صناديق الاستثمار تنافس البنوك على حصة الرهونات العقارية

مشهد القطاع العقاري العالمي سيشهد نموا في 2024 بسبب طرح الحكومات لمبادرات تهدف إلى تطوير البنى التحتية وارتفاع نسبة الإنفاق الاستهلاكي.
الأربعاء 2024/05/15
نظرة أوسع للمستقبل

رصد محللون في الفترة الأخيرة تراكما للأموال التي تتيحها الصناديق الاستثمارية الكبيرة في الديون العقارية مع تراجع عمالقة البنوك في دعم قطاع التطوير بسبب الضبابية التي لا تزال تخيم على الاقتصاد العالمي جراء استمرار ارتفاع أسعار الفائدة.

لندن - يقوم البعض من أكبر المستثمرين في العالم باختراقات أعمق في الإقراض للعقارات التجارية، حيث يحصلون على حصة من البنوك المتراجعة ويراهنون على نهاية الانخفاضات الحادة في أسعار العقارات.

وكشفت شركات الصناديق الأميركية بي.جي.آي.أم ولاسال أنفستمنت مانجمنت ونوفين وبروكفيلد وكواد ريال الكنديتين وأم آند جي البريطانية وشرودرز وأفيفا وإكسا الفرنسية لرويترز أنها تخطط لزيادة تعرضها الائتماني للعقارات.

ويركز معظمها على الإقراض للخدمات اللوجستية ومراكز البيانات والإيجارات للعائلات المتعددة وسوق المكاتب الراقية. ويستمر قطاع المكاتب على نطاق أوسع في النضال، مما يعيق الأموال.

وقالت إيزابيل سيماما، التي ترأس ذراع الاستثمارات البديلة لشركة أكسا بقيمة 183 مليار يورو (198 مليار دولار)، “إذا نظرت إلى أقوى رهان لدينا حاليا، فمن المحتمل أن يكون الدين العقاري”.

وتقول شركة لاسال، التي تدير 89 مليار دولار على مستوى العالم، إنها تستهدف زيادة استثماراتها في الديون العقارية بنسبة 40 في المئة إلى حوالي 7.6 مليار دولار على مدى عامين، بما في ذلك التوزيع والضيافة وإسكان الطلاب.

جاك جاي: الدورات العقارية السابقة أثبتت تدني التخلف عن السداد
جاك جاي: الدورات العقارية السابقة أثبتت تدني التخلف عن السداد

والرهان على الديون العقارية ليس للمترددين في خوض هذه المغامرة في الوقت الحالي، حيث لا تزال صناعة العقارات التجارية العالمية، ولاسيما المكاتب، في قبضة أكبر تراجع لها منذ الأزمة المالية 2007 - 2009.

ويعد ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم العنيد والظروف الاقتصادية القاسية أعداء مألوفين لمشتري العقارات التجارية المخضرمين، الذين يتغلبون عادة على التحديات في انتظار ارتفاع الطلب على الإيجارات وانخفاض تكلفة الاقتراض.

ونادرا ما تؤدي فترات الانكماش الدوري إلى حدوث مبيعات سريعة، طالما أن المقرضين واثقون من أن المستثمر يمكنه سداد قرضه وتظل قيمة الأصل أعلى من الدين المقرض مقابله. لكن المقرضين البديلين يعتقدون أن الأسوأ ربما يكون قد مر، ويمكنهم تحقيق عوائد جذابة مع تعافي التقييمات.

وأكدت دراسات صادرة عن المؤسسات العالمية المختصة بتحليل الأسواق مؤخرا أن مشهد القطاع العقاري العالمي سيشهد نموا في عام 2024 بسبب طرح الحكومات لمبادرات نوعية تهدف إلى تطوير البنى التحتية وارتفاع نسبة الإنفاق الاستهلاكي.

وأوضحت العديد من التقارير التي تتابع مسار صناعة العقارات حول العالم أن نمو القطاع السياحي يشكل عاملا رئيسيا في دفع عجلة نمو القطاع العقاري.

وقال جاك جاي، رئيس قسم الديون العالمية في شركة نوفين، لرويترز إن “من خلال الدورات العقارية تاريخيا، ستجد أن القروض المقدمة بشكل عام في الجزء السفلي من الدورة تميل إلى أن تكون لديها أدنى معدلات التأخر في السداد وأعلى هوامش الربح”.

وترى شركات الصناديق أن قواعد رأس المال الأكثر صرامة بالنسبة للبنوك، بما في ذلك المعايير الدولية الجديدة التي يطلق عليها “نهاية بازل”، وإخفاقات البنوك الإقليمية الأميركية، أدت إلى فتح السوق بشكل أكبر.

وقالت نائلة فليك، الشريكة الإدارية في مجموعة بروكفيلد العقارية، التي ترى فرصا لإقراض المزيد إن “التحديات التي تواجهها البنوك أدت بالفعل إلى انخفاض في عمليات إنشاء (القروض) المباشرة للعقارات التجارية”.

وتهتم شركات الأسهم الخاصة أيضا بالموضوع، فقد أطلقت شركة أبولو غلوبال مانجمنت أول صندوق مخصص للديون العقارية الأوروبية يستهدف مليار يورو هذا العام، حسبما قال مصدر مطلع على الأمر.

نائلة فليك: التحديات التي تواجهها البنوك أدت إلى انخفاض القروض
نائلة فليك: التحديات التي تواجهها البنوك أدت إلى انخفاض القروض

وتستهدف أذرع إدارة الصناديق التابعة للبنوك الكبرى السوق أيضا. وذكرت غولدمان ساكس لإدارة الأصول الاثنين الماضي، أنها أغلقت أكبر صندوق ائتمان عقاري لها حتى الآن، مع قدرة إقراض تزيد عن 7 مليارات دولار، بما في ذلك بعض رأس مال الشركة.

وفي بريطانيا، شكل المقرضون غير المصرفيين 41 في المئة من القروض العقارية في عام 2023، أي أكثر من الضعف من 19 في المئة قبل تسع سنوات فقط.

وأظهرت بيانات كلية بايز لإدارة الأعمال، أيضا أن الإقراض العقاري التجاري الجديد في بريطانيا كان قليلا خلال عقد من الزمن. وقالت كلية بايز في مذكرة نشرتها مؤخرا إن “في جميع أنحاء أوروبا القارية، ارتفعت النسبة بشكل مطرد إلى 20 و30 في المئة”.

وإلى جانب ذلك، يثير الدور المتنامي لصناديق الاستثمار في الإقراض المعروف باسم “الظل المصرفي” قلق المنظمين بسبب مخاطر التخلف عن السداد والعدوى. كما أن متطلبات إعداد التقارير الخاصة بالصناديق الخاصة أكثر ليونة من تلك الخاصة بالبنوك، مما يعني قدرا أقل من الشفافية.

وقال نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لويس دي جيندوس في مارس الماضي إن “تعرض المؤسسات غير المصرفية للعقارات التجارية كان أحد المخاطر الرئيسية التي تهدد الاستقرار المالي في المنطقة”.

وتتوقع ستاتيستا الألمانية لأبحاث السوق أن تصل قيمة سوق العقارات في جميع أنحاء العالم إلى 637.8 تريليون دولار خلال العام الحالي. وسيشهد هذا العام نقلة نوعية في العقارات السكنية نظرا لزيادة الطلب عليها من بين القطاعات المختلفة، حيث سيبلغ حجم هذه السوق خلال العام الحالي نحو 518.9 تريليون دولار.

ورجح خبراء ستاتيستا أن ينمو القطاع بمعدل سنوي مركب قدره 3.41 في المئة بين عامي 2024 حتى 2028 والذي بدوره سيسهم في زيادة حجم السوق العقاري إلى 724.4 تريليون دولار بحلول عام 2028.

وقالت نيكول لوكس، زميلة أبحاث بايز، “أجد أنه من المقلق للغاية أن تتأثر أموال المعاشات التقاعدية (المستثمرة) ويمكن للصناديق أن تفعل ما تريد ويذهب الأمر تحت الرادار”.

10