صورة مصافحة وزير العدل لأحد رموز عهد الأسد تفتح جدل العدالة الانتقالية

ناشطون يعتبرون أن مجرد المصافحة العلنية تحمل دلالات سياسية مقلقة.
الجمعة 2025/04/11
تحديات كبيرة

عبّر العديد من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من مصافحة وزير العدل في الحكومة الجديدة مظهر الويس لعمار بلال القاضي في محكمة الإرهاب في عهد الرئيس السابق بشار الأسد معتبرين أنها ضربة قوية لمسار العدالة الانتقالية الذي لم يبدأ بعد.

دمشق - انتشرت صورة مصافحة وزير العدل السوري الجديد مظهر الويس للقاضي عمار بلال، رئيس النيابة العامة في محكمة الإرهاب سابقًا، مثيرة موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتساؤلات عن أسباب غياب المرحلة الانتقالية في سوريا ووجود رموز النظام السابق في المشهد الحالي.

وتم تداول الصورة بعد نشرها عبر الحسابات الرسمية لوزارة العدل، وأظهرت الويس خلال لقائه موظفي الوزارة وهو يصافح القاضي عمار بلال ابن اللواء غسان بلال مدير مكتب ماهر الأسد، شقيق الرئيس السابق بشار الأسد، والذي يُتهم من قبل ناشطين حقوقيين بلعب دور محوري في إصدار تهم أدّت إلى إعدام المئات من المعتقلين خلال فترة توليه منصبه في محكمة الإرهاب.

وعبّر العديد من السوريين بمن فيهم نشطاء حقوقيون وإعلاميون عن استيائهم من استمرار ظهور وجوه مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، واعتبروا أن مجرد المصافحة العلنية لبلال تحمل دلالات سياسية مقلقة، خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تتطلب تطمينات حقيقية بأن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى، وجاء في تعليق:

وأضاف آخر:

وعبر آخر عن انزعاجه قائلا:

ورأى آخر الوضع في البلاد لم يتغير مع وجود المحسوبيات:

واعتبر آخرون أن الأمر يعكس غياب إرادة حقيقية في محاسبة من تورطوا في الانتهاكات الجسيمة خلال حكم الأسد. وقال أحدهم إن الحكومة الحالية المحسوب غالبيتها على هيئة تحرير الشام لا تختلف كثيرا عن النظام السابق فلا داعي للاستغراب:

ونشرت وزارة العدل بيانًا مقتضبًا أرفقته مع الصورة، أوضحت فيه أن الوزير عقد اجتماعًا مع موظفي الوزارة أكد خلاله “أن لكل مواطن دوره في بناء البلد، وأن تطبيق القانون وتقديم الخدمات القضائية هو واجب على كل موظف، مع التشديد على ضرورة تعزيز كفاءة العمل القضائي.”

ورأى بعض المستخدمين أن وزير العدل، الذي لم يمضِ على توليه المنصب سوى أيام قليلة، وقد يكون غير مطلع بالكامل على الخلفيات المرتبطة ببعض الشخصيات العاملة في الوزارة، وجاء في تعليق:

لكن هناك من رفض أي مبررات بهذا الخصوص:

ويُعد القاضي عمار بلال من الأسماء المثيرة للجدل، نظرًا لما نُسب إليه من دور في تلفيق تهم ضد معتقلين سياسيين وحقوقيين، وإصداره قرارات إعدام بحقهم ضمن محاكمات افتقرت إلى أدنى معايير العدالة، بحسب تقارير حقوقية محلية ودولية.

والجدل حول هذه المصافحة يعيد إلى الواجهة النقاش حول مسار العدالة الانتقالية في سوريا، ومدى استعداد السلطة الجديدة لتطهير المؤسسات من المتورطين في الحقبة الماضية، وفتح ملفات الانتهاكات بشكل جاد، بدلاً من الاكتفاء بشعارات المصالحة دون محاسبة.

وأحد أهم الانتقادات التي وُجّهت إلى الحكومة السورية كانت إعطاء أولوية العفو على عملية متكاملة للعدالة الانتقالية، وبذلك وضعت نفسها في مواجهة هذه العملية لا كجزء منها، إضافة إلى احتكار القرار وسرعته وسؤال مدى مشروعيته في موضوع مصيري كهذا.

وتم ذُكِر العفو والمسامحة منذ التصريحات والمقابلات الأولى التي أجرتها الإدارة الجديدة، في حين لم تُذكَر العدالة الانتقالية إلا بعد أيام. وحتى حين ذُكِرت، لم تتم، الاستفاضة بالحديث عن ماهيتها وإطارها الزمني ومدى شموليتها وطبيعة تنفيذها.

ويعدُّ سؤال التوقيت من أكثر الأسئلة إلحاحاً في مسار العدالة الانتقالية؛ خصوصا أنها ترتبط باستقرار الوضع الأمني والسياسي.

ومن التحديات المهمة التي تواجه العدالة الانتقالية في سوريا هي طول الفترة الزمنية التي شهدت انتهاكات، وتعدد الأطراف المسؤولة عنها إذ تمتدُّ جذور بعض هذه الانتهاكات إلى ما قبل 2011، بينما وقعت انتهاكات واسعة النطاق وممنهجة منذ بداية الحرب السورية ولا تزال مستمرة كما هو الحال في الساحل السوري.

5