صندوق النقد يتوقع انكماشا أقل لاقتصادات الشرق الأوسط

دبي - حسّن صندوق النقد الدولي توقعاته الاقتصادية الإقليمية هذا الشهر، لكنه لم يخف نظرته السلبية وتوقعاته بأن الندبات الاقتصادية الناجمة عن تفشي فايروس كورونا ستستمر آثارها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأكد الصندوق أن الناتج المحلي الإجمالي سينكمش بنسبة 5 في المئة هذا العام مقارنة مع توقعات سابقة في يوليو بانكماش بنسبة 5.7 في المئة.
ورغم التحسن البسيط، فإن المنطقة التي تضم جميع الدول العربية وإيران، ستعاني من أسوأ أداء اقتصادي لها، متجاوزة الانكماش القياسي البالغ 4.7 في المئة في عام 1978 عندما كانت شاهدة على اضطرابات كبرى.
وحث الصندوق الدول العربية على تسريع الإصلاحات وجهود تنويع الاقتصاد، في وقت تواجه المنطقة الغنية بموارد الطاقة تحديات غير مسبوقة بسبب فايروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط.
وقال جهاد أزعور مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي "يجب أن ننظر إلى ما يحدث اليوم على أنه دعوة للتحرك، وأيضا كفرصة لتحفيز التحول الاقتصادي وخلق المزيد من الفرص خاصة للشباب".
وأضاف في مقابلة مع وكالة فرانس برس عبر الفيديو "نتوقع أن يتأثر النمو والبطالة هذا العام، ويمكن أن تؤدي هذه الأزمة بشكل عام إلى انخفاض النمو بنسبة 5 في المئة وكذلك ارتفاع معدل البطالة بنسبة 5 في المئة".
وشهدت المنطقة في السنوات الأخيرة سلسلة من الصراعات الدموية في العديد من بلدانها، بما في ذلك سوريا واليمن والعراق وليبيا، دمرت اقتصاداتها وزادت معدلات الفقر فيها على نطاق واسع.
وتسببت النزاعات بارتفاع معدلات البطالة، التي تبلغ حاليا بين الشباب 26.6 بالمئة وفقا لبيانات البنك الدولي.
ومنذ مارس الماضي، لجأت دول المنطقة التي يعتمد الكثير منها على عائدات النفط، إلى عمليات الإغلاق وحظر التجول لمنع انتشار فايروس كورونا المستجد، ما أدى إلى تعطيل الاقتصادات المحلية.
ويقول صندوق النقد إن متوسط سعر النفط سيكون 41.69 دولارًا للبرميل في عام 2020 و 46.70 دولارًا للبرميل في عام 2021، بعيدًا عن معدل 57 إلى 64 دولارا في عام 2019.
وفي ظل هذه الضربة المزدوجة، من المتوقع أن ينكمش نمو البلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 6.6 بالمئة، بينما من المتوقع أن تنكمش اقتصادات مستوردي الخام بنسبة 1 في المئة حيث يواصل الوباء ضرب السياحة والتجارة.
وقال أزعور "نحن في لحظة محورية حيث توجد آمال في أن اللقاح يمكن أن يسرع من التعافي (الاقتصادي)، ولكن هناك أيضا تحديات مع خطر حدوث موجة ثانية من فايروس كورونا المستجد".
ولبنان هو أكثر البلدان تضرراً في المنطقة، حيث يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975-1990) متسبّبة بتراجع العملة المحلية مقابل الدولار وتضاعف نسبة الفقر إلى أكثر من نصف عدد السكان ونزوح جماعي.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، يسير اقتصاد البلاد نحو الانكماش بنسبة 25 في المئة.
وحذّر أزعور من أن "لبنان بحاجة إلى برنامج إصلاح شامل يعالج قضايا عميقة الجذور".
وأضاف "بالطبع هذا يتطلب من الحكومة المقبلة تسريع وتيرة الإصلاح التي يجب أن تكون شاملة ومدعومة على نطاق واسع من أجل إخراج اقتصاد لبنان من الأزمة".
أما اقتصاد السعودية، الأكبر في العالم العربي، فسينكمش بنسبة 5.4 في المئة هذا العام.
ويمثل هذا التوقع تحسّنا طفيفا عن نسبة 6.8 التي كان أعلن عنها الصندوق في يوليو، حيث تعاني المملكة من تأثير انخفاض أسعار النفط وتبعات وباء فايروس كورونا المستجد خصوصا بعدما علّقت أداء العمرة وقلّصت أعداد الحجاج.
ومن أجل الحد من التأثير السلبي لهذه "الصدمة المزدوجة"، على الاقتصاد السعودي "تسريع عملية التنويع" المستمرة منذ 2016، والاستثمار أكثر في "التكنولوجيا التي ثبت أنّها مهمّة جدا في إدارة هذه الأزمة"، بحسب المسؤول في الصندوق.
وتقول أكبر دولة مصدر للخام في العالم إنها تخطط لخفض الإنفاق الحكومي بأكثر من سبعة بالمئة العام المقبل حيث من المتوقع أن يتسع عجز الميزانية إلى 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020.
لكن في الوقت نفسه، تمنح الحكومة عقودا بمليارات الدولارات لما تشير إلى أنها ستكون أكبر مشاريع البناء في العالم في الوقت الذي تحاول فيه تنويع اقتصادها بعيدا عن ارتهانها للنفط.
ويرى أزعور أن السعودية بحاجة إلى تسريع "الاستثمار في قطاعات جديدة وتقديم الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي يمكن أن تقود الموجة التالية من عملية التنويع".