صناعة الكيماويات تواجه احتمال عام آخر مضطرب

الدوحة - رجحت أوساط صناعة الكيماويات ألا تكون مستويات الإنتاج العالمية الحالية قادرة على مواجهة التحديات الجاثمة على الطلب لاسيما وأن الدلائل تشير إلى أن القطاع عموما سيستمر في مواجهة الاضطرابات خلال العام المقبل.
وحذر عبدالرحمن الفقيه، الرئيس التنفيذي لأكبر شركة منتجة للكيمياويات في السعودية، الاثنين، من عام صعب آخر للصناعة في 2024، مع استمرار ضعف آفاق الاقتصاد العالمي.
وتضرر الطلب على المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة المواد البلاستيكية، التي تدخل في صناعة كل شيء، من السيارات إلى الهواتف المحمولة، نتيجة تباطؤ النمو والانتعاش الأبطأ من المتوقع منذ الأزمة الصحية.
وتقلصت هوامش المعاملات والأرباح التي تجنيها الشركات في هذا القطاع بسبب التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة الناجمة عن تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية التي اندلعت في أواخر فبراير 2022.
وتبرز سوق البتروكيماويات العالمية كمكون رئيسي في نظام الطاقة العالمي، ما يظهر في الطلب على البلاستيك، أشهر مجموعة من المنتجات، الذي تجاوز مثيله على كل المواد الرئيسة الأخرى مثل الحديد أو الألومنيوم أو الإسمنت.
وتشير التقديرات إلى أن الطلب على المنتجات الكيماوية كان بشكل مطرد منذ العام 2000 بفضل نمو الاستثمارات والمشاريع الجديدة قبل أن يتقهقر مع قيود الإغلاق الاقتصادي جراء الوباء.
وتشكل المواد الخام البتروكيماوية 12 في المئة من الطلب العالمي على النفط، وهي النسبة التي يتوقع البعض أن ترتفع في حال زاد الطلب على البلاستيك والأسمدة والمنتجات الأخرى.
وقال الفقيه، رئيس شركة الصناعات الكيميائية الأساسية (سابك) المملوكة لعملاقة النفط أرامكو، في مقابلة مع اقتصاد الشرق من بلومبرغ على هامش مؤتمر في الدوحة إن “من غير الواضح ما إذا كانت الصناعة ستنتعش في العام المقبل أم لا”.
وانخفضت أرباح سابك على أساس سنوي لخمسة أرباع سنوية متتالية. وسجلت في الربع الثالث من هذا العام خسائر بقيمة 768 مليون دولار، مخالفة متوسط توقعات المحللين الذي أشار إلى تحقيق أرباح بقيمة 105.7 مليون دولار.
وأكد الرئيس التنفيذي للشركة أن 2023 “كان عاما سيئا بالنسبة إلى صناعة الكيمياويات”. وأضاف “لست واثقا مما إذا كان عام 2024 سيشهد أي انتعاش.. لا يبدو الأمر كذلك”.
وأشار الفقيه إلى أن مجموعة منتجات سابك المتنوعة دعمت هوامش الشركة. وقال إن الشركة “استفادت من الظروف الأفضل في قطاعي الزراعة والسيارات”.
ولمواجهة التحولات والمنافسة، تركز الشركة السعودية حاليا على تطوير التقنيات لتحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية، وهو أمر تعمل عليه مع أرامكو.
"سابك" تركز حاليا على تطوير التقنيات لتحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية، وهو أمر تعمل عليه مع أرامكو
وفي السابق، كان منتجو النفط، مثل السعودية، يبيعون النفط الخام إلى المصافي التي تقوم بمعالجته وتحويله إلى وقود يستخدم في قطاع النقل ومواد أولية للصناعة الكيميائية.
أما اليوم، وبينما يستعد المنتجون لمستقبل يُتوقع أن ينخفض فيه الطلب على النفط، خاصة في مجال النقل، فإن أرامكو وسابك تتطلعان إلى تحويل المزيد من الخام إلى مواد كيميائية تنتج المواد البلاستيكية للمركبات خفيفة الوزن أو البطاريات أو الهواتف المحمولة.
وتعمل الشركتان أيضا على إقامة منشأة بطاقة 400 ألف برميل يوميا لتحويل النفط الخام إلى مواد كيميائية في مدينة رأس الخير الصناعية الواقعة على الساحل الشرقي للبلاد.
ورفض الفقيه التعليق حول ما إذا كانت سابك تخطط لبيع مصنع في الولايات المتحدة، لكنه قال إن “سابك تتطلع إلى التوسع الداخلي لتعزيز النمو”.
وكانت وكالة بلومبرغ قد ذكرت الشهر الماضي أن الشركة وشريكتها توتال أنيرجيز الفرنسية تفكران في بيع مصنع للكيمياويات في ولاية لويزيانا.
ورغم حجمها المتنامي بسرعة، فإن سوق البتروكيمياويات العالمية لا تزال مُهملة في النقاشات العالمية المتعلقة بالطاقة، رغم اعتماد الكثير من الدول على تلك المنتجات الحيوية، وفق وكالة الطاقة الدولية.
وتعتبر هذه السوق جزءا من المجتمعات الحديثة، حيث تشتمل على شريحة واسعة جدا من المنتجات مثل الأسمدة والتعبئة والملابس والأجهزة الرقمية والأجهزة الطبية والمنظفات وإطارات السيارات وغيرها.
وتظهر تلك المنتجات أيضا في قطاعات مختلفة من أنظمة الطاقة المستدامة كالألواح الشمسية وشفرات توربينات الرياح والبطاريات والعزل الحراري للمباني، وأجزاء السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية.