صندوق النقد يدعم إصلاحات الأردن بخط ائتمان جديد

واشنطن/عمّان - وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على برنامج قرض جديد بقيمة 1.2 مليار دولار مدته أربع سنوات لدعم الإصلاحات الاقتصادية في الأردن، ليحل محل برنامج سابق ينتهي أجله في مارس المقبل.
وأوضح الصندوق في بيان عقب الموافقة الأربعاء أن القرار يتيح للأردن إمكانية الحصول بشكل فوري على دفعة أولية حوالي 190 مليون دولار، على أن يتم توزيع المبلغ المتبقي على مراحل خلال البرنامج رهنا بإجراء مراجعات.
وتوصل الصندوق إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع الأردن بشأن برنامج الإصلاح الجديد في نوفمبر الماضي، في خطوة وصفها وزير المالية محمد العسعس بأنها “تبعث برسالة ثقة للمستثمرين”.
وقال كانجي أوكامورا، نائب المدير العام للصندوق، “لقد نجح الأردن في التغلب على سلسلة من الصدمات على مدى السنوات القليلة الماضية، وحافظ على الاستقرار الكلي والنمو الاقتصادي المعتدل بفضل المهارة في صنع السياسات والدعم الدولي الكبير”.
ولكنه أشار إلى أن الأردن بحاجة إلى إحراز المزيد من التقدم في تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الخاصة لتعزيز نمو غني بفرص العمل.
وأضاف “في هذا الصدد، فإن تعزيز المنافسة ومواصلة الحد من البيروقراطية والمضي قدما في إصلاحات سوق العمل لزيادة المرونة وخفض البطالة بين الشباب وتعزيز مشاركة المرأة في العمل أمور بالغة الأهمية”.
وتأتي موافقة المجلس التنفيذي على “تسهيل الصندوق الممدد” الجديد وسط مخاوف متزايدة من تحول الحرب في غزة إلى صراع إقليمي أوسع.
وتضرر قطاع السياحة الحيوي في الأردن بشدة منذ بداية التصعيد الإسرائيلي على غزة في أكتوبر الماضي، حيث خسر نحو نصف الحجوزات الفندقية، وانخفض الإقبال على المطاعم بنسبة 60 في المئة، وفقا لوزير السياحة مكرم القيسي.
وواجه الأردن تحديات متعددة، بدأت مع تفشي جائحة كورونا عام 2020، مرورا بتبعات الحرب الروسية – الأوكرانية، وأحدثها التبعات الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ومع ذلك، يرى الصندوق أن الأردن حقق معظم الأهداف المالية والنقدية منذ برنامجه السابق الذي بدأ في شهر مارس 2020، وسد ثغرات في التهرب الضريبي ووسع القاعدة الضريبية وحافظ على بقاء احتياطي ملائم من العملة الأجنبية بلغ 18 مليار دولار.
وتتوقع الحكومة الأردنية أن يهبط عجز الميزانية إلى 2.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 2.6 في المئة في العام الماضي مع تحسن إيرادات الدولة في ظل تحقيق نتائج ملموسة من الإصلاحات.
وتعليقا على القرار قال محمد العسعس في بيان أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إن “البرنامج خيار إستراتيجي، ما يساعد في المحافظة على الاستقرار المالي وتعزيز النمو الاقتصادي ولن يتضمن فرض ضرائب جديدة”.
وشدد على أن الحكومة تتطلع إلى رفع تنافسية الاقتصاد ودعم التصدير بهدف توفير الوظائف لتخفيف نسبة البطالة، بالإضافة إلى التوسع بالحماية الاجتماعية.
وأكد العسعس التزام الحكومة بالاستمرار في مكافحة التهرب والتجنب الضريبي، ما يحقق عدالة ضريبية، ويرفع الإيرادات العامة للخزينة، دون إضافة أي أعباء ضريبية جديدة على المواطنين.
وأشار صندوق النقد إلى أن البرنامج الجديد سيبني على “أداء الأردن القوي في إطار البرنامج السابق” لدعم جهود الدولة للحفاظ على الاستقرار الكلي وتعزيز بناء المرونة وتسريع الإصلاحات الهيكلية.
وأوضح أن الأموال ستسمح للأردن بمواصلة الضبط التدريجي لأوضاع المالية العامة مع حماية الإنفاق الاجتماعي والرأسمالي وتحسين القدرة على الاستمرارية المالية لقطاع الكهرباء والحفاظ على ربط سعر الصرف.
ويظل دعم المانحين جوهريا لمساعدة الأردن على تجاوز “البيئة الخارجية الصعبة واستضافة العدد الكبير من اللاجئين والحفاظ على زخم الإصلاح”، وفق الصندوق.
وتعافي الأردن من تأثير الاضطرابات الاقتصادية العالمية بعد الجائحة يعني أنه حتى في ظل صدمة الصراع في غزة، مازال النمو يمضي على الطريق المستهدف رغم المنغصات.
وتنسجم توقعات الأردن مع صندوق النقد للنمو الاقتصادي خلال العام الجاري بمعدل 2.6 في المئة وهو المعدل ذاته المقدر في السنة الماضية، على أن يرتفع إلى 3 في المئة العام المقبل.
وقال محافظ البنك المركزي الأردني عادل الشركس إن برنامج “تسهيل الصندوق الممدد” الجديد سيسهم في مواصلة نهج الإصلاح الذي يصب في تعزيز منعة الاقتصاد، ومرونته في مواجهة الصدمات.
وشدد على أن المركزي ملتزم بالحفاظ على الاستقرار النقدي والمصرفي بالبلاد، وبما في ذلك الحفاظ على سياسة سعر الصرف الثابت للدينار أمام الدولار.
ويبلغ سعر الدينار الأردني نحو 1.4 دولار منذ نحو ثلاثة عقود وهي سياسة يقول صناع القرار المالي في الأردن إنها تعتبر الركيزة الاسمية للسياسة النقدية وأحد أهم مرتكزات استقرار الاقتصاد الكلي.
ووفق الشركس، فإن السياسة النقدية المتبعة أثبتت فعاليتها مدعومة بمستويات مرتفعة من الاحتياطات الأجنبية، وكذلك ضبط معدلات التضخم عند مستويات معتدلة والحفاظ على منعة الجهاز المصرفي.
وبين أن المركزي يسعى لتعزيز رقمنة الخدمات المالية وتوسيع الشمول المالي والنهوض بقطاع التأمين ليواكب أفضل الممارسات العالمية، فضلا عن تعزيز ومواصلة تطوير أنظمة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.