صورة لصلاح يقرأ كتابا تفتح نقاشا ثقافيا على الشبكات الاجتماعية

الكثير من رواد فيسبوك وتويتر يعلقون على صورة محمد صلاح بعبارات ساخرة أو حزينة، كما خلق الكتاب حالة من الجدل والتساؤل لدى محبي ومتابعي لاعب ليفربول.
السبت 2018/07/07
مانسون نفسه انضم إلى النقاش
 

صورة غامضة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للاعب المنتخب المصري محمد صلاح وهو يمسك بين يديه كتابا لا يظهر عنوانه، حفزت الناس على البحث ليكتشفوا أنه كتاب “فن اللامبالاة” الذي “ينسجم مع المعاناة من الأزمات الاقتصادية” ما فتح شهية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي للتعليق.

القاهرة- نشر لاعب منتخب مصر ونجم فريق ليفربول الإنكليزي محمد صلاح صورة على صفحاته عبر الشبكات الاجتماعية وهو يقرأ كتابا لا يظهر منه إلا جزء ضئيل من غلافه البرتقالي، كان كفيلا بأن يكثف المصريون بحثهم عن الكتاب ليكتشوا أنه كتاب “فن اللامبالاة لعيش حياة تخالف المألوف”، من تأليف الأميركي مارك مانسون، وقد صدر في العام 2016 .

كانت الصورة المثيرة كافية لأن تجعل الكتاب وبالطبع صلاح محل اهتمام وحديث مواقع التواصل الاجتماعي. وأصبح الكتاب خلال ساعات الأكثر بحثا على موقع “غوغل”، والأكثر شهرة وإقبالا على قراءته بين الجمهور المصري، الذي عزف معظمه عن القراءة منذ زمن، واعتمد على الثقافة الخفيفة والمغلوطة أحيانا التي يستمدها من مواقع التواصل الاجتماعي.

يذكر أن الكتاب لم يحظ بشهرة كافية في العالم العربي وقت صدوره وقد ترجمه الحارث النبهان، لكن قراءة نجم المنتخب له، منحته شهرة كبيرة، بعد أن أصبح اللاعب بمثابة “ترمومتر” يقاس به التفاؤل والتشاؤم عند بعض المصريين.

ونشر مؤلف الكتاب مارك مانسون، منشورا على صفحته في تويتر يتضمن صورة صلاح وهو يقرأ كتابه وعلق “أحبك كثيرا.. استمتع بقراءته”، بينما أعلنت “مكتبة تنمية” في وسط القاهرة عن توافر الكتاب لدى دار التنوير للنشر.

الكتاب لم يحظ بشهرة كافية في العالم العربي وقت صدوره
الكتاب لم يحظ بشهرة كافية في العالم العربي وقت صدوره 

وأشار الموقع الرياضي المتخصص “101 غريت غولز” إلى أن الصورة ربما تكون مؤشرا على عدم شعور صلاح بالسعادة أو الرضا بفعل خروج منتخب بلاده من نهائيات كأس العالم في روسيا خالي الوفاض.

وعلق الكثير من رواد فيسبوك وتويتر على صورة صلاح بعبارات ساخرة أو حزينة، كما خلق الكتاب حالة من الجدل والتساؤل لدى محبي ومتابعي لاعب ليفربول عما يعنيه بالعيش في حياة تتسم باللامبالاة ومخالفة المألوف، وهو ما فسره البعض بتسلل حالة الإحباط إلى اللاعب الشهير بفعل المتاعب والأزمات التي لاحقته في المدة الأخيرة مع مسؤولي اتحاد الكرة المصري خلال كأس العالم في روسيا.

وكتبت سحر خلف، على فيسبوك “محمد صلاح في كم (بعض) شهر في إنكلترا.. أصبح هداف الدوري وأحسن لاعب.. في أسبوع قضاه مع اتحاد الكرة.. خلوه يقرأ كتاب فن اللامبالاة.. لا حول ولا قوة إلا بالله”. وكتب الصحافي أحمد سمير “فن اللامبالاه إيه بس يا محمد يا صلاح .. انشف (اتسم بالقوة) كده ده إنت لسه في الأول.. ده لسه أحمد موسى (المذيع) حيسرسع (يصرخ ويعلو) صوته عليك وليلتنا طويلة”.

أما عبدالوهاب شعبان، فكتب على صفحته “محمد صلاح المتحقق يقرأ بشغف كتاب فن اللامبالاة، فماذا يفعل العالقون في رحلة التحقق، المنكفئون على عدمية سلبية، وسير في الأحذية؟”. وكتب معتز الشامي “أبومكة يقرأ في كتاب فن اللامبالاة وصلتوه لمرحلة حرجة.. حسبي الله ونعم الوكيل فيكم”. وقالت نشوى رجائي “الإقبال على كتاب فن اللامبالاة بسبب صلاح تاريخي يا فندم.. شكرا صلاح هتخلي الناس تقرأ”.

وعلقت الكاتبة غادة عبدالعال على فيسبوك “إيه اللي خلّى صلاح شخصا مختلفا ومتميزا.. مش بس كلاعب كرة.. بني آدم ذكي ولماح.. إيه اللي بيخلي ردوده ذكية وفكره منظما وذهنه حاضرا.. عشان هو من نوعية الناس اللي بتشتغل على دماغها مش بس على عضلاتها”. ويُفسر بعض المتابعين اختيار محمد صلاح لقراءة “فن اللامبالاة” أنه يتشابه ويتقاطع مع الحالة المنتشرة على نطاق واسع بين جيله، متمثلة في الشعور بعدم الجدوى وتفضيل الانسحاب وفقدان روح الحماس بفعل مشكلات اجتماعية واقتصادية وإحباطات شتى وسيادة الاكتئاب الجماعي واختلاط المعايير.

لا يمثل صلاح صورة لاعب كرة فذ وموهوب فقط، بل تحول إلى نموذج في مجتمع يفتقد معظمه القدوة ويعاني شبابه من الهزائم النفسية ويلاحقه الاتهام بالفشل والكسل والتواكل، وأتى نجاح صلاح ليكذب هذه الاتهامات، وينتصر للملايين الذين يبذلون قصارى جهدهم، لكن يخيب سعيهم لأسباب مختلفة، فهو يشابه حالات الملايين من الشباب، وعانى في بداية حياته وواجه صعوبات بالغة كي يصل إلى غايته، ولم يتلق مساعدة من أحد، وهزم العثرات والمعوقات.

وصار صلاح بمثابة “ملهم” في لحظات اليأس للشباب العربي، فقد حقق مجده بجهوده ودون دعم من أي جهة، فقط موهبته وعزيمته وعمله وإصراره قادته إلى ما وصل إليه، وهو ما جدد الأمل في نفوس الشباب.

وتقوم فكرة كتاب فن اللامبالاة على تركيز الأفكار وترتيب الأولويات ولا يعني عدم الاكتراث، والاهتمام بالأشياء التي تريحك، ويدعو مؤلفه مانسون إلى أن نكون صادقين مع أنفسنا، ونتعايش مع سوءاتنا. وقال سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية بالقاهرة، لـ”العرب” إن اهتمام المصريين بصورة صلاح والكتاب ومدلولاته، جاء لشعورهم أن ثمة استغلالا وظلما زائدا ومحاولة للزج به في عدد من المشكلات من قبل اتحاد الكرة المصرية خلال الفترة الأخيرة.

وأوضح الكاتب المصري محمد شادي، “يفترض أن يقرأ هذا الكتاب ناس عاديون وليس محمد صلاح لأنه شخص ناجح وأحد أهم لاعبي الكرة في العالم، فكيف له أن يقرأ كتابا يمنحه بعض الرضا تجاه فشله بينما هو في عنفوان مجده ونجاحه، لذلك فصلاح يقرأه من باب السعي للثقافة والاطلاع”.

ويناقش الكتاب عدم ضرورة السعي وراء النجاح بالشكل المرعب، وجدوى التعرف على قدراتنا والتصالح معها، فالنجاح ليس بالضرورة ذلك الذي يؤمن به الناس، أو تحصره في كون الشخص الثري والمشهور، فهناك أشكال أخرى للنجاح، الذي يتحقق بإدراك أهمية اكتشاف الأشخاص لقدراتهم واحتضان فشلهم وتحويله إلى نجاح.

19