صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الزراعيات يحد من الهشاشة والتمييز ضد المرأة في تونس

8 في المئة فقط من العاملات الزراعيات يتمتعن بالتغطية الاجتماعية وأغلبهن يعملن كمعينات زراعيات بشكل مؤقت.
الاثنين 2024/11/18
حمايتهن واجب وضرورة

تونس - تطمح عاملات الريف التونسي إلى الاحتماء بمنظومات اجتماعية توفّر لهنّ الحدّ الأدنى من الضمانات الاجتماعية والصحية. وجاء في دراسة حول “حقوق العاملات الفلاحيات في تونس”، صدرت مؤخرا عن المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، أن 8 في المئة فقط من العاملات الزراعيات يتمتعن بالتغطية الاجتماعية خلال السنوات الأخيرة، وأغلبهن يعملن كمعينات زراعيات بشكل مؤقت، في حين تصاب نحو 70 في المئة منهن بجروح أو رضوض خلال حوادث المرور على الطريق إلى الحقول.

وستحظى العاملات في القطاع الزراعي في تونس بحماية أكبر عبر إنشاء “صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات” بعد تهميش اقتصادي واجتماعي، في حين تتوالى الحوادث المهنية التي تودي بهنّ إلى الموت أحيانا. وفي إطار مشروع قانون الموازنة لعام 2025 الذي أحالته الحكومة التونسية على البرلمان، يأتي قرار إنشاء أوّل “صندوق للحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات”، من شأنه أن يضمن التغطية الاجتماعية للنساء في القطاع الزراعي، وكذلك المساعدة على تحقيق الدمج الاقتصادي في إطار نظام الحماية الاجتماعية للعاملات في القطاع الزراعي.

وتمثّل النساء العاملات في القطاع الزراعي نحو 60 في المئة من اليد العاملة النشطة في هذا القطاع الذي يوفّر قوت الكثير من التونسيين، غير أنّهنّ لا يتمتّعنَ بأيّ حقوق اجتماعية ولا بتأمين خاص بالصحة المهنية، وكان إنشاء آلية لحمايتهن اجتماعيا مطلباً أساسيا لـ”الديناميكية النسوية” التي تضمّ عدداً من الهيئات المدافعة عن المرأة، وكذلك للمنظمات المدنية التي طالبت بضرورة القطع مع الهشاشة الاقتصادية كما الاجتماعية للعاملات في القطاع الزراعي وتوفير آليات حماية مستدامة لفائدتهنّ.

◙ الصندوق يهدف إلى إرساء نظام لفائدة العاملات في القطاع الزراعي يضمن لهنّ التغطية الصحية والتأمين ضدّ حوادث العمل والأمراض المهنية مع جراية تقاعد

ووفقاً للمشروع الذي قدّمته الحكومة التونسية إلى البرلمان، من المتوقّع أن يموَّل “صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات” بمنحة مباشرة من الدولة، ورسوم ستوظف على أقساط التأمينات وخدمات الفحص الفني للعربات والخطايا (المخالفات) المرورية. ويهدف “صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات” إلى إرساء نظام لفائدة العاملات في القطاع الزراعي يضمن لهنّ التغطية الصحية والتأمين ضدّ حوادث العمل والأمراض المهنية مع جراية تقاعد، إلى جانب مساعدتهنّ على الاستفادة من برامج الدمج الاقتصادي.

ويفيد مؤشّر التنمية الزراعية في تونس، الذي نشرته وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، بأنّ المرأة الريفية تمثّل نسبة 35 في المئة من مجموع النساء التونسيات و58 في المئة من اليد العاملة في الريف. لذلك فإنّ المرأة الريفية حلقة أساسية في مجال الزراعة، سواء من خلال قوة عملها أو عبر مساهمتها في أمن البلاد الغذائي.

وأكّدت عاملات زراعيات أن 80 في المئة منهن ينتقلن إلى الحقول بواسطة شاحنة و10 في المئة بواسطة عربة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع عدد حوادث المرور. ويتعرضن خلال حوادث الشغل إلى جروح بنسبة 41 في المئة، و29 في المئة بالنسبة إلى الرضوض. وتعاني العاملات الزراعيات غالبا من عدة أمراض مزمنة؛ حيث تصاب 37 في المئة منهن بالتهاب المفاصل والعمود الفقري والربو والحساسية، و26 في المئة منهن يصبن بالسكري وضغط الدم.

وأكدت 78 في المئة من العاملات المستجوبات في الدراسة المذكورة أنهن قد تعرضن لأحد أشكال العنف أثناء العمل أو في الطريق إليه، ويحل العنف اللفظي في المرتبة الأولى ضمن أشكال العنف المسلطة عليهن بنسبة 64 في المئة.

وتبيّن هذه الأرقام والإحصائيات أن هشاشة العمل في القطاع الزراعي وضعف تدخل الدولة من حيث التنظيم والهيكلة والمراقبة إلى جانب العقلية الذكورية والفكر الجمعي المبني على التمييز ضد المرأة والتطبيع مع الاستغلال والعنف، هي الحاضنة الاجتماعية والسياسية للعنف الاقتصادي. وهي أيضا مؤثر فعّال في وضعية العمالة النسائية في القطاع، حيث تنشأ وتتطور بقية أشكال العنف فتتقاطع فيما بينها وتتنوّع مصادرها.

16