صمت جزائري غير مفهوم على مقتل سائحة سويسرية في الصحراء

الجزائر - يستمر الصمت الجزائري على مقتل سائحة سويسرية جنوبي البلاد، فرغم مرور نحو أسبوعين، على الحادثة لم يصدر أي موقف أو تعليق رسمي من أي جهة حكومية أو قضائية، خاصة بعد تناقله من طرف صحف ومواقع إخبارية كبرى في فرنسا وسويسرا، حيث تحدثت خلال الساعات الأخيرة عن مقتل مواطنة سويسرية في مدينة جانت على الحدود الليبية النيجيرية.
وفيما يتواصل التكتم الرسمي عن الحادثة التي غابت تماما عن وسائل الإعلام المحلية، فإن صحف ومواقع إخبارية في سويسرا وفرنسا على غرار ليبيراسيون و20 دقيقة، تناولت خبر مقتل سائحة سويسرية ذبحا في مقهى بمدينة جانت الواقعة على الحدود مع ليبيا والنيجر، وأن الضحية تبلغ من العمر 56 عاما، وكانت رفقة صديقة لها وطفلين، لما هاجمها شخصا وذبحها بسكين كان بحوزته.
وأمام الصمت الرسمي في الجزائر، تباينت الروايات الواردة في مختلف التقارير الإعلامية الأوروبية، خاصة في ما يتعلق بالخلفية والدواعي المفترضة للشخص القاتل، ففيما تحدث البعض أنه لم يذكر شيئا خلال العملية، ذكرت صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية، أنه قال: "الله أكبر، تحيا فلسطين"، في تلميح أو توجيه للخلفية السياسية والأيديولوجية للجاني، وإعطاء الانطباع بأن العمل هو "انتقام".
وفي المقابل طرح متابعون العديد من الفرضيات حول “الاختراق الأمني” للإجراءات المشددة على الحدود وعلى المدن المستقبلة للسياح الأجانب، ولم يستبعد هؤلاء، إمكانية استهداف خلط الأوراق على السلطات من طرف جهات معادية على غرار الجنرال الليبي خليفة حفتر، المتواجد على الجهة المقابلة للمدينة، ولقوات "فاغنر" الروسية المتواجدة على تراب النيجر المحاذي للحدود البرية.
كما لم تستبعد فرضية تصفية الحسابات الداخلية بين أجنحة النظام السياسي، خاصة بعد الإطاحة بمدير جهاز الاستخبارات الخارجية الجنرال جبار مهنا، خاصة وأن العملية تمت في وسط المدينة، وغير بعيد عن مبنى قيادة عسكرية وجهاز الأمن الحضري، مما يؤكد فرضية التخطيط والتدبير المسبق، لاسيما وأن شهود عيان ذكروا أن مسحة الجاني تدل على أنه وافد على المنطقة، وليس واحد من سكّانها.
◙ التساؤلات لا زالت تحوم حول الصمت الجزائري حول الحادثة رغم أن المناطق السياحية لا تخلو من مثل هذه الحوادث
وذكرت صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، بأن "سائحة سويسرية قتلت قبل عشرة أيام أثناء تواجدها مع أربعة أشخاص آخرين في إجازة بمدينة جانت جنوب شرق الجزائر، حيث كانت تجلس على شرفة مقهى (سكانير)، في وسط المدينة، بجوار مكتب جانت السياحي (حكومي)". وأضافت "تعتبر هذه الواحة، التي تقع على بعد 2300 كلم جنوب الجزائر العاصمة، إحدى جواهر الجزائر السياحية، بحسب الصحافة الجزائرية. ولكن في الـ11 أكتوبر، وفي غضون دقائق قليلة، انقلبت الطبيعة الخالية من الهموم التي يوفرها هذا المكان المثالي رأسا على عقب".
وأضافت “يُزعم أن السائحة السويسرية، التي لم يتم الكشف عن هويته، تعرضت للهجوم والتقطيع الوحشي على يد رجل بسلاح أبيض. وأوضح مصدر على اتصال وثيق بالناس هناك، بأنه تم نقلها إلى مستشفى جانت حيث فقدت الكثير من الدم، ولم يتمكن الأطباء من إنقاذها".
ولفتت إلى أنه "تم القبض على رجلين، أحدهم اعتقل من قبل السكان أنفسهم.. إنهما رجلان من شمال البلاد، جاءا إلى هنا لمدة ستة أشهر ويرتديان زي الطوارق، ومن دون معرفة ما إذا كان عملا معزولا أم مدبرا.. في الوقت الحالي، الأمر مخنوق تماما، لا شيء يخرج، حتى على شبكات التواصل الاجتماعي، في المكان".
وكانت وزارة الخارجية السويسرية، قد اعترفت للصحيفة الفرنسية بعد مرور 10 أيام، على أنها “على علم بالوفاة العنيفة لمواطنة سويسرية يوم 11 أكتوبر في جنوب شرق الجزائر، وأنها تولت مسؤولية مجموعة الأشخاص الأربعة الذين كانوا معها منذ إجلائهم إلى سويسرا، ولم تقدم أية معلومات إضافية".
ولا زالت التساؤلات تحوم حول الصمت الجزائري حول الحادثة، رغم أن المناطق السياحية في الدول العريقة لا تخلو من مثل هذه الحوادث، حيث لم يتم الإبلاغ عن مثل هذا الاغتيال العنيف في منطقة سياحية رغم مرور حوالي أسبوعين، ويبدو أن الذاكرة الجزائرية المنهكة بدموية العشرية السوداء، وحاجة الاقتصاد إلى مصدر جديد بصدد التشكل قد أربك رد الفعل اللازم".
واستقبلت الجزائر 3.3 مليون سائح في عام 2023، منهم 2.2 مليون مهاجر، و800 ألف زائر أجنبي في الربع الأول من عام 2024 وحده. وقد ارتفع إصدار التأشيرات، لأول مرة في التاريخ الحديث للبلاد، إلى حد كبير. ويواصل المكتب الوطني للسياحة الترويج لـ”وجهة الجزائر”، التي مكنت بالفعل من جمع 1.6 مليون دولار في عام 2023. ومع ذلك فإن مقتل السائحة السويسرية يخلط الأوراق على السلطات العليا وعلى التنظيم المهني.