صناديق الثروة الخليجية تهيمن على الصفقات عالميا

السيولة الوفيرة لدى الصناديق الخليجية تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى محط أنظار المستثمرين الأجانب.
الثلاثاء 2024/07/02
مساع حثيثة لتنويع الإيرادات

دبي - عززت صناديق الثروة السيادية في منطقة الخليج العربي هيمنتها على سوق الصفقات، التي تنفذها جهات الاستثمار العالمية المدعومة حكوميا، لتصل إلى ذروتها في نحو 15 عاما.

واستأثرت مؤسسات من بينها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وجهاز أبوظبي للاستثمار، وجهاز قطر للاستثمار بنسبة 54 في المئة من إجمالي 96 مليار دولار تستثمرها صناديق الاستثمار الحكومية على مستوى العالم خلال النصف الأول من 2024.

وأشارت شركة الاستشارات غلوبال أس.دابليو.أف التي نشرت هذه البيانات الاثنين، وأوردتها وكالة بلومبيرغ، إلى أن تلك النسبة تمثل أعلى مستوى منذ 2009.

وتوضح هذه المعطيات مدى الأهمية، التي تمثلها صناديق الثروة التابعة لدول المنطقة بالنسبة إلى تدفقات رأس المال العالمية، وهي تدير مجتمعة أصولا تتجاوز قيمتها 4 تريليونات دولار.

وفي السنوات الأخيرة، تحوّلت السيولة الوفيرة لدى الصناديق الخليجية إلى محط أنظار المستثمرين الأجانب بعدما عززت طفرة أسعار الوقود الأحفوري منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا احتياطاتها من السيولة النقدية.

دييغو لوبيز: رغم الضبابية فإن صناديق المنطقة صارت أكثر نشاطا
دييغو لوبيز: رغم الضبابية فإن صناديق المنطقة صارت أكثر نشاطا

وجذبت دول الخليج عددا متزايدا من المصرفيين وأقطاب الاستثمار وقادة قطاع التكنولوجيا من جميع أنحاء العالم للمساعدة في دعم عمليات الاستحواذ، أو جمع تمويلات جديدة، أو تمويل خططها الاستثمارية على مدى السنوات القليلة الماضية.

وقال دييغو لوبيز المدير الإداري لغلوبال أس.دابليو.أف في تقرير “رغم أن ضبابية السوق دفعت صناديق الاستثمار العالمية إلى التزام الحذر، فصناديق دول الخليج، وخاصة التابعة لحكومة أبوظبي حققت أرباحا مفاجئة كبيرة من النفط، وباتت أكثر نشاطا من أيّ وقت”.

ومع ذلك، كان صندوق الثروة السعودي الأنشط في العالم خلال الفترة بين يناير ويونيو الماضيين، بفضل نقل ملكية أصول حكومية إليه.

ويرى خبراء غلوبال أس.دابليو.أف أن الحكومة السعودية عليها إيجاد مصادر أخرى لتمويل استثمارات الصندوق، نظرا إلى عدم ارتفاع أسعار النفط بالقدر الكافي لتغطية الإنفاق الحكومي.

وتتزامن زيادة أهمية صناديق الاستثمار الخليجية مع خفض نظرائها العالميين للإنفاق ليس بسبب ظروف التقلب الاقتصادي العالمي، وإنما بسبب إصرار حكومات المنطقة على تنويع إيراداتها بالاستثمار في مجالات ذات قيمة مضافة.

وكانت الصناديق الآسيوية، ومن بينها جي.آي.سي وتماسيك هولدينغز، ضمن من خفضوا استثماراتهم، وهو ما أدى إلى تراجع إجمالي استثمارات جهات الاستثمار المدعومة حكومياً، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفق التقرير.

ورغم تراجع المبالغ التي تستثمرها الصناديق السيادية السعودية والإماراتية والقطرية والكويتية والعمانية والبحرينية بشكل عام، ارتفعت النسبة التي تمثلها من إجمالي الاستثمارات الحكومية على مستوى العالم، وفق البيانات.

ومع ذلك، تظل معظم تلك الاستثمارات داخل المنطقة، فمثلا، كانت أكبر صفقة لصندوق الثروة السعودي محلية، في ما استحوذ صندوق لونيت التابع لحكومة أبوظبي، الذي يدير أصولا قيمتها 105 مليارات دولار، على حصة في أكبر برج مكتبي في دبي.

54

في المئة من الاستثمارات عالميا استحوذت عليها 3 صناديق خليجية بالنصف الأول من 2024

وتعتبر أبوظبي موطنا لثلاثة صناديق ثروة سيادية كبيرة، فإلى جانب ذراعاها الأولى للاستثمار، تشكل شركة مبادلة والشركة القابضة أي.دي.كيو أذرع استثمارية رئيسية للحكومة.

ويقول الخبراء إن الإمارة واحدة من القلائل حول العالم، التي تدير نحو 1.5 تريليون دولار من رأس مال الثروة السيادية، وقد أسست مؤخرا شركة استثمار تكنولوجي قد تتجاوز أصولها الخاضعة للإدارة 100 مليار دولار.

وفي ظل هذا الزخم يقترب الشرق الأوسط من أن يصبح المنطقة الوحيدة في العالم، التي تمتلك ثلاثة صناديق ثروة تبلغ قيمة كل منها تريليون دولار، مما سيمنحها فرصة لكسر هيمنة صناديق أخرى ظلت مسيطرة على سباق الاستثمار السيادي العالمي بفضل خطط التوسع.

ونقلت الرياض قبل فترة حصة أخرى من عملاق النفط أرامكو إلى صندوقها السيادي تقدر بنحو 164 مليار دولار، وهو ما دعّم أصول صندوق الثروة السيادية لأكبر منتجي النفط في العالم ضمن أهدف قريبة المدى.

وتزامنت تلك الخطوة مع استعداد الهيئة العامة للاستثمار الكويتية لأحد أفضل أعوامها المالية على الإطلاق في ضوء الارتفاع العام في أسواق المال وخاصة الأميركية التي تنشط فيها بكثافة.

وساهمت الخطوة الأخيرة للسعودية في تقليص الفجوة بين الكيانين، وباتا قريبين من جهاز أبوظبي للاستثمار البالغة قيمة أصوله 993 مليار دولار، وهو أكبر صندوق سيادي في المنطقة والرابع عالميا، وفقا لمعهد صناديق الثروة السيادية.

وبات حجم الأصول التي يديرها الصندوق السعودي نحو 941 مليار دولار، ليحتل المركز الخامس عالميا، بينما يتوقع أن تبلغ أصول الصندوق الكويتي 923 مليار دولار بعد تدقيق نتائج أعماله لعام 2023.

وتعمل العديد من صناديق الثروة حول العالم، والتي يتصدرها صندوق الثروة النرويجي وتليه مؤسسة الاستثمار الصينية، بسرية، مما يُصعب تحديد حجم محافظها الاستثمارية بدقة.

11