صندوق النقد يشكك في طموحات موازنة لبنان

الصندوق الدولي يتوقع أن تؤدي التدابير في موازنة 2019 إلى خفض العجز المالي إلى حوالي 9.75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
الخميس 2019/07/04
إعادة ترتيب الأولويات ضرورية

شكك صندوق النقد الدولي في قدرة لبنان على بلوغ مستوى العجز في موازنة 2019 المستوى المستهدف عبر تحقيق الإيرادات المتوقعة وتخفيف حدة الأزمات الاقتصادية بعد سنوات طويلة من تسيير شؤون الدولة بصورة ارتجالية.

بيروت - رجح صندوق النقد الدولي أن يتجاوز العجز المتوقع في الموازنة العامة للبنان للعام الحالي المستوى الذي تستهدفه الحكومة.

وتستهدف بيروت عجزا بنحو 7.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في الموازنة الحالية، التي تعتبر اختبارا مهما لإرادة الحكومة في إجراء الإصلاحات، من حوالي 11.5 بالمئة في العام الماضي.

وقالت بعثة الصندوق المعنية بمشاورات المادة الرابعة للعام الجاري في بيان “نتوقع أن تؤدي التدابير في موازنة 2019 إلى خفض العجز المالي إلى حوالي 9.75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي”.

وتأتي هذه التوقعات بينما لا يزال البرلمان يناقش مسودة الموازنة، التي وافق عليها مجلس الوزراء في مايو الماضي بعد ماراثون طويل من المفاوضات حول بنودها.

وأكد الصندوق أنه بناء على المعلومات الحالية من المرجح أن يتجاوز العجز المتوقع بكثير المستوى المستهدف الذي أعلنته السلطات.

وفي إطار مسودة الموازنة، تستهدف الحكومة تقليل تكاليف خدمة الدين بنحو تريليون ليرة (660 مليون دولار) من خلال إصدار سندات خزانة منخفضة الفائدة بالتنسيق مع مصرف لبنان المركزي.

وذكر الصندوق أن شراء السندات الحكومية اللبنانية المقترحة ذات الفائدة المنخفضة سيؤدي إلى تدهور ميزانية المصرف المركزي وتقويض مصداقيته. وأضاف الصندوق أنه لا ينبغي فرض أي ضغوط على البنوك الخاصة لشراء السندات.

وتحركت الحكومة، التي تعاني من أحد أكبر أعباء الدين العام في العالم، في الأشهر الأخيرة لتنفيذ إصلاحات طال تأجيلها في مسعى لوضع ماليتها العامة على مسار مستدام وتجنب أزمة.

وقال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الأسبوع الماضي إنه يدعم مساعي خفض تكاليف خدمة الدين، لكن لا يوجد اتفاق حتى الآن على كيفية تحقيق ذلك، ولن يُفرض أي شيء على البنوك التجارية.

ويرى صندوق النقد أن على المركزي اللبناني التراجع عن “العمليات شبه المالية” وعن مشتريات السندات الحكومية، ليتيح للسوق تحديد العائدات على الدين الحكومي.

رياض سلامة: ندعم مساعي خفض تكاليف خدمة الدين، لكن لا توجد خطة لذلك
رياض سلامة: ندعم مساعي خفض تكاليف خدمة الدين، لكن لا توجد خطة لذلك

ويعتبر القطاع العام المتضخم أكبر مصدر إنفاق في الدولة اللبنانية بالإضافة إلى تكاليف خدمة الدين والتحويلات الكبيرة لشركة الكهرباء العامة الخاسرة.

ويمكن أن تساعد الموازنة إذا نالت استحسان المانحين في تدفق نحو 11 مليار دولار من التمويل الذي قُدمت تعهدات به في مؤتمر باريس للاستثمار في الاقتصاد اللبناني العام الماضي.

واعتبر صندوق النقد أن الموازنة وخطة إصلاح قطاع الكهرباء، التي أُقرت في أبريل الماضي، هما من “الخطوات الأولى على طريق طويل” لإعادة التوازن إلى الاقتصاد. وقال إن الحكومة اللبنانية “أمامها الآن فرصة لتنفيذ الإصلاحات وتغيير المسار”.

وأضاف الصندوق أن الفريق يتوقع أن تكون هناك حاجة إلى فائض أولي بنحو 4.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط إلى الطويل.

ومن أجل تحقيق ذلك شجع المركزي الحكومة على تحديد إجراءات مالية دائمة إضافية وتطبيقها.

وقال مصرف لبنان المركزي إن إجراءات زيادة الدخل ينبغي أن تشمل رفع ضريبة القيمة المضافة ومكافحة التهرب الضريبي وزيادة الرسوم على الوقود.

وقال الصندوق إنه في حالة تطبيق الحكومة الجاد لإجراءات التعديل المالي في 2019 – 2020 والإصلاحات الهيكلية المزمعة فإن ذلك قد يعزز الثقة ويفرج عن تمويل المانحين. لكنه حذر من أن لبنان ما زال يواجه مخاطر وأن الفشل في تحقيق الأهداف أو المضي في الإصلاحات قد يقود إلى تآكل الثقة.

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد قالت الأسبوع الماضي إن لبنان قد يضطر إلى إعادة جدولة ديونه بسبب تباطؤ تدفقات رأس المال إلى البلاد وتراجع نمو الودائع رغم التدابير المتخذة لتخفيض العجز في موازنة 2019.

ودفع تقرير موديز، وزير المالية اللبناني علي حسن خليل، إلى الإعلان عن أن الوضع المالي في لبنان “تحت السيطرة”.

كما أكد اقتصاديون لبنانيون أن بلدهم قادر على سداد ديونه دون الحاجة إلى إعادة جدولتها بعد أيام من تحذير لوكالة التصنيف الائتماني العالمية (موديز).

وقال نسيب غبريل رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية في بنك بيبلوس لوكالة شينخوا الصينية إن “لبنان قادر على السداد ولا يحتاج إلى إعادة جدولة ديونه وأنه يقوم بدفع التزامات خدمة الدين في الوقت المحدد”.

وأضاف غبريل أن “لبنان دفع أيضا قيمة سندات اليورو المستحقة البالغة 500 مليون دولار في أبريل الماضي وسندات أخرى بقيمة 650 مليون دولار في مايو”.

وأكد غبريل أن لبنان بعيد عن الوصول إلى استنتاج موديز “لأنها ليست المرة الأولى التي يتباطأ فيها نمو ودائعنا”.

10