"صوت" منصة بودكاست تقتحم الممنوع في المجتمع الأردني

نجاح "صوت" التي باتت منصة فريدة من نوعها في يعتمد على سرد قصص تضع المستمعين في المشهد.
الجمعة 2019/06/07
البديل العصري للراديو
 

بدل الاعتماد على السؤال والجواب أو أسلوب برامج الحوار المباشر، تعتمد منصة البودكاست “صوت” على السرد لتؤمن خطا قصصيا غير قابل للنسيان لمواضيع اجتماعية لا تعرف “العيب”، ما جعلها منصة فريدة من نوعها في المنطقة العربية، تجذب اهتمام الشباب.

عمان - لا تتجنب منصة “صوت” منذ انطلاقتها في الأردن، أي موضوع، فقد تطرّقت في برامجها إلى مواضيع مثل الطلاق، الجنس، الاغتصاب والمساواة بين الجنسين، والقضايا التي لا تناقش عادة في المجتمع العربي. وتمكّنت من اكتساب شعبية خصوصا بين فئة الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويشكّل التدوين الصوتي حاليا إحدى أكثر وسائل الإعلام والترفيه إثارة في العالم، وهو ما أجبر شركة غوغل مثلا على إطلاق تطبيق بودكاست رسمي على منصة أندرويد في شهر يونيو 2018. لكن رغم الانتشار الواسع للبودكاست في الدول الغربية وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، إلا أن الاهتمام بهذا النوع من الصحافة الرقمية في العالم العربي لا يزال محدودا، باستثناء بعض المحاولات من صحافيين ومختصين. وفق ما ذكرت شيري ريتشاردي في تقرير لشبكة الصحافيين الدوليين.

و”صوت” هي منصة بودكاست (برامج إذاعية حسب الطلب) عربية أسسها شباب أردنيون، تقوم منذ نشأتها سنة 2016 بإنتاج وتوزيع برامج صوتية هادفة وبجودة عالية، وأفاد رمزي تيسدل، أحد مؤسسي منصة “صوت”، “تملك شبكة المدونات الصوتية هذه أكثر من 130 ألف متابع على فيسبوك وما بين 300 ألف و400 ألف مشاركة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام”، لافتا إلى أنّ “معظم المستمعين هم من الأردن، مصر، الجزائر والسعودية وكذلك من دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.

ويعتمد منشئو منصة “صوت” على الأصوات البشرية للاستمرار، والتغلب على العقبات والعثور على الأمور غير الاعتيادية في الحياة اليومية. وترتبط الروايات في معظم الأحيان بسياق اجتماعي أكبر ومحظورات ثقافية/ دينية في المجتمعات العربية.

منصة "صوت" تواجه التحدي الذي تعاني منه وسائل الإعلام الناشئة، وهو توسيع نطاق الجمهور وتدفق الإيرادات

وبدل الاعتماد على السؤال والجواب أو أسلوب برامج الحوار المباشر، فإن السرد الذي يقود منصة “صوت” يضع المستمعين في المشهد، يطور الشخصيات ويؤمن خطا قصصيا غير قابل للنسيان مع جاذبية عاطفية.

وذكر مقال نشره مختبر نيمان أنّ المنصة من أبرز الأسماء في مجال التدوين الصوتي العربي وأكثرها ندرة في الشرق الأوسط. وكتبت ستيفانيا ديونتي في مختبر نيمان في يناير 2018 “أدركت منصة صوت باكرا قدرة الجمهور المتشوق لسرد صوتي أفضل في المنطقة حيث سوق التدوين الصوتي لا تزال في بدايتها”.

كما أشادت بها مواقع إخبارية كمنصة للديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة. وتتلقى منصة “صوت” تقديرا عاليا من وسائل الإعلام الأخرى.

ويقول تيسدل “هذا النوع من البرامج أكثر صعوبة وكلفة من الناحية الإنتاجية، لكن الجمهور يحبه”. وأضاف “نحن نركز على السرد بشكل أساسي لأنه أفضل طريقة لرواية قصة، ولم يكن هناك أي شخص ينتج هذا المحتوى”.

ويقارب البرنامج الأشهر “عيب” مواضيع الجندر والجنس في المنطقة. ويصف تيسدل هذه المواضيع بـ”المواد التي نادرا ما نوقشت في المجتمع الأردني”، ووصلت عمليات تحميل بعض الحلقات إلى ما يقارب الـ70 ألف مرة.

التدوين الصوتي بات يشكل حاليا إحدى أكثر وسائل الإعلام والترفيه إثارة في العالم

أمّا “خرائط فارغة”، فيبحث في تأثير عدم حمل جنسية في المنطقة العربية. وشمل أحد المقاطع امرأة سودانية تم اغتصابها في أحد سجون المعسكرات بالسودان ووصلت إلى الأردن كلاجئة من دون أن تدرك أنها حامل. وكتب تيسدل “أثبتت المنصة أنّها صوت مدوّ، تسرد قصصا مذهلة، يمكنك أن تدع البعض يروون قصصهم بتدخل بسيط جدا من الصحافي، لقد أحبها الناس، وهي إلى يومنا هذا واحدة من أكثر الحلقات المسموعة”.

وتشمل البرامج الصوتية الأخرى “الدين والدولة، التي تدرس العلاقة بين السلطة الدينية والحكومات؛ وبرنامج البرلمان، الذي يتحدث حول كيفية تأثير الإجراءات التشريعية على حيات الأردنيين؛ وبرنامج الرحلة، الذي يركز على أطباء بلا حدود الذين يشهدون على الحرب والنزوح واللجوء في العالم”.

وهناك عوامل أخرى تجعل المدونات الصوتية أكثر شعبية في العالم العربي. فالهواتف الخلوية متصلة بالإنترنت أصبحت أمرا عاما بالنسبة للمجتمع العربي، ما سهل عملية الدخول إلى المدونات الصوتية. كذلك يمضي الناس وقتا في زحمة السير أو في السفر، ما يجعل السيناريو مناسبا لارتفاع الطلب على المحتوى الصوتي.

وعلى الرغم من أن دعم المدونات الصوتية يزيد، إلا أن منصة “صوت” لا تزال تواجه التحدي الذي تعاني منه معظم وسائل الإعلام الناشئة، وهو توسيع نطاق الجمهور وتدفق الإيرادات.

ويقول تيسدل “إلى الآن التجاوب مع منصة صوت إيجابي جدا، على الرغم من بعض ردود الفعل وخصوصا على برنامج عيب، المختص بالقضايا الجنسية”. وتابع “نحن لا نهاجم المواقف والأفكار، لكننا نحاول تشجيع المستمعين على الانخراط بشكل نقدي مع العالم المحيط بهم من خلال الاستماع إلى قصة”.

18