صفقة رأس الحكمة تحسن أداء السندات المصرية

الصفقة التي حصلت بموجبها الإمارات على حقوق تطوير الأراضي البكر رأس الحكمة من شأنها تخفيف المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها مصر حاليا.
الثلاثاء 2024/02/27
الصفقة فرصة لإجراء إصلاحات

القاهرة- قفزت السندات السيادية المصرية الدولارية بنحو ثلاثة سنتات الاثنين مواصلة الارتفاع الكبير الذي سجلته الجمعة الماضي بعدما وقعت القاهرة اتفاق استثمار مع الإمارات من شأنه أن يجلب 35 مليار دولار للدولة المثقلة بالديون على مدى الشهرين المقبلين.

وأظهرت بيانات تريدويب أن السندات المقومة بالدولار استحقاق 2025 حققت أكبر المكاسب، حيث ارتفعت بما يصل إلى 2.8 سنتا ليجري تداولها عند نحو 74.3 سنتا، وهو أعلى مستوى لها خلال ما يزيد قليلا على عام.

ويقول محللون إن الصفقة التي حصلت بموجبها الإمارات على حقوق تطوير الأراضي البكر في شبه جزيرة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط مقابل 24 مليار دولار من شأنها تخفيف المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها مصر حاليا.

52.9

جنيه للدولار قيمة ارتفاع العقود الآجلة للجنيه المصري غير القابلة للتسليم لأجل 12 شهرا

لكنهم أشاروا إلى أنهم ينتظرون الآن لمعرفة ما إذا كانت الحكومة ستغتنم الفرصة لإجراء إصلاحات لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد على المدى الطويل.

وقال باتريك كوران من مجموعة تيليمر للأبحاث لرويترز “ستساعد التدفقات الداخلة في سد فجوة التمويل الخارجي في مصر على المدى القريب، وتمهد الطريق لخفض قيمة العملة بشكل أكثر تنظيما وتحفيز تمويل صندوق النقد الدولي”.

وخفضت السلطات قيمة الجنيه إلى النصف خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي. ومع ذلك يرى صندوق النقد الدولي أن مصر ستواصل “استنزاف” احتياطاتها النقدية ما لم تخفض قيمة الجنيه مرة أخرى.

وأضاف كوران “التأثير على المدى الأطول أكثر تباينا لأنه يعزز نموذج النمو المصري المدفوع بالمشاريع العملاقة، ومن المرجح أن يتدفق جزء كبير من التمويل إلى خارج البلاد مع مرور الوقت بسبب المستلزمات المستوردة”.

وأظهرت بيانات بنك جي.بي مورغان أن الفارق بين العائد على السندات المصرية الدولارية وعائد سندات الخزانة الأميركية التي تعتبر ملاذا آمنا، وهو مؤشر للمخاطر يحظى باهتمام المستثمرين، تقلص إلى 674 نقطة أساس في أدنى قراءة خلال نحو عامين.

باتريك كوران: تأثير التدفقات  متباين لأنه يعزز النمو المدفوع بالمشاريع
باتريك كوران: تأثير التدفقات  متباين لأنه يعزز النمو المدفوع بالمشاريع

وفي خطوة كانت متوقعة سلفا، استبعد جي.بي مورغان مصر من سلسلة مؤشراته للسندات الحكومية للأسواق الناشئة اعتبارا من نهاية يناير الماضي.

وقال مورغان في بيان مطلع الشهر الماضي إن “مصر خاضعة لمراقبة المؤشر منذ الحادي والعشرين من سبتمبر 2023 على خلفية مشكلات تتعلق بقابلية تحويل النقد الأجنبية الجوهرية التي أبلغ عنها مستثمرون يتم الرجوع إليهم”.

وأضاف إن الحكومة “أبقيت حتى التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي على وزن 0.61 في المئة في المؤشر العالمي المتنوع”.

وتمتلك مصر 13 من السندات مقومة بعملتها المحلية في مؤشرات جي.بي مورغان، بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.

ويعاني أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان بالفعل من ارتفاع مستويات الدين الأجنبي، وتأثرت بشدة بالحرب في قطاع غزة التي تهدد بتعطيل حجوزات السياحة وواردات الغاز الطبيعي، وكذلك بالهجمات في الآونة الأخيرة على السفن في البحر الأحمر.

ولدى القاهرة نحو 100 مليار دولار من الديون بالعملة الصعبة، معظمها مقوم بالدولار، والتي يتعين على الدولة سدادها على مدى السنوات الخمس المقبلة، منها سندات ضخمة بقيمة 3.3 مليار دولار هذا العام.

ورأت مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس إن الاتفاق “سيغير قواعد اللعبة” بالنسبة لمصر على المدى القصير إلى المتوسط، وخفضت توقعاتها لسعر الصرف إلى 45 جنيها للدولار بنهاية العام مقابل 55 جنيها في السابق.

لكنها أشارت إلى أن التوقعات طويلة الأجل لا تزال “مثيرة للقلق” بالنسبة لمصر، مع ضرورة فرض مزيد من الانضباط المالي.

وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عند الإعلان عن مشروع رأس الحكمة في مؤتمر صحفي إن بلاده “تظل ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد”، والمتوقع أن يرفع قيمة قرض متفق عليه بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

وأكد الأسبوع الماضي أنه لم تتبق سوى خطوات قليلة جدا على إبرام اتفاق مع الصندوق لكي تستكمل الحكومة سد احتياجاتها التمويلية خلال المرحلة المقبلة ومواصلة تنفيذ الإصلاحات.

24

مليار دولار قيمة الصفقة التي حصلت بموجبها الإمارات على حقوق تطوير الأراضي البكر في شبه جزيرة رأس الحكمة

وأشار بنك باركليز في مذكرة إلى أن الاتفاق مع الإمارات يجب أن يمنح دفعة لبرنامج صندوق النقد الدولي وأن يضبط أداء العملة.
وأضاف أن الحجم غير المعتاد للمشروع يشير إلى التزام الإمارات الثابت بالاستقرار في مصر ككل.

وأظهرت البيانات المتعلقة بالعقود الآجلة للعملة أن الأسواق حسنت توقعاتها لخفض قيمة العملة في المستقبل.

وارتفعت العقود الآجلة للجنيه المصري غير القابلة للتسليم لأجل 12 شهرا إلى 52.9 جنيه للدولار الاثنين مقابل 64.55 جنيه للدولار الخميس الماضي. ووصل السعر في أحدث التعاملات إلى 30.85 جنيه للدولار.

ورغم المحاولات الحكومية المضنية للابتعاد عن الأزمة المالية، تظل مصر أحد البلدان النامية في المنطقة العربية مثل تونس ولبنان، التي يُنظر إليها على أنها معرضة لخطر الوقوع في براثن مآزق اقتصادية.

وفعليا، تمر البلاد بأزمة اقتصادية قاسية مع تضخم قياسي وديون حكومية ثقيلة وانخفاض في قيمة الجنيه، مما دفع المزيد من مواطنيها إلى البحث عن طرق محفوفة بالمخاطر للخروج من البلاد.

10