صناديق ثروة خليجية تطرق باب نادي التريليون دولار

المنافسة على تنويع الاستثمار بين دول المنطقة تعزز فرص مراكمة أصول أذرعها السيادية على نحو أكبر.
الخميس 2024/03/14
مستمرون في اصطياد الفرص

يقترب الشرق الأوسط من أن يصبح المنطقة الوحيدة في العالم التي تمتلك ثلاثة صناديق ثروة سيادية تبلغ قيمة كل منها تريليون دولار، مما سيمنحها فرصة لكسر هيمنة صناديق أخرى ظلت مسيطرة على سباق الاستثمار السيادي العالمي بفضل خطط التوسع.

الرياض- نقلت الحكومة السعودية مؤخرا حصة أخرى من أسهم عملاق النفط أرامكو إلى صندوق الاستثمارات العامة تقدر بنحو 164 مليار دولار مما دعّم أصول صندوق الثروة السيادية لأكبر منتجي النفط في العالم ضمن أهداف قريبة المدى.

وتزامنت الخطوة مع استعداد الهيئة العامة للاستثمار الكويتية لتحقيق أحد أفضل أعوامها المالية على الإطلاق في ضوء الارتفاع العام في أسواق المال وخاصة الأميركية التي تنشط فيها بكثافة.

وساهمت الخطوة الأخيرة للرياض في تقليص الفجوة بين الكيانين، وباتا قريبين من جهاز أبوظبي للاستثمار البالغة قيمة أصوله 993 مليار دولار، وهو أكبر أداة سيادية في المنطقة والرابع عالميا، وفقا لمعهد صناديق الثروة السيادية.

وبات حجم الأصول التي يديرها الصندوق السعودي الآن عند 941 مليار دولار، ليحتل المركز الخامس عالميا، بينما يتوقع أن تبلغ أصول الصندوق الكويتي 923 مليار دولار بعد تدقيق نتائج أعماله لعام 2023.

أصول أبرز ثلاثة صناديق خليجية

  • 993 مليار دولار لجهاز أبوظبي للاستثمار
  • 941 مليار دولار لصندوق الثروة السعودي
  • 923 مليار دولار لهيئة الاستثمار الكويتية

وفي السنوات الأخيرة، تحولت السيولة الوفيرة لدى الصناديق الخليجية إلى محط أنظار المستثمرين الأجانب بعدما عززت طفرة أسعار الوقود الأحفوري منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا احتياطاتها من السيولة النقدية.

وتعتبر أبوظبي موطنا لثلاثة صناديق ثروة سيادية كبيرة، فإلى جانب ذراعاها الأولى للاستثمار، تشكل شركة مبادلة والشركة القابضة أي.دي.كيو أذرعا استثمارية رئيسية للحكومة.

ويقول الخبراء إن الإمارة واحدة من القلائل حول العالم، التي تدير نحو 1.5 تريليون دولار من رأس مال الثروة السيادية، وقد أسست مؤخرا شركة استثمار تكنولوجي قد تتجاوز أصولها الخاضعة للإدارة 100 مليار دولار.

وتعمل العديد من صناديق الثروة حول العالم، والتي يتصدرها صندوق الثروة النرويجي ويليه مؤسسة الاستثمار الصينية بسرية، مما يُصعب تحديد حجم محافظها الاستثمارية بدقة.

وقدر محللو وكالة بلومبرغ أن يحصل الصندوق السعودي على نحو 5 مليارات دولار كتوزيعات أرباح فصلية من أرامكو، عقب نقل الحكومة لحصة إضافية، وفي ضوء إعلان الشركة الأحد الماضي أنها ستعزز توزيعاتها للمساهمين.

وتمثل التدفقات النقدية المتوقعة، الحصيلة المالية لنقل 8 في المئة إضافية من إجمالي أسهم أرامكو إلى محافظ شركات مملوكة بالكامل لصندوق الثروة ليصل بذلك إجمالي حصته في عملاقة الطاقة إلى 16 في المئة ولتمثل شركة النفط نحو ثلث قيمة أصول الصندوق.

وكانت السعودية قد أكملت في أبريل 2023 نقل 4 في المئة من إجمالي أسهم أرامكو، من ملكية الدولة إلى شركة سنابل للاستثمار المملوكة بالكامل لصندوق الثروة، لتُضاف إلى حصة مماثلة تمّ نقلها إلى الصندوق مباشرة في فبراير 2022.

وأكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن عملية النقل تساهم في تعظيم أصول صندوق الثروة وزيادة عوائده الاستثمارية، الأمر الذي يعزز مركزه المالي القوي وتصنيفه الائتماني.

السيولة الوفيرة لدى الصناديق السيادية في المنطقة تحولت إلى محط أنظار المستثمرين الأجانب في غضون سنوات قليلة

وقال إن “نقل ملكية جزء من أسهم الدولة في أرامكو يأتي مواصلة لمبادرات المملكة الهادفة لتعزيز الاقتصاد على المدى الطويل، وتنويع موارده وإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية، بما يتوافق مع مستهدفات رؤية 2030”.

ويرجح المسؤولون السعوديون أن تسهم عملية نقل الأسهم الجديدة، كما السابقة، في دعم خطط الصندوق السيادي الهادفة إلى رفع حجم أصوله تحت الإدارة إلى نحو 1.08 تريليون دولار بنهاية عام 2025 من مستوياته الحالية.

وفي الكويت، تستعد ذراعها للاستثمارات، التي تدير أصول حكومية بأكثر من 800 مليار دولار، لأحد أفضل أعوامها المالية على الإطلاق، في ضوء الارتفاع العام للسوق الذي حقق عوائد تعادل 10 في المئة أو أكثر.

وكشفت مصادر مطلعة مؤخرا أن الارتفاع الذي سجله مؤشرا أس آند بي 500 وناسداك 100 العام الماضي، ساعد في زيادة العوائد خلال الأحد عشر شهرا الممتدة حتى فبراير الماضي لهيئة الاستثمار الكويتية.

ويتركز أكثر من 50 في المئة من استثمارات الهيئة في الولايات المتحدة، وفق المصادر التي تحدثت لبلومبرغ شريطة عدم الكشف عن هوياتها.

ويشير ذلك إلى تعافي أرباح صندوق الثروة الكويتي مقارنة بالعام الماضي، الذي ثبتت فيه العوائد تقريبا. ولا تتوفر تفاصيل بشأن الأداء خلال العام المنتهي في مارس 2022.

وبعيدا عن الولايات المتحدة، توجد أكبر استثمارات الهيئة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، تليها آسيا والأسواق الناشئة.

ولا تفصح الهيئة بشكل رسمي عن قيمة أصولها، كما أنه نادرا ما يعلق المسؤولون عن إستراتيجيتها، بل ويحيطون حجم محفظتها الاستثمارية وتوزيعها بدرجة كبيرة من السرية.

الصندوق الكويتي لا يزال يعتبر نفسه نشطا، ويتعهد بالاستثمار في أشباه الموصلات والقطاعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مع تعزيز الأعمال في الائتمان الخاص

وتشير أحدث البيانات الرسمية المتاحة، التي تعود إلى ثلاثة أعوام، إلى أن صندوق الأجيال الكويتي، وهو وعاء ادخاري وطني تديره الهيئة حقق عوائد بنسبة 33 في المئة خلال العام المنتهي في مارس 2021، من بينها أرباح بنسبة 38 في المئة حققها مكتبها في لندن.

ومن شأن تحقيق عوائد تتجاوز 10 في المئة أن ترفع قيمة الأصول التي تديرها الهيئة قرب تريليون دولار، ما سيقلص الفجوة مع جهاز أبوظبي للاستثمار، ويقترب أكثر من صندوق الثروة السعودي.

وسيمثل هذا الأداء دفعة إيجابية لصندوق أحاطت به التحديات على مدار سنوات، والتي تزامنت مع بطء الإصلاحات الاقتصادية في سياق أجندة 2035 بسبب الأزمات السياسية المستمرة في الكويت العضو في أوبك.

ومن الناحية التاريخية، طالما كانت الهيئة من أكبر المستثمرين العالميين، وتملك حيازات في بلاك روك ومرسيدس، كما اشترت حصة في سيتي غروب خلال أزمة 2008، وباعتها لاحقا بربح يتجاوز مليار دولار.

ولا يزال الصندوق الكويتي يعتبر نفسه نشطا، ويتعهد بالاستثمار في أشباه الموصلات والقطاعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مع تعزيز الأعمال في الائتمان الخاص.

ويجذب قطاع الائتمان الخاص صناديق الثروة الخليجية بكثافة، بعدما صارت هذه السوق البالغ حجمها 1.7 تريليون دولار منافسة قوية للقروض التقليدية، كما تجذب المستثمرين بتقديم عوائد أعلى متغيرة الفائدة.

وأبرم بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس في الآونة الأخيرة مع مبادلة للاستثمار شراكة بقيمة مليار دولار للبحث عن صفقات الائتمان الخاص في آسيا. كما يوجه جهاز أبوظبي للاستثمار مزيدا من أمواله في الملكيات الخاصة.

10