صناديق الثروة الخليجية ملاذ عمالقة صفقات الاستحواذ

قفزة كبيرة في الاستثمارات المشتركة منذ بداية 2023.
الخميس 2023/07/20
علامة أخرى في محفظة الأعمال!

تحولت الصناديق السيادية في الشرق الأوسط إلى محط أنظار كبار صفقات الاستحواذ بفضل السيولة الوفيرة التي بحوزتها، وأيضا لسعيها الدؤوب إلى اقتناص الفرص الاستثمارية في المشاريع ذات القيمة المضافة وذات العائد المربح، والأهم أنها قليلة التعقيد.

نيويورك - رصد محللون تسابقا بين شركات الاستحواذ العالمية على منابع التمويل التي توفرها صناديق الثروة السيادية لدى بلدان الخليج العربي لاغتنام فرصة نهم هذه الكيانات على توسيع استثماراتها بما يخدم تنوع دخلها.

ويقول محللون إنه من شأن المليارات من الدولارات التي تنفقها صناديق الثروة التي تمتلك أموالا طائلة لإتمام صفقات الاستحواذ الخاصة، أن تساعد على تسريع عجلة عقد الصفقات خلال عام تجفّ فيه مصادر التمويل الأخرى.

وعززت طفرة أسعار الطاقة احتياطات صناديق السعودية وأبوظبي وقطر لتبلغ أكثر من 3.5 تريليون دولار في العام الماضي، وهو رقم يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة.

ولجأت شركات كبيرة للاستثمار في الأسهم الخاصة، من أمثال كي.كي.آر آند كو وإي.كيو.تي وبروكفيلد، خلال الأسابيع الأخيرة إلى دول الخليج العربي الغنية لجمع الأموال لصفقات كبيرة.

ويأتي ذلك بينما ضخت صناديق الثروة مبالغ قياسية بلغت 17.2 مليار دولار على مثل هذه الاستثمارات المشتركة في النصف الأول من العام الجاري، بزيادة نسبتها 24 في المئة بمقارنة سنوية، وفقا لمزود البيانات غلوبال أس.دبليو.أف.

إليزابيث تود: الصناديق لديها رؤوس أموال ضخمة تجعلها تتحرك بمرونة
إليزابيث تود: الصناديق لديها رؤوس أموال ضخمة تجعلها تتحرك بمرونة

ورغم أن التعاون في إنجاز الصفقات ليس أمرا مستغربا، فإن المساهمات التي يقدمها هؤلاء المستثمرون المدعومون من دولهم زادت من حيث الحجم، لأن الشركات التي تنفّذ عمليات الاستحواذ الخاص تجد أن الديون أكثر كلفة بالنسبة إليها.

وسيساهم جهاز أبوظبي للاستثمار بمبلغ لا يقل عن 1.3 مليار دولار في صفقة استحواذ إي.كيو.تي على شركة ديكرا فارماسيوتيكالز المصنعة للأدوية البيطرية التي أعلنَ عنها في يونيو الماضي، والبالغة قيمتها 5.9 مليار دولار.

ويقدم مستثمرو الشرق الأوسط، بما في ذلك شركة مبادلة للاستثمار وشركة القابضة أي.دي.كيو، وهما صندوقان سياديان مملوكان لحكومة أبوظبي، نحو 1.57 مليار دولار لاستحواذ بروكفيلد على شركة أنظمة المدفوعات نتورك إنترناشيونال هولدينغز.

ووفقا لتحليل إيداعات الإفصاح لدى الجهات التنظيمية الشهر الماضي، تبلغ قيمة هذه الصفقة حوالي 2.9 مليار دولار.

وتحاول شركة كي.كي.آر أيضا جذب جهاز أبوظبي للاستثمار البالغ حجم أصوله 853 مليار دولار، وهو رابع صندوق سيادي في العالم، إلى عرضها المقدّم لشراء شبكة الخطوط الأرضية التابعة لشركة تيليكوم إيطاليا البالغ 25 مليار دولار.

وترى إليزابيث تود الشريكة في شركة روبس آند غراي للمحاماة أنه يمكن لصناديق الثروة أن تتحرك بسرعة كبيرة في كثير من الأحيان، وأن تكون مرنة، كما أن لديها رؤوس أموال ضخمة، وهي بالتالي يمكن أن تكون مصدرا مفيدا للحصول على رأس المال.

ونقلت وكالة بلومبرغ عن تود قولها إنه “عندما تجد هذه الصناديق أصولاً جذابة، فإنها لا تكون مقيّدة بحصر استثماراتها بجزء صغير أو بحصة أقلية لا تسمح لها بممارسة الحوكمة بشكل فعّال”.

وكشف مسؤول تنفيذي في أحد أكبر الصناديق السيادية العالمية، أنهم يشجعون شركات الأسهم الخاصة على مواصلة تنفيذ عمليات استحواذ أكبر، حتى في ظل حالة الشح الراهنة التي تشهدها أسواق التمويل.

الصناديق السيادية تتطلع بحماسة إلى اقتناص مزيد من الصفقات ومع نضوب مصادر التمويل الأخرى أمام شركات الأسهم الخاصة

وأوضح أنهم أبدوا استعدادهم لدعم الصفقات بمبالغ أكبر لتقليل العبء عن الشركة التي تنفذ عملية الاستحواذ، مشيرا إلى أن صندوقهم يتطلع إلى المشاركة في مزيد من هذه الصفقات لتحقيق هدفه بتخصيص جزء أكبر من محفظته لشركات الأسهم الخاصة.

وفي مارس وحده، ساهمت صناديق الثروة السيادية بأكثر من 25 مليار دولار في عمليات الاستحواذ الكبرى.

وساهمت شركة جي.آي.سي وصندوق الاستثمار تيماسيك هولدينغز المملوكان لسنغافورة بمبلغ 1.8 مليار دولار في صفقة استحواذ بروكفيلد على شركة أوريجين إينرجي الأسترالية البالغة 12.7 مليار دولار، وفقاً لرسالة موجّهة إلى أحد المستثمرين.

وفي الشهر ذاته، انضم جهاز أبوظبي للاستثمار إلى صفقة استحواذ شركة بلاكستون على شركة البرمجيات سيفنت هولدينغ بقيمة 4.6 مليار دولار.

كما تعاون الجهاز مع شركة أبولو غلوبال مانجمنت في صفقة شرائها لموزّع المواد الكيميائية يونيفار سولوشنز بقيمة 8.1 مليار دولار.

وتأتي هذه التحركات في الوقت الذي تُجبِر فيه أسعار الفائدة المرتفعة شركات الأسهم الخاصة على تقليص اللجوء إلى القروض لسداد ثمن صفقاتها، إذ تقلّل العائدات التي تحصل عليها من تلك الصفقات.

وفي كثير من الحالات تحاول هذه الشركات الحصول على سيولة نقدية أكبر مقدَّماً، على أمل أن تتمكن من زيادتها عبر الاقتراض في مرحلة لاحقة.

جيمس بورديت: شهدنا صفقات في شراء الأسهم الخاصة من الشرق الأوسط
جيمس بورديت: شهدنا صفقات في شراء الأسهم الخاصة من الشرق الأوسط

وأوضحت تود أن التمويل المصرفي غير متاح بسهولة ويمكن أن يساعد الاستثمار المشترك على سد الفجوة.

وتقول مصادر إن الصناديق السيادية تتطلع بحماسة إلى اقتناص مزيد من الصفقات ومع نضوب مصادر التمويل الأخرى أمام شركات الأسهم الخاصة، تطلب هذه الصناديق ميزة الوصول المضمون إلى تدفق الصفقات مقابل توفير رأسمال إضافي لصناديق جديدة.

وعادة ما تتمتع التمويلات الإضافية التي تقدّمها الصناديق من خلال نافذة الاستثمارات المشتركة بميزة أخرى، وهي عدم الاضطرار إلى دفع رسوم إدارية.

كما تحاول بعض الصناديق اتخاذ خطوات إضافية لدعم هذا الاتجاه، بما في ذلك تعزيز مبادلة للاستثمار، ثاني أكبر صندوق سيادي في أبوظبي، لذراع إدارة الأصول مبادلة كابيتال، التي تجمع التمويلات من أطراف خارجية، وتدير تحت مظلتها حاليا 20 مليار دولار.

وخلال مايو الماضي وافقت مبادلة كابيتال على توسيع عملياتها بشراء حصة مسيطرة في مجموعة فورترس إنفستمنت الأميركية.

وليس هذا وحسب، فتمويلات المستثمرين المدعومين حكومياً تساعد شركات الأسهم الخاصة التي يستثمرون فيها أيضاً على الاحتفاظ بأصولها لفترة أطول وسط بيئة تخارج صعبة.

وعلى سبيل المثال، بعدما درست شركة باين كابيتال إمكانية التخارج من شركة برامج الموارد البشرية اليابانية ووركس هيومان إنتليجنس، انتهى بها المطاف إلى بيع جزء من حصتها لشركة جي.آي.سي السنغافورية في مارس الماضي.

وذكرت مصادر مطلعة أن الصفقة تضمنت أيضاً بيع باين كابيتال بعضاً من أسهمها لصندوق جديد، وقُيّمَت الشركة بنحو 2.5 مليار دولار بما في ذلك الديون.

وقال جيمس بورديت الشريك في شركة المحاماة بيكر آند ماكنزي إن “جزءا كبيرا من أموال صناديق الثروة يذهب أيضا إلى عمليات الاستحواذ على الأسهم الخاصة في شركات غير مُدرَجة بالبورصة”.

وأضاف “شهدنا صفقات كبيرة في شراء الأسهم الخاصة التي استحوذت عليها صناديق سيادية من الشرق الأوسط ومستثمرون مؤسَّسيون آخرون”.

وتابع “كما لجأ المستثمرون السياديون في بعض الحالات إلى إستراتيجيات استثمار أكثر نشاطاً، كتلك التي نجحت في تنفيذها مجموعة من صناديق التقاعد في أميركا الشمالية خلال السنوات الأخيرة”.

10