صفقة تاريخية ومهمة للغاية لبوينغ لتصنيع مقاتلة أف 47 بدل لوكهيد

قفزة في ابتكار وإنتاج الجيل السادس من الطائرات الحربية لمواجهة الصين وروسيا
الاثنين 2025/03/24
بوابة لإنقاذ أعمال بوينغ المتعثرة

اعتبر محللون أن اختيار بوينغ للقيام بمهمة إنتاج الجيل السادس من المقاتلات الأميركية بدل المُصنّع التاريخي لهذه الطائرات شركة لوكهيد مارتن، تحول جذري بالنسبة إلى الولايات المتحدة لتحقيق هدفين، الأول تقديم قدرات متقدمة تتفوق في بعض الجوانب على الطرازات الحالية والمنافسة، والثاني إعطاء دفعة لعملاق صناعة الطيران التجاري.

واشنطن - منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوينغ الجمعة عقد بناء أكثر الطائرات المقاتلة تطورًا في سلاح الجو حتى الآن، وبذلك مكّن الشركة من فوز كانت في أمسّ الحاجة إليه بعد الانتكاسات على مدار سنوات وعزز أسهمها.

وسيستبدل برنامج الهيمنة الجوية من الجيل التالي (أن.جي.أ.دي) طائرة أف 22 رابتور من شركة لوكهيد مارتن بطائرة مأهولة مصممة لخوض المعارك إلى جانب الطائرات المسيرة.

وأعلن ترامب، الرئيس السابع والأربعون، عن اسم الطائرة الجديدة، وهي أف 47. وقال للصحافيين في المكتب البيضاوي “لقد طلبنا الكثير. لا يمكننا تحديد السعر.”

وارتفعت أسهم بوينغ بنسبة 5 في المئة بعد أن تفوق عملاق تصنيع الطائرات التجارية على لوكهيد مارتن في الفوز بالصفقة، بينما انخفضت أسهم لوكهيد بنحو 7 في المئة.

دان غراتزير: مبلغ العقد البالغ 20 مليار دولار مجرد رأس مال تأسيسي
دان غراتزير: مبلغ العقد البالغ 20 مليار دولار مجرد رأس مال تأسيسي

وأضاف ترامب “حلفاؤنا يتصلون بنا باستمرار،” مشيرًا إلى أن المبيعات الخارجية قد تكون خيارا، “إنهم يرغبون في شرائها أيضًا.”

وبالنسبة إلى بوينغ يُمثل هذا الفوز نقلة نوعية في مسيرة شركة عانت من صعوبات في الجانبين التجاري والدفاعي. كما يُمثل دفعة قوية لأعمالها في إنتاج الطائرات المقاتلة في سانت لويس بولاية ميزوري.

وتبلغ قيمة عقد تطوير الهندسة والتصنيع أكثر من 20 مليار دولار. ويعني فوز بوينغ أنها ستُصنّع الطائرة المقاتلة وستتلقى طلبات بمئات المليارات من الدولارات على مدى عمر الصفقة الذي يمتد لعقود.

ويجادل دان غراتزير، محلل المشتريات العسكرية، بما إذا كانت “طائرة مقاتلة مأهولة متطورة أخرى هي المنصة المناسبة للمضي قدمًا.”

وقال غراتزير، مدير برنامج إصلاح الأمن القومي في مركز ستيمسون، لوكالة أسوشيتد برس إن مبلغ العقد “مجرد رأس مال تأسيسي. وستبلغ التكاليف الإجمالية مئات المليارات من الدولارات في المستقبل.”

وتُمثل خسارة الصفقة ضربة أخرى لشركة لوكهيد بعد إقصائها من المنافسة على بناء الجيل القادم من مقاتلات الشبح المُخصصة لحاملات الطائرات البحرية، ووسط استياء متزايد من البنتاغون بسبب التأخير في تحديث طائرتها المقاتلة من طراز أف 35.

وفي الأسابيع الأخيرة التقى ترامب بالرئيس التنفيذي لشركة لوكهيد، جيم تايكليت، لمناقشة طائرة أف 35، وفقًا لثلاثة مصادر تحدثت إلى وكالة رويترز.

وقال ستيف باركر، رئيس قسم الدفاع في بوينغ، في بيان “ندرك أهمية تصميم وبناء وتوفير مقاتلة من الجيل السادس للقوات الجوية الأميركية. واستعدادًا لهذه المهمة، قمنا بأكبر استثمار في تاريخ أعمالنا الدفاعية.”

ولا يزال تصميم الطائرة سرًا، ولكنه من المرجح أن يتضمن قدرات التخفي، وأجهزة استشعار متطورة، ومحركات متطورة، وقدرة على حمل باقة من الدرونات، وفق بعض الخبراء.

التصميم لا يزال سرا، ولكن قد يتضمن قدرات التخفي وأجهزة استشعار ومحركات متطورة وحمل باقة من الدرونات

وحتى الآن لم يُعلن سوى القليل من التفاصيل حول شكل مقاتلة الجيل الجديد من الجيل التالي، على الرغم من أن ترامب قال إن “النسخ الأولية منها كانت تُجري رحلات تجريبية على مدى السنوات الخمس الماضية.”

وقد أبرزت التصاميم التي قدمتها كل من شركتي لوكهيد مارتن وبوينغ طائرة مسطحة دون ذيل وذات أنف حاد.

وقال رئيس أركان القوات الجوية الجنرال ديفيد ألفين “مقارنة بطائرة أف 22، ستكون طائرة أف 47 أقل كلفة وأكثر قدرة على التكيف مع التهديدات المستقبلية، وسيكون لدينا المزيد من طائرات أف 47 في ترسانتنا.”

وصُممت منظومة الجيل السادس من الطائرات لتكون “مجموعة أنظمة” تتمحور حول مقاتلة من الجيل التقالي لمواجهة خصوم مثل الصين وروسيا.

وأوضح ألفين أن طائرة أف 47 ستتمتع بمدى أطول بكثير، وقدرة تخفي أكثر تطورًا، وستكون أسهل دعمًا من طائرة أف 22.

وواجهت العمليات التجارية لشركة بوينغ صعوباتٍ في سعيها لاستعادة إنتاج طائرات 737 ماكس، الأكثر مبيعًا، بكامل طاقتها، بينما تأثرت عملياتها الدفاعية سلبًا بعقودٍ ضعيفة الأداء لطائرات التزود بالوقود جوًا، والطائرات المسيرة، وطائرات التدريب.

وقال رومان شفايزر، المحلل في شركة تي دي كوين، “يُمثل هذا الفوز دفعة قوية للشركة، التي عانت من تجاوز التكاليف وتأخير الجداول الزمنية وتنفيذ برامج أخرى تابعة لوزارة الدفاع.”

وتجاوزت تكاليف برنامج طائرات التزود بالوقود جوًا من طراز كي.سي 46 سبعة مليارات دولار في السنوات الأخيرة، بينما تسبب عقدٌ آخر بسعرٍ ثابتٍ لتحديث طائرتين من طراز أير فورس ون في خسارةٍ قدرها مليارا دولار لأكبر خمس شركاتٍ دفاعيةٍ أميركية.

وواجهت وحدة بوينغ المُصنّعة لطائرات الركاب تدقيقًا مكثفًا منذ سلسلة من الأزمات، بما في ذلك حالة طوارئ جوية في يناير 2024، شملت طائرة 737 ماكس 9 جديدة تابعة لشركة ألاسكا إيرلاينز، فقدت أربعة مسامير رئيسية.

ستيف باركر: استعدادا للمهمة قمنا بأكبر استثمار في تاريخ أعمالنا الدفاعية
ستيف باركر: استعدادا للمهمة قمنا بأكبر استثمار في تاريخ أعمالنا الدفاعية

وفي يناير الماضي أعلنت بوينغ عن خسارة سنوية بلغت 11.8 مليار دولار، وهي الأكبر منذ عام 2020 بسبب مشاكل في وحداتها الرئيسية، إلى جانب تداعيات إضراب أوقف إنتاج معظم طائراتها.

كما تراجعت بوينغ أمام منافستها الأوروبية أيرباص في سباق التسليم، ودخلت في مواجهة مع الجهات التنظيمية والمتعاملين بعد زلات ارتكبتها. وقد فرضت إدارة الطيران الفيدرالية في أوائل عام 2024 حدًا أقصى للإنتاج الشهري.

وردا على استبعادها قالت لوكهيد مارتن في بيان “على الرغم من خيبة أملنا من هذه النتيجة، فإننا واثقون من أننا قدمنا حلاً تنافسيًا.” وأضافت “سننتظر المزيد من المناقشات مع القوات الجوية الأميركية.”

وفي حين أن لوكهيد لا تزال قادرة على الاحتجاج على منح الحكومة بوينغ، فإن إعلان ترامب عن الصفقة في مؤتمر صحفي رفيع المستوى قد يقلل من احتمالات نشر شركة الدفاع، ومقرها بيثيسدا في ولاية ماريلاند، حججا علنية ضد الاتفاقية.

ولاقى منح بوينغ تهنئة من السيناتور الديمقراطي مارك كيلي، لكنه حذّر قائلا “برنامج بهذا الحجم والتعقيد يتطلب إشرافًا دقيقًا لضمان عدم تخلفه عن الركب أو تجاوزه للتكاليف.”

وأعرب الملياردير والمستشار الرئاسي إيلون ماسك عن تشككه في فاعلية الطائرات المقاتلة عالية الجودة المأهولة، قائلاً إن “الطائرات المسيرة الأقل كلفة خيارٌ أفضل.”

11