صناع السيارات الكهربائية الصينيون يغادرون السوق الأوروبية

انتقل مصنعو السيارات الكهربائية الصينية إلى مرحلة ترتيب أعمالهم، وذلك في خضم المعركة التجارية بين بكين وبروكسل، حيث قرروا تعليق استثماراتهم في السوق الأوروبية، وسط مفاوضات للتوصل إلى تسوية مرضية تنهي هذه المشكلة بين الطرفين.
بكين/بروكسل- سعت سلطات الاتحاد الأوروبي منذ العام الماضي لخنق إنتاج السيارات الكهربائية في الصين، لأنها تخشى أن تشوه النماذج منخفضة الكلفة القادمة من الشرق السوق الأوروبية وتضر بالمنتجين المحليين.
وقرر الاتحاد الأسبوع قبل الماضي فرض رسوم جمركية تصل إلى 45 في المئة على هذه النوعية من المركبات المستوردة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو القرار الذي لا تقبله الحكومة الصينية.
وأصبحت السيارات الكهربائية نقطة خلاف رئيسية في نزاع تجاري أوسع نطاقا بشأن تأثير الدعم الحكومي الصيني على الأسواق الأوروبية وارتفاع الصادرات الصينية من التكنولوجيا الخضراء إلى التكتل. وتطلب بكين اليوم من شركات القطاع التي تنشط في السوق المحلية إيقاف الاستثمار في الدول الأوروبية في خضم منافستها مع المنظمين في التكتل.
وأصدرت السلطات تعليمات للشركات المحلية بوقف الاستثمارات الكبيرة في الدول الأوروبية التي تدعم زيادة الرسوم بعد اعتمادها إثر تحقيق استمر سنة وأدى إلى انقسام الكتلة وأثار رد فعل بكين.
25
في المئة نسبة المبيعات الصينية بنهاية سبتمبر 2024 من 3.9 في المئة في العام 2020
وعقدت وزارة التجارة الصينية اجتماعا في العاشر من أكتوبر الماضي ونصحت شركات مثل بي.واي.دي وسايك موتور ومجموعة تشجيانغ جيلي القابضة خلاله بإيقاف الاستثمارات الكبيرة في البلدان التي تدعم التعريفات الجمركية.
كما تلقت الشركات الأجنبية التي حضرت الاجتماع تشجيعا على الاستثمار في دول الاتحاد التي عارضت خطة الرسوم الجمركية مع توخي الحذر في تلك التي امتنعت عن التصويت.
وأنهت شركة البطاريات الصينية سفولت إنيرجي عملياتها في أوروبا قبل أيام، وهي تخطط لإيقاف عملياتها هناك بحلول يناير 2025. واعتبر تقرير نشرته صحيفة نيكي آسيا أن هذه خطوة تشير إلى تراجع الصين عن السوق وانخفاض مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا.
ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تحدد هويته أن سفولت المرتبطة بشركة غريت وول موتورز سوف تغلق فروعها في ألمانيا وتسرح الموظفين. وذكرت أن ضعف مبيعات السيارات الكهربائية والضغوط المالية هو ما دفع الشركة الصينية إلى إغلاق جميع عملياتها الأوروبية، بما في ذلك مكتبها في فرانكفورت.
وتقول رويترز إن الخطوة تشير إلى أن الحكومة تسعى للحصول على نفوذ في المحادثات مع الاتحاد بشأن بديل للتعريفات الجمركية، بحسب ما أشار إليه موقع أويل برايس الأميركي نقلا عن منصة زيرو هيدج.
ويعدّ هذا منطقيا، فقبل ساعات من انتشار هذه الأنباء، أفادت أخبار بأن الاتحاد الأوروبي كان يرسل مسؤولين إلى بكين لإجراء مزيد من المحادثات لاستكشاف بدائل للتعريفات الجمركية.
ولا يزال التوصل إلى اتفاق لاستبدال التعريفات الجديدة أمرا معقدا، حيث تبقى الخطط قيد التطوير والمناقشة، لكن الجانبين يدرسان اتفاقية “تعهدات الأسعار” لتنظيم أسعار الصادرات وأحجامها كبديل للتعريفات الجمركية.
وجاء على منصة وكالة بلومبيرغ أن المقترحات المطروحة على الطاولة لا تزال، بعد ثماني جولات من المحادثات، أقل من معايير الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك متطلبات الامتثال لمنظمة التجارة العالمية وقابلية التنفيذ.
ومع ذلك، أحرز المفاوضون تقدما مؤخرا، حيث نظروا في طرق إمكانية تبسيط شروط تعهدات الأسعار المحتملة، وخاصة بالنسبة لنماذج السيارات الكهربائية الجديدة التي لم ينطلق تصديرها بعد.
ويكمن أحد مجالات التركيز في منع التعويض المتبادل، حيث قد يمكن تعويض صفقات تسعير السيارات الكهربائية بمبيعات المركبات الهجينة أو غيرها من المعروض.
45
في المئة نسبة الرسوم الجمركية على هذه النوعية من المركبات المستوردة من ثاني أكبر اقتصاد في العالم
لكن تحديا آخر يتمثل في إصرار الصين على صفقة مظلة واحدة لكافة المصنعين، تديرها مجموعة تجارية محلية تمثل المصدّرين الرئيسيين، مثل سايك وبي.أم دبليو.بريليانس.
ورغم تهديد الصين باتخاذ تدابير انتقامية، أبدت وزارة التجارة أملها في التوصل إلى حل مرضٍ، وإذا لم يجر ذلك، فقد تبدأ بتنفيذ تدابير مضادة في نوفمبر. كما يمكن أن تؤثر نتائج الانتخابات الأميركية على توجهات الحمائية التجارية مستقبلا.
واستكمالا لحالة الضغط، طالبت الصين كل من فرنسا والتشيك بصفتهما عضوين في الاتحاد الأوروبي بالقيام بدور فعال في المساعدة في حل الخلاف التجاري مع التكتل.
ودعا وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو باريس خلال لقائه الأحد الماضي صوفي بريماس الوزير المفوض الفرنسية للتجارة الخارجية للعب دور نشط في دفع المفوضية الأوروبية إلى إظهار صدق النوايا ومقابلة الجانب الصيني في منتصف الطريق للوصول إلى حل.
كما ناقش نائب وزير التجارة لينغ جي مع وفد تشيكي زار بكين مؤخرا هذه القضية وأعرب عن أمله في أن تقوم التشيك بدور أكبر للتوصل إلى تسوية مرضية.
وبحسب المفوضية الأوروبية، قفزت مبيعات السيارات الكهربائية الصينية من 3.9 في المئة من سوق السيارات الكهربائية في العام 2020 إلى 25 في المئة بحلول سبتمبر العام الماضي.
ويواجه صانعو السيارات الكهربائية الصينيون نهاية سنة جيدة مهما حدث، وقد حققوا ربعا قويا في الفترة بين يوليو وسبتمبر الماضيين أقوى مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2023، مع شحنات قوية تقلل الحاجة إلى التخفيضات.
وسجل إنتاج هذه المركبات في الصين خلال شهر سبتمبر الماضي نحو 1.22 مليون وحدة، ما يمثل زيادة بنسبة 51.5 في المئة على أساس سنوي، وزيادة بنسبة 16.2 في المئة عن الشهر السابق له.