صندوق السينما السعودية: طموحات كبيرة بميزانية محدودة

وزارة الاستثمار السعودية أعلنت عن ضخ حزمة دعم جديدة تبلغ قيمتها 200 مليون دولار، للارتقاء بمستوى الإنتاج وتطوير مستقبل الصناعة السينمائية في المملكة.
الأربعاء 2023/10/04
تحركات داعمة للسينما السعودية

الرياض - تظهر المملكة العربية السعودية توجها للاستثمار في الصناعات الثقافية لتعزيز حضورها عالميا، وخاصة منها السينما التي تدعمها منذ نحو ثلاث سنوات ضمن رؤية 2030. وتهدف بذلك إلى زيادة الإنتاج المحلي والاستقطاب الذكي عبر فتح إمكانيات المملكة أمام شركات الإنتاج العالمية وتشجيعها على تصوير أفلامها على أراضيها.

وفي آخر خطواتها لدعم الفن السابع، أعلنت وزارة الاستثمار السعودية عن ضخ حزمة دعم جديدة تبلغ قيمتها 200 مليون دولار، للارتقاء بمستوى الإنتاج وتطوير مستقبل الصناعة السينمائية في السعودية، وتشجيع منتجات محلية للوصول إلى العالمية، وجذب الشراكات العالمية للاستفادة من الفرص والبيئة السعودية الواعدة.

جاء الإعلان عن إطلاق صندوق دعم السينما على هامش منتدى الأفلام السعودي، الذي انطلق الاثنين، في نسخته الأولى، بمشاركة منتجين ورواد أعمال دوليين، لبناء تصور واع بمستقبل إنتاج الأفلام في المملكة والمنطقة، واستكشاف الأفق الجديد للقطاع الذي يشهد انتعاشة غير مسبوقة.

وأطلقت السعودية هذا الصندوق بالتعاون مع شركتين دوليتين لدعم قطاع الأفلام وتشجيع توجهات السعودية لتطوير هذه الصناعة والارتقاء بالإنتاج وبناء مستقبل مشرق لقطاع الأفلام والفنون.

ودعا المشاركون في جلسات منتدى الأفلام السعودي إلى الاستمرار في تقديم دعم ذكي يشجع الإنتاج الوطني للأفلام وتعزيز دوره في إنعاش الاقتصاد الوطني.

الميزانية المرصودة لصندوق دعم السينما السعودية لا ترتقي إلى طموحات المملكة الكبيرة ولا إلى حجم الاستثمارات العالمية في السينما

وقال صالح الخبتي، وكيل وزارة الاستثمار السعودية، خلال جلسات المنتدى إن “الدعم المقدَّم لقطاع الأفلام في السعودية يعزز توجه السعودية لتكون ‘هوليوود’ الوطن العربي، وتحقيق مستهدفات الارتقاء بقطاع الأفلام، وهذا يتطلب العمل على وضع حلول عملية لمعالجة التحديات التي يواجهها منتجو الأفلام، والأخذ بهموم المستثمرين، وتيسير المسائل التنظيمية والتشريعية التي تدعم القطاع السينمائي”، موضحاً أن منظومات التمويل التي وفّرتها السعودية عبر عدد من الكيانات الوطنية، مستمرة في عملها، راجيا أن تنمو الشركات المحلية إلى مستوى الطموح الكبير، وأن تقتفي أثرها شركات ناشئة أخرى.

وأكد خبراء ومتخصصون في إنتاج الأفلام من خلال مشاركتهم وأطروحاتهم في منتدى الأفلام السعودي، أن الإنتاج السينمائي في السعودية يشهد تطورا كبيرا ويتجه نحو العالمية، وأنه مرشح للمنافسة قريبا على الجوائز العالمية.

لكن الميزانية المرصودة لصندوق دعم السينما السعودية لا ترتقي إلى طموحات المملكة الكبيرة ولا إلى حجم الاستثمارات العالمية في هذا القطاع، خاصة أن المملكة حددت منذ العام 2020، حين إنشاء “هيئة الأفلام” أن أول أهدافها أن “تكون المملكة العربية السعودية رائدة على مستوى العالم في مجال إنتاج الأفلام”، إضافة إلى تطوير قطاع الأفلام وبيئة الإنتاج في السعودية، وتحفيز مخرجي الأفلام السعوديين وتمكينهم.

والمبلغ الجديد المرصود لدعم صندوق السينما لا يمكن أن يواكب انشغالات السينما السعودية بالمنافسة العالمية، وفي حال أرادت المملكة الاستثمار في إنتاج أفلام “عالمية” فلن يكون مبلغ الدعم كافيا لإنجاز فيلمين في السنة بالنظر إلى متوسط ميزانية الأفلام المنتجة عالميا.

خبراء ومتخصصون في إنتاج الأفلام أكدوا أن الإنتاج السينمائي في السعودية يشهد تطورا كبيرا ويتجه نحو العالمية، وأنه مرشح للمنافسة قريبا على الجوائز العالمية

فعلى سبيل المثال، تجاوزت تكلفة إنتاج فيلم “ذا نايت” آخر أفلام المخرج تيري جورج الـ100 مليون دولار. هذا المخرج من المقرر أن يصور فيلم الأكشن والتشويق الجديد “ريفر مان” الذي كتبه ويخرجه، في كل من نيوم شمال غرب المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة في يناير العام المقبل.

كذلك تستثمر هوليوود الملايين من الدولارات في إنتاج الأفلام، حيث كان فيلم “آفنغرز إندغيم” الذي أنتج في عام 2019 هو الفيلم الأعلى تكلفة في تاريخ أفلام الأستوديوهات الأميركية بميزانية بلغت 400 مليون دولار.

بالإضافة إلى ذلك يبدي العالم وكبرى المهرجانات السينمائية العالمية اتجاها نحو السينما العربية “باهظة الثمن”، ولم تعد أسواق السينما تبدي تعاطفا مع السينما القادمة من العالم الثالث بميزانيات ضعيفة وتقنيات إنتاج محدودة، بل هي توازن بين مواضيع الأفلام ومستواها الإنتاجي. ومن المتوقع أن تكون النظرة أكثر تشددا للسينما القادمة من السعودية، البلد الثري والذي وضع نصب عينيه الانتشار والمنافسة العالمية.

ويقول الباحث السعودي في السينما عبدالرحمن الغنام في دراسة بعنوان “نظرة على المستقبل: توجهات صناعة السينما السعودية وفرص التوسع والنمو” إن المملكة تحتاج إلى تحقيق الريادة العربية والعالمية في قطاع السينما إلى عدة عوامل من أهمها زيادة الإنفاق.

ويوضح أن المنافسة العالمية لا تتم إلا بـ”رفع القيمة الفنية للأفلام السعودية من خلال شراكات دولية بين شركات الإنتاج السعودية ونظيراتها في بلدان العالم، تضمن جلب التقنية الفنية العالية ونقل خبرات العاملين المحترفين ذوي الندرة. بالإضافة إلى ضرورة تحسين الجودة والقدرة التنافسية في إنتاج أفلام عالية الجودة من ناحية الميزانية والإمكانات التقنية المستخدمة؛ لمنافسة الإنتاج الدولي، والمعروض من الأفلام الأجنبية في صالات السينما ومنصات العرض”.

14