صندوق النقد الدولي قلق من "صندوق النقد الصيني"

واشنطن - حذر صندوق النقد الدولي من تقاعس الاقتصادات الكبيرة في معالجة تراكم الديون العالمية للتصدي لأيّ كوارث محتملة وأن عدم القيام بذلك يمكن أن يتسبب في “دوامة هبوط” مدمرة.
ومن الواضح أن الصندوق قلق من السياسات النقدية والتمويلية التي تتبعها صناع القرار بالصين ضمن ما يصفها محللون بـ”صندوق النقد الصيني”، أكثر من سياسات الدول الكبرى تجاه الدول الضعيفة والمتوسطة في ظل أزمات متواترة زادت من قتامتها الأزمة في أوكرانيا.
وتشير التقديرات إلى أن الصين والاقتصادات المتقدمة شكلتا قرابة 90 في المئة من الزيادة في الديون بفعل أسعار الفائدة المنخفضة، فيما ارتفعت الديون بوتيرة أقل في الدول النامية حيث عرقلها في الغالب ارتفاع تكاليف الاقتراض ووصول محدود إلى التمويل.

كريستالينا جورجيفا: يجب تخفيف الأعباء عن عدد متزايد من الدول المثقلة بالديون
ولكن الأمر يبدو مزعجا في الوقت الراهن مع دخول الحكومات في سباق مع الزمن للسيطرة على تداعيات الأزمة في أوكرانيا والتي خلفت وراءها أعباء على الكثير من الدول أكثر مما كان متوقعا.
وحثت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا، في مقابلة مع رويترز الاثنين، الصين وغيرها من اقتصادات مجموعة العشرين على تسريع تخفيف أعباء الديون عن عدد متزايد من الدول المثقلة بالديون.
وقالت إنه من المهم تحريك ما يعرف باسم “الإطار المشترك”، الذي أقرته مجموعة العشرين ونادي باريس للدائنين الرسميين في أكتوبر 2020 والمتوقف إلى حد كبير، لمعالجة الديون.
وفشل هذا الإطار في تحقيق ولو نتيجة واحدة حتى الآن. وفي ضوء ذلك أكدت جورجيفا قبل اجتماع هذا الأسبوع للمسؤولين الماليين في إندونيسيا على أن “هذا موضوع لا يمكننا التراخي بشأنه”.
وأضافت “إذا تلاشت الثقة إلى حد حدوث دوامة هبوط، فأنت لا تعرف أين ستنتهي”.
وكانت جورجيفا قد تحدثت مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، الذي يتولى الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين هذا العام، خلال اجتماع مجموعة السبع الشهر الماضي في ألمانيا وحثته على الضغط من أجل المزيد من الوحدة بشأن الديون قبل قمة مجموعة العشرين في نوفمبر المقبل.
وبدأ المسؤولون الغربيون يصعّدون انتقاداتهم لعملية الإطار المشترك لمجموعة العشرين بعد ما يقرب من عامين من الوتيرة البطيئة جدا التي تسير بها والتي أُنْحيَ باللوم فيها إلى حد كبير على تباطؤ الصين، أكبر دائن سيادي في العالم، ودائني القطاع الخاص.
ويعاني ما يقرب من ثلث دول الأسواق الناشئة وما يزيد مرتين على تلك النسبة من الدول منخفضة الدخل من ضائقة ديون مع تدهور الوضع بعد قيام الاقتصادات المتقدمة برفع أسعار الفائدة.
وترى مديرة الصندوق أنه يجب الاتفاق على تخفيف عبء الديون عن زامبيا وتشاد وإثيوبيا، وهي الدول الأفريقية الثلاث التي طلبت المساعدة بموجب الإطار المشترك والتي تجتمع لجانها الدائنة هذا الشهر.
كما حثت الصين على تحسين التنسيق بين مقرضيها المتعددين، محذرة من أن بكين ستكون “أول من يخسر بشكل كبير” إذا تحولت مشاكل الديون الحالية إلى أزمة كاملة.
وأواخر الشهر الماضي خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني توقعاتها بشأن الديون السيادية بسبب مخاوف تتعلق بارتفاع تكاليف الاقتراض العالمية واحتمال حدوث موجة جديدة من حالات التخلف عن السداد.
وذكرت فيتش، التي تراقب أكثر من مئة دولة، في تقرير إن “الحرب بين أوكرانيا وروسيا تؤجج مشكلات مثل ارتفاع التضخم واضطرابات التجارة وضعف الاقتصادات، وهي مشكلات تضر الآن بظروف الائتمان السيادي”.
صندوق النقد الدولي يحث الصين وغيرها من اقتصادات مجموعة العشرين على تسريع تخفيف أعباء الديون عن عدد متزايد من الدول المثقلة بالديون
وقال جيمس ماكورماك رئيس وحدة التصنيفات السيادية في فيتش إن “ارتفاع أسعار الفائدة يزيد من تكاليف خدمة الدين الحكومي”، مقلصا من رؤية الشركة بشأن القطاع السيادي إلى “محايد” من “يتحسن”.
وبدأ مرة أخرى يزيد عدد الدول التي تشهد خفضا في تصنيفاتها الائتمانية هذا العام مع تزايد الضغوط.
ومعظم الحكومات التي تغطيها وكالة فيتش إما جلبت إعانات أو طبقت تخفيضات ضريبية في محاولة للتخفيف من تأثير ارتفاع التضخم، لكن هذا كانت له كلفته.
وأشار مكورماك إلى أنه “بينما يمكن استيعاب التدهور المالي المعتدل عبر التأثيرات الإيجابية للتضخم على آليات الدين الحكومي، فإن مثل هذه الآثار تعتمد على الإبقاء على أسعار الفائدة المنخفضة، وهذا لم يعد مؤكدا”.
وفي الوقت الذي سيستفيد فيه مصدرو السلع الأساسية من ارتفاع الأسعار، سيعاني أولئك الذين يتعين عليهم استيراد الجزء الأكبر من الطاقة أو المواد الغذائية.
ويبلغ عدد البلدان في قائمة الدول المتخلفة عن السداد، أو التي تشير عائدات سنداتها في الأسواق المالية إلى حدوث ذلك، 17 بلدا وهو عدد قياسي.
وهذه الدول هي باكستان وسريلانكا وزامبيا ولبنان وتونس وغانا وإثيوبيا وأوكرانيا وطاجيكستان والسلفادور وسورينام والإكوادور وبليز والأرجنتين وروسيا وروسيا البيضاء وفنزويلا.