صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة في العراق في مهب المزايدات السياسية بين القوى السنية

بغداد - تحول صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة في العراق هذه الأيام إلى مادة للتجاذبات بين القوى السياسية في المناطق السنية، مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في العام المقبل. وتتهم قوى سنية تحالف السيادة، ولاسيما حزب تقدم الذي يرأسه رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، بالاستحواذ على الصندوق وتوظيفه في تحقيق أغراض سياسية.
وتأسس صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة وفقا للمادة 28 من قانون الموازنة لعام 2015، ليكون جهازا ينسق بين المنظمات الدولية والوزارات العراقية في عمليات إعادة إعمار المناطق والمحافظات التي تعرضت لدمار كبير خلال الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بين عامي 2014 و2017.
ولم يحقق هذا الصندوق حتى اليوم الهدف المنشود من تأسيسه، حيث لا تزال أنحاء واسعة في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى، وأطراف في العاصمة بغداد، تعاني من آثار الدمار ولم تشهد تحسنا في بنيتها التحتية، وسط تساؤلات حول مآلات المخصصات المالية للصندوق. والثلاثاء طالب تحالف الأنبار الموحد، الذي تشكل حديثا، بفتح تحقيق في فساد صندوق إعمار المناطق المحررة.
وقال التحالف الذي يقوده السياسي ورجل الأعمال السني جمال الكربولي في بيان إن "تشخيص هيئة النزاهة لفساد صندوق إعمار المناطق المحررة والخروقات الهائلة بسجلاته لثلاث سنوات يكشف حقيقة التلاعب والتحويلات المالية التي جرى توظيفها انتخابيا لصالح أحزاب محددة للفوز بمقاعد انتخابية لا يستحقونها فضلاً عن إعمار مدن محددة على حساب أخرى". وأضاف التحالف السني في بيانه إن "ذلك يتطلب إجراءات تحقيقية وقضائية لفتح جميع ملفات الصندوق وليس مجرد عقوبات إدارية بسيطة، فما خفي كان أعظم".
◙ إثارة ملف إعادة الإعمار هي أحد أبرز الملفات التي يحاول خصوم الحلبوسي توظيفها للنيل منه، في انتخابات مجالس المحافظات
ويرى مراقبون أن مطالبات تحالف الأنبار الموحد بفتح تحقيق في التجاوزات الحاصلة في الصندوق، على الرغم من وجاهتها لكنها لا تخلو من خلفيات سياسية، في علاقة بالصراع الدائر للسيطرة على الساحة السنية.
ويشير المراقبون إلى أن تحالف الأنبار الموحد كشف منذ الإعلان عن نفسه قبل نحو شهرين عن نواياه لجهة تحجيم نفوذ تحالف السيادة ولاسيما الحلبوسي، ويحظى هذا التحالف بدعم من بعض القوى السنية الوازنة.
ويلفت المراقبون إلى أن إثارة ملف إعادة الإعمار هي أحد أبرز الملفات التي يحاول خصوم الحلبوسي توظيفها للنيل منه، في انتخابات مجالس المحافظات. وسبق أن أثار مجلس شيوخ صلاح الدين في وقت سابق من الشهر الجاري قضية صندوق الإعمار في معرض رده على انتقادات تعرضت لها الحكومة المحلية من قبل الحلبوسي.
وقال مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين في بيان له إن "المجلس يطالب الحكومة المركزية بإيلاء محافظة صلاح الدين اهتماما أوسع من خلال الموازنة القادمة ومشاريع صندوق الإعمار الذي بات تحت سيطرة حزب واحد فقط".
ودعا المجلس بحسب البيان "سياسيي المحافظة، سواء في البرلمان أو خارجه، إلى العمل من أجل صلاح الدين وإعلاء شأنها وتحقيق الخدمات لمواطنيها، وتفويت الفرصة على المشاريع الطارئة والمتربصين بوحدة المحافظة والساعين للصعود على أكتاف أبنائها ونهب خيراتها".
وكان مجلس العشائر في صلاح الدين يغمز بشكل ضمني إلى تحالف السيادة وخصوصا إلى رئيس البرلمان، ويرجح متابعون أن تفتح حكومة محمد شياع السوداني تحقيقا في مسألة التجاوزات المفترضة بشأن صندوق الإعمار، فقط لزيادة الضغط على الحلبوسي.