صوماليون ينعمون بفسحة سلام في مطعم عائم بمقديشو

مقديشو- يتلذّذ أحمد يوسف بوجبة من ثمار البحر الطازجة على متن مركب محاط بمياه فيروزية حُوّل إلى مطعم عائم، ويكاد الشاب لا يصدّق أنه في مقديشو.
على مسافة قريبة عند شاطئ ليدو الرملي الأبيض يلعب أطفال بالكرة فيما يتنزه سكان محليون أو يسبحون في المياه بمنأى عن أسماك القرش الكثيرة فيها.
رغم الهجمات الكثيرة التي تنفذها حركة الشباب الإسلامية، فإن الوضع قد تحسن نسبيا، ما جعل الصوماليين يسعون إلى ممارسة المزيد من الأنشطة الترفيهية خارج منازلهم على شاطئ ليدو الشهير برماله البيضاء والذي يجتذب الحشود.
في يناير، صنع عبدالقدير محمد إبراهيم وهو مقاول صومالي، مركبا من طابقين، وحوّله إلى مطعم عائم حيث يمكن للزبائن التمتع بالهواء البحري وطلب الشاي أو المشروبات الباردة والتلذذ بثمار البحر.
يروي أحمد يوسف وهو زبون منتظم، “أحيانا أشعر بأنني لست في مقديشو. فهنا هدير الموج والمحيط الجميل فيما أتلذذ بمنتجات البحر على المركب. آمل أن تفتح أماكن أخرى كهذه في المستقبل”.
إجراءات أمنية لحماية الشاطئ الذي يمتد على مسافة كيلومترين ونصف الكيلومتر من أي هجمات قد ينفذها إرهابيون
وصاحب “لا لانتيرنا” الذي كان مقيما في إيطاليا؛ سلطة الاستعمار السابقة، وعاد إلى بلاده الآن، حاول إطلاق مشاريع عدة في مقديشو من بينها وكالة سفريات، لكن من دون أن ينجح.
يقول إبراهيم، “عندما رأينا أن ثمة دولا متطورة لديها مطاعم على متن مراكب للسياح، أتتنا فكرة إقامة مطعم حيث يمكن للناس تمضية بعض الوقت، وبات لدينا الآن مطعم عائم في مقديشو”.وبسبب ضيق المكان، لا يتسع المركب للمطبخ لذا يتقدم الزبائن بطلبياتهم قبل يومين ليحضر الطعام على اليابسة وينقل إلى المركب.
وللمحيط نزواته أحيانا ما يضطر الزبائن إلى التمسك بأطباقهم على ما يؤكد إبراهيم. وعندما تكون المياه هادئة يبحر المركب قبالة شواطئ مقديشو.ويؤكد، “لقد بنيت المركب مع أصدقاء لي وهو يتسع لأربعين شخصا في الوقت الراهن، لكن أنوي زيادة قدرة الاستيعاب لتصل إلى خمسين شخصا. البحر قاتم اللون ليلا وما من مركب آخر في المياه على شاطئ ليدو لذا سميته “لا لانتيرنا” أي المصباح بالعربية”.
وفتحت الكثير من المطاعم على طول شاطئ ليدو منذ طردت حركة الشباب من العاصمة التي شوهتها المعارك، في العام 2011.
ومع تحسن الوضع الأمني الذي يبقى مهتزا رغم ذلك، عاد إلى البلاد بعض صوماليي الشتات الذين كانوا قد غادروها بسبب الفوضى التي غرقت فيها إثر سقوط نظام سياد بري في العام 1991. وعاد شاطئ ليدو الآن وهو من الفضاءات العامة القليلة في العاصمة، ليستقطب الزوار.
ولا يأخذ الكثير من أصحاب المطاعم في اعتبارهم خطر القرصنة، وهم يضعون خططا لمشاريعهم، لكن إبراهيم كان ملزما بالتفكير في ذلك عندما قرر افتتاح مطعم لا لانتيرنا العائم قبالة شاطئ ليدو.
وقال “فكرنا بأن القراصنة قد يختطفون القارب ويستخدمونه للهجوم على سفن الشحن فجعلنا القارب بطيئا”، موضحا أن ذلك لن يجعله مطمعا في أعين القراصنة لاستخدامه في أي هجوم.
وهناك إجراءات أمن إضافية ونقاط تفتيش لحماية الشاطئ الذي يمتد على مسافة كيلومترين ونصف من أي هجمات محتملة قد ينفذها إرهابيون؛ وبذلك يشكل الشاطئ ملاذا بعيدا عن العاصمة التي تشهد أعمال العنف والمعارك والهجمات.
يقول إبراهيم “أمن زبائننا وسلامتهم هي الهم الأكبر. نحرص على تفتيش الجميع قبل صعودهم إلى المركب”. وأضاف “آمل أن يقدم آخرون على الخطوة نفسها فالناس بحاجة إلى فرص ترفيه عن أنفسهم بعد يوم عمل شاق وضغط نفسي. تزداد الحجوزات يوما بعد يوم. ونهدف أيضا إلى جذب مستثمرين وسياح”.
وتقول فادومو حمد محمد الصومالية المقيمة في بريطانيا في أول زيارة لها إلى المطعم العائم، “هذا المكان جميل جدا وثمة تحسن نسبي في وضع البلاد. تناولت الغداء اليوم على متن هذا المركب في هذا المحيط الجميل. تجربة رائعة ما كنت أتصور أنها ممكنة الآن في مقديشو”.
يمضي احمد يوسف الذي يعمل في المجال الإنساني غالبية أيام العطلة الأسبوعية على شاطئ ليدو، وغالبا ما يأتي لتناول العشاء على متن “لا لانتيرنا”. يقول”الضغط النفسي يزول ما إن أصعد على متن المركب. فأنا لا أخشى التفجيرات والهجمات الانتحارية لأننا بعيدون عن المدينة ونستمتع بالمحيط”.