صفقة قطرية طويلة الأجل تضيق فجوة إمدادات الغاز في الكويت

تعطي الصفقة القطرية طويلة الأجل لتضييق فجوة إمدادات الغاز للكويت، فرصة لالتقاط الأنفاس للتغلب على مشاكل نقص الكهرباء، لكنها تؤكد حاجة المسؤولين بالبلد العضو في أوبك إلى إعادة التفكير في خططهم لتوفير ما يكفي من موارد من إنتاجهم الخاص.
الكويت - أبرمت قطر الاثنين اتفاقية لتوريد ثلاثة ملايين طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال إلى الكويت لمدة 15 عاما، هي الثانية من نوعها منذ أربع سنوات، إذ تستورد الكويت الوقود لتلبية الطلب المتزايد على توليد الكهرباء.
ووقّع الرئيسان التنفيذيان لشركة قطر للطاقة ومؤسسة البترول الكويتية اتفاقية التوريد طويلة الأجل للغاز الطبيعي المسال في الكويت.
وستبدأ قطر، التي تعد بالفعل أكبر مورد إلى الكويت بموجب عقد قائم يمتد حتى 2035، إرسال الشحنات بموجب الصفقة الجديدة العام المقبل.
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ نواف سعود الصباح إن “عمليات التسليم ستبدأ في يناير 2025”. وأوضح أن الاتفاقية سيكون لها “دور محوري في توليد الكهرباء في الكويت”، لكنه رفض الكشف عن قيمتها قائلا إن “تلك المعلومات سرية”.
وتتجه الكويت، العضو في منظمة أوبك ومنتج رئيسي للنفط، بشكل متزايد إلى الغاز المستورد لتلبية احتياجاتها من الطاقة، خاصة خلال فصل الصيف عندما يرتفع استخدام مكيفات الهواء بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
ويأتي هذا الاعتماد وسط الجهود المبذولة لتعزيز إنتاج الغاز المحلي كجزء من إستراتيجية النمو الكويتية 2040، حيث تسعى مؤسسة البترول إلى زيادة إنتاجها من الغاز في إطار خطة تهدف أيضا إلى زيادة طاقة إنتاج النفط.
وقال الشيخ نواف “(نحن) مستمرون في الاستكشافات البحرية وحتى على اليابسة في الكويت (للغاز)، ونتوقع إيجاد كميات أخرى من الغاز الطبيعي غير المصاحب، وسنطور هذه المكامن، لكن احتياجات الكويت تزداد من الطاقة مع النمو السكاني”.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت البلاد انقطاعات في التيار الكهربائي مرتبطة بقضايا إمدادات الغاز، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تأمين مصادر إضافية للطاقة.
واضطرت الكويت إلى قطع الكهرباء في سابقة نادرة بالنسبة لدولة نفطية يفترض أن لديها الإمكانية الكافية لتفادي هذه المشاكل، حيث أدى ارتفاع درجة الحرارة في الصيف إلى زيادة الطلب، ولم تتمكن إمدادات الغاز من مواكبتها.
وحذرت وزارة الكهرباء من احتمال تنفيذ قطع منظم في بعض المناطق خلال الأشهر التي ترتفع خلالها درجة الحرارة.
وقالت هذا الشهر إن “وحدات معالجة الغاز في شركة البترول الوطنية الكويتية توقفت تماما، مما أثر على الإمدادات إلى التوربينات في محطتين لتوليد الكهرباء ومرافق تحلية المياه”.
وأوضحت أنها اضطرت إلى إيقاف بعض وحدات توليد الكهرباء في محطتي الصبية والدوحة الغربية.
وتأتي الزيادة في الطلب على الغاز بعد أن قررت الكويت التخلص التدريجي من حرق النفط لإنتاج الكهرباء، وعززت الاستهلاك بما يتجاوز إنتاجها المحلي بكثير.
وستُضاف الصفقة إلى اتفاقيات وقعتها قطر مع شركات، بما في ذلك توتال إنيرجيز الفرنسية وشل وتشاينا بتروليوم آند كيميكال كورب وسي.بي.سي كورب التايوانية، في حين تعمل على تنفيذ مشاريع ضخمة لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
ومع ذلك، لم تتمكن قطر بعد من إيجاد زبائن لشراء جميع الكميات الإضافية الناجمة عن زيادة الطاقة الإنتاجية بنسبة 64 في المئة إلى 126 مليون طن سنويا. كما تخطط لرفع القدرة الإنتاجية إلى 142 مليون طن بحلول نهاية هذا العقد.
ويُقال إن حقل الشمال هو أكبر خزان للغاز غير المصاحب في العالم، إذ يغطي مساحة تزيد عن ستة آلاف كيلومتر مربع وتم اكتشافه في عام 1971.
واستعدادا لهذا التوسع، دخلت قطر للطاقة في شراكات مع شركات الطاقة العالمية، بما في ذلك البترول الوطنية الصينية وكونوكو فيليبس وإيني وإكسون موبيل وشل وسينوبك وتوتال.
وقال الرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد الكعبي، والذي يشغل منصب وزير الدولة لشؤون الطاقة، إن “الغاز في اتفاقية التوريد الجديدة يمكن أن يأتي جزئيا من مشروع توسعة حقل الشمال إضافة إلى الإنتاج الحالي. ومن المقرر تسليمه إلى ميناء الزور الكويتي”.
وأكد أن ناقلات الغاز الطبيعي المسال التابعة لأسطول قطر للطاقة ستتولى عملية نقل الغاز المصدر إلى الكويت.
ووقّع البلدان في العام 2020 اتفاقية لتوريد ثلاثة ملايين طن من الغاز المسال مدتها 15 عاما بدأت في عام 2022. وتوقع الشيخ نواف أن يكون هناك “تداخل” بين الاتفاقيتين.
واستوردت الكويت 6.3 مليون طن من الغاز المسال في العام الماضي، بما في ذلك شحنات من خلال السوق الفورية، حسب بيانات تتبع السفن التي رصدتها وكالة بلومبيرغ.
وتتوقع أن يبلغ طلبها على الغاز 14 مليون طن سنويا بحلول عام 2035، كما يشير حجم البنية التحتية للاستيراد.
وكانت الكويت قد افتتحت محطة بسعة 22 مليون طن سنويا في 2021، وهي أول منشأة دائمة لاستقبال الغاز على الخليج العربي.
ومع بداية الأزمة هذا الصيف، وقّعت الكويت في مايو الماضي عقودا تشتري بموجبها 500 ميغاواط من الكهرباء من خلال هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي.
وتضمنت العقود شراء 300 ميغاواط من سلطنة عمان و200 ميغاواط من قطر، خلال الفترة الممتدة من بداية يونيو الماضي، إلى نهاية أغسطس الجاري.
ويعتمد المواطنون والمقيمون في الكويت، والبالغ عددهم نحو 5 ملايين نسمة، بدرجة كبيرة على استخدام مكيفات الهواء خلال فصل الصيف في واحدة من أكثر بلدان العالم حرارة، الأمر الذي يرفع بقوة من استهلاك الطاقة.
وزاد الطلب على الكهرباء في البلاد العام الماضي، بنسبة اثنين في المئة، بسبب النمو السكاني وارتفاع الطلب على تحلية المياه وزيادة درجات الحرارة في الصيف.
وسجل حمل الكهرباء بالبلد، الذي يحتل المركز السادس بقائمة أكثر الدول استهلاكا للطاقة عالميا، مستوى قياسيا جديدا خلال أغسطس الماضي، بلغ 17.6 غيغاواط، الأمر الذي أدى إلى انقطاع التيار الكهرباء في عدة مناطق بالبلاد.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو إجمالي الطلب على الكهرباء في الكويت بمعدل 2.5 في المئة سنويا بحلول عام 2026، مع هيمنة لمصادر الوقود الأحفوري على مزيج توليد الكهرباء بنسبة 40 في المئة للنفط و60 في المئة للغاز.