أن الصيام لا يضر بصحة الأم المرضعة وأنه لا يؤثر على مستوى إنتاج حليب الأم، شريطة الإكثار من شرب الماء. ووجد الباحثون بعد أخذ عينات من حليب بعض الأمهات المرضعات أثناء الصيام وبعده، أن الصيام لم يؤثر على مستوى بعض المغذيات التي تحتاجها الأم بكميات كبيرة للحفاظ على صحتها مثل البروتينات، الكربوهيدرات والدهون. وكان تأثير الصيام محدوداً للغاية على بعض العناصر الغذائية الأخرى التي تحتاجها الأمهات بكميات صغيرة كالزنك والمغنيسيوم والبوتاسيوم.

ووفقاً للأبحاث التي حللت مؤشرات صحة الأمهات المرضعات، فإن في أغلب الحالات لا تختلف صحة الأم المرضعة عن غيرها من النساء أثناء الصيام، إلا أن الانقطاع عن الأكل لفترة طويلة خلال شهر رمضان وخصوصا في البلدان الحارة قد يصيب الأم المرضعة بالجفاف.

تفقد المرأة المرضعة ما يقارب (7.6 بالمئة) من ماء جسمها خلال ساعات الصوم، كما أن تركيز الصوديوم وحمض البول يرتفعان بشكل أكبر. ويغير الصوم من تركيز اللاكتوز والبوتاسيوم والضغط في الحليب.

 

تخشى الكثير من الأمهات االمرضعات من أثر الصيام على صحتهنّ وصحة أطفالهن، لا سيما أولئك اللاتي مازلن خلال فترة الرضاعة. لكن البحوث أثبتت أن اتباع نظام غذائي سليم وتعويض حاجيات الجسم من السوائل والفيتامينات، طوال الفترة التي تمتد بين الإفطار والسحور، يسمحان للمرضعة بالصيام دون مشكلات

يوصي الأطباء بالانتباه لبعض الأعراض مثل العطش الشديد وتحول لون البول إلى لون غامق والإصابة بالدوار والشعور بالإرهاق الشديد وجفاف في الفم وفي الشفاه والعينين والصداع الشديد. وأوضح الباحثون أنه في حال استمر الجسم في إفراز كميات كافية من الحليب، لن يشعر الطفل بأي تأثير. فهو سيستمر في الحصول على نفس كمية الحليب كما في السابق مع اختلاف طفيف في تركيبته التي تحتوي على كميات أقلّ من الدهون وذات نوع مختلف أثناء صوم الأم. ولكن إذا حافظت الأم على نظام غذائي سليم، لن تتأثر كميات الحليب التي يحتاجها الطفل مع الصيام.

وجدت دراسة أخرى تركية أنّ تناول الأمّهات المُرضعات لكافّة العناصر الغذائيّة والسّعرات الحراريّة ينخفض خلال شهر رمضان، باستثناء فيتامين أ، وفيتامين هـ، وفيتامين ج، ممّا يُمكن أن يحمل تأثيرات سلبيّة على الحالة الغذائية للأُم.

ويقدم أخصائيون جملة من النصائح من أجل رضاعة طبيعية آمنة خلال الصيام:

*  شرب كميات كبيرة من الماء بين وجبتي الإفطار والسحور، فرغم أنّ الجفاف البسيط المُؤقّت لا يُسبّب انخفاضا في إدرار الحليب، إلّا أنّ الجفاف الشّديد يُمكن أن يُسبّب انخفاضا في إدراره، الأمر الذي يصعب على بعض الأُمّهات عملية استعادته، وقد وُجدت هذه النّتائج في الأمّهات اللواتي ينقطعن الطّعام والشّراب بسبب المرض.

* الحصول على كمية كافية من الراحة وتجنّب الخروج في الجو الحار خلال الصيام.

* اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على كل العناصر الغذائية اللازمة.

* مراقبة الطفل والتأكد من أنه يحصل على كمية كافية من الحليب، وأنه لم يفقد الوزن أو يقوم بتبليل حفاضات أقلّ، أو يستمر في البكاء.

* على الأم المرضعة أن تحرص على تناول احتياجاتها اليوميّة من العناصر الغذائيّة والسّعرات الحراريّة من الأغذية الصحيّة في فترة الإفطار.

* تجنّب التّعرض للشّمس أو لدرجات الحرارة المُرتفعة حتى لا يتمّ فقدان المزيد من السّوائل من الجسم والتّعرض الأكبر للجفاف.

* تجنّب ممارسة الأعمال الشّاقة أثناء ساعات الصّيام.

* في حال الشّعور بالتّعب الشّديد أو بعض أعراض الجفاف، لابدّ من شرب الماء وتناول السّكريّات البسيطة والحصول على الرّاحة، وفي حال استمرّت الأعراض بعد ذلك بأكثر من نصف ساعة فلا بدّ من مراجعة الطّبيب.

ولأن الكثير من الأمهات المرضعات يرغبن في صيام شهر رمضان، يشدد الأطباء على ضرورة الانتباه إلى إشارات الجسد وإنذاراته. فرضاعة الطفل تظل ذات أولوية وصحته وصحة أمه شرط أساسي لمواصلة الصيام. ويفضل الخبراء الاستئناس دائما برأي الطبيب والالتزام بكلامه والتقيد قدر الإمكان بالفترة اللازمة للرضاعة الطبيعية التي تفيد الأم والرضيع على حد سواء.

فقد أظهرت دراسة سابقة أن الرضاعة الطبيعية لمدة ستة أشهر أو أكثر، تخفض من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

الأمهات اللواتي يرضعن لشهور بعد الولادة، ينخفض لديهن خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة تصل إلى النصف

وقام الباحثون في الولايات المتحدة بتحليل البيانات الصحية للنساء اللواتي شاركن في دراسة تتعلق بصحة القلب، منذ أكثر من 30 عاما، وتم رصد أنماط حياتهن وصحتهن طوال تلك الفترة. ووجد الباحثون أن اللواتي أرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية لمدة ستة أشهر على الأقل، كنّ أقلّ عرضة للإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 47 بالمئة خلال العقود الثلاثة التالية مقارنة بالأمهات اللواتي لم يقمن بالإرضاع من الثدي.

كما انخفض الخطر بنسبة 25 بالمئة لدى النساء اللواتي أرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية لمدة تقل عن ستة أشهر. ويعتقد العلماء أن هناك أسبابا بيولوجية تفسر سبب حماية الرضاعة الطبيعية للنساء من مرض السكري، فمن المعروف، على سبيل المثال، أن تعزيز الهرمونات التي تتحكم في مستويات الإنسولين في الدم وانخفاض نسبة السكر في الدم، يمكن أن تساعد الأمهات الجدد أيضا في فقدان الوزن المكتسب أثناء الحمل.

وتقول الدكتورة إريكا غوندرسون، كبيرة الباحثين في “كايزر بيرماننت ديفيجن” بولاية كاليفورنيا “وجدنا علاقة قوية جدا بين فترة الرضاعة الطبيعية وانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل المحتملة الأخرى”.

وأضافت “لقد انخفض معدل الإصابة بالسكري بشكل متدرج مع ازدياد فترة الرضاعة الطبيعية بغض النظر عن العرق وسكري الحمل وسلوكيات نمط الحياة وحجم الجسم وعوامل الخطر الأيضية الأخرى التي تم قياسها قبل الحمل، مما يعني إمكانية وجود آلية بيولوجية”.

وتابعت “لقد وجدت الأبحاث أن الأطفال الرضع الذين يحصلون على رضاعة طبيعية لديهم مشاكل صحية أقل ممن يحرمون منها، مثل التهابات الصدر أو تطور مشاكل صحية أخرى مثل مرض السكري أو الإصابة بالسمنة المفرطة مع التقدم في السن”.

وقالت الدكتورة تريسي فلاناغان، مديرة صحة المرأة في كايزر بيرماننت “عرفنا لفترة طويلة أن الرضاعة الطبيعية لها فوائد كثيرة للأمهات والرضع على حد السواء، إلا أن الأدلة السابقة أظهرت آثارا ضعيفة فقط على الأمراض المزمنة لدى النساء، أما الآن، فنحن نرى حماية أقوى بكثير، من خلال هذه الدراسة الجديدة التي تبيّن أن الأمهات اللواتي يرضعن لشهور بعد الولادة، ينخفض لديهن خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة تصل إلى النصف مع تقدمهنّ في السن”.

مشيرة إلى أنّ هذه النتائج تعتبر سببا كافيا لدعوة الأطباء والممرضين والمستشفيات إلى دعم النساء وأسرهن من أجل توفير رضاعة طبيعية للأطفال لأطول فترة ممكنة.

17