صناعة الاتصالات العربية تحتاج إلى زيادة جرعة التنافسية الرقمية
دبي - تعترض صناعة الاتصالات العربية تحديات كبيرة في طريق تحسين وتطوير أعمالها لتتماشى مع الظروف الراهنة وتطلعات المستقبل، الأمر الذي يحتم، وفق محللين، على الشركات زيادة جرعة التنافسية الرقمية.
ورأى خبراء شركة ريسيرش آند ماركتس في تقرير حديث يسلط الضوء على اتجاهات القطاع في السنوات الثلاث المقبلة أن الشركات أمام معركة مفصلية للإسراع في تعديل أوتار نشاطها بما يحقق لها إيرادات أعلى.
وواجه مشغلو الهواتف المحمولة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديات غير عادية منذ عام 2020، حيث أثرت الأزمة الصحية وما تلاها من أحداث اقتصادية عالمية على معظم جوانب خدمات وعمليات الهاتف المحمول.
وكان على الشركات تلبية الطلب المتزايد بسرعة على خدمات الاتصال والإنترنت النابعة من المواطنين الذين يعملون ويدرسون عن بُعد، إلى جانب مقدمي الخدمات الداعمين الذين يقدمون حلول الرعاية الصحية عن بُعد والتعليم الإلكتروني.
وتؤدي زيادة انتشار الأجهزة المحمولة والتقدم التكنولوجي، مثل الخدمات المستندة إلى السحابة لتقديم وصول أفضل لخدمات الشبكة، إلى نمو سوق مشغلي الشبكات الافتراضية للهاتف المحمول في المنطقة.
ويدخل مشغلو الشبكات الافتراضية المتنقلة في الاقتصاديات النامية بما فيها بلدان المنطقة العربية، بسبب انخفاض المنافسين وزيادة المبادرات الحكومية وارتفاع معدل تبني الخدمات السحابية من قبل مؤسسات الأعمال.
وتوقعت ريسيرش آند ماركتس في تقريرها الذي أصدرته الخميس أن يصل حجم السوق إلى أكثر من 2.2 مليار دولار بحلول 2026، مسجلة معدل نمو سنوي مركب قدره 5.3 في المئة خلال الفترة الفاصلة بين عامي 2021 و2026.
وتشير إحصائيات شركة الأبحاث إلى أن مجال الشبكات الافتراضية، والذي يعتبر أحد محاور نشاط شركات الاتصالات في الوقت الحالي بلغت قيمته في العام 2020 حوالي 1.63 مليار دولار.
وامتلكت دول الخليج العربي بعضا من الأسواق الأكثر انتشارا للاتصالات المتنقلة في العالم بنسبة 70 في المئة أو أكثر بنهاية 2019، وذلك بالمقارنة مع المتوسط العالمي البالغ 66 في المئة.
ومع ذلك، فإن معدلات انتشار المشتركين الفريدين بالأسواق المبتدئة مثل السودان واليمن وسوريا لا تزال أقل من 50 في المئة، مما يؤكد حجم التحدّي الذي يواجه تحقيق حصول الجميع على خدمات الاتصالات المتنقلة في تلك البلدان.
ويتعرض المشغلون في هذه الدول لمشكلات أكثر صعوبة تتعلق بتدمير البنية التحتية والمخاوف الأمنية والضغط الاقتصادي والأزمات الإنسانية، والتي يمكن أن تعيق نمو السوق.
وفي دليل على أن ثمة محاولات جدية للتطوير والتأقلم مع الأوضاع، أعلنت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية في يناير 2020 عن خطط للسماح لمشغلي الشبكات الافتراضية المتنقلة بدخول سوق أكبر اقتصادات المنطقة العربية.
ومن المفترض أن يعمل ترخيص مشغلي شبكات الجوال الافتراضية الجديدة على تعزيز بيئة الأعمال وتعزيز المنافسة في السوق التي ستعزز تبني أفضل الممارسات الدولية عبر الصناعة.
كما أظهرت شركات إحساسا قويا بالمسؤولية الاجتماعية أثناء الوباء من خلال إطلاق مبادرات مختلفة لدعم المجتمع من حيث التعليم والمشاريع والرعاية الصحية.
وشهدت أسواق المنطقة زيادة في الطلب على خدمات الرعاية الصحية عن بُعد والتعليم الإلكتروني، فضلا عن التعاون مع مشغلي الهاتف المحمول لتقديم مثل هذه الخدمات، بالتوازي مع تسريع الشركات لوتيرة تطوير وتحسين جاهزية الجيل الخامس (5 جي).
◙ دول الخليج العربي امتلكت بعضا من الأسواق الأكثر انتشارا للاتصالات المتنقلة في العالم بنسبة 70 في المئة أو أكثر بنهاية 2019،
ودخلت شركة الاتصالات السعودية (أس.تي.سي) في شراكة مع رويال فيليبس مزود حلول الرعاية الصحية لتطوير وتنفيذ الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي التي تتيح للأطباء علاج المرضى وتشخيصهم عن بُعد.
ووفقا لتصنيف براند فاينانس غلوبال 500 للعلامات التجارية الأقوى على مستوى العالم حافظت أس.تي.سي على صدارتها في 2022 كأعلى علامة تجارية قيمة في قطاع الاتصالات على مستوى المنطقة للعام الثالث تواليا.
وعزا خبراء براند ذلك إلى نجاح إستراتيجية “تجرأ” التي أطلقتها المجموعة في 2017 ما جعل قيمة العلامة ترتفع من 6.2 مليار دولار إلى 12.3 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
وفضلا عن ذلك، لاحظ العديد من المشغلين حدوث تغيير في سلوك المستهلك أثناء الجائحة، حيث شهدت دو الإماراتية انخفاضا في إيرادات الهاتف المحمول والذي يُعزى جزئيا إلى تحول المستهلكين نحو الهواتف المحمولة المدفوعة مسبقا بدلا من الهواتف الثابتة.
ورجحت شركة إريكسون للتنقل توسع نطاق مشتركي الجيل الخامس خلال العام الجاري ليبلغ 17 مليون شخص، فيما تظهر بعض الإحصائيات أن عدد مشتركي الاتصالات في المنطقة يبلغ أكثر من 392 مليون مشترك.
وفي تحرك لزيادة زخم القطاع، اعتمد مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات الأسبوع الماضي إستراتيجية موحدة للقطاع ستكون بمثابة خارطة طريق لبرامج ومشاريع ومبادرات لرأب الفجوات الرقمية.
