صفقة استحواذ تحتوي أزمة الثقة في كريدي سويس

البنك السويسري يوافق على تقديم خط سيولة بقيمة 100 مليار دولار لكريدي سويس كجزء من الصفقة.
الاثنين 2023/03/20
صفقة مهمة

بيرن - وافق بنك يو.بي.أس الأحد بعد ماراثون من المفاوضات على شراء منافسه الأصغر كريدي سويس بعد أن رفع عرضه إلى أكثر من 3.2 مليار دولار، ما يبدد قلق القطاع المصرفي العالمي من حدوث مشكلة لا يمكن تفاديها.

ونقلت فايننشال تايمز عن مصادر قولها إن “يو.بي.أس سيدفع الآن ما يزيد على 0.5 فرنك سويسري (0.54 دولار) للسهم الواحد”، أي أقل بكثير من سعر إغلاق سهم كريدي سويس الجمعة الماضية عند 1.86 فرنك.

وذكر شخصان على دراية بالموضوع أن البنك السويسري وافق على تقديم خط سيولة بقيمة 100 مليار دولار لكريدي سويس كجزء من الصفقة بعدما وافق يو.بي.أس على تخفيف بند تغيير سلبي جوهري من شأنه أن يبطل الاستحواذ إذا قفزت هوامش التخلف عن سداد الائتمان.

3.2

مليار دولار قيمة صفقة استحواذ يو.بي.أس على مجموعة كريدي سويس المصرفية

ودخلت مجموعة كريدي سويس المصرفية عطلة نهاية الأسبوع بعد أن أصبح بعض المنافسين حذرين في تعاملاتهم مع المقرض السويسري المتعثر، وحثه المنظمون على متابعة صفقة مع يو.بي.أس.

وحتى في حال استحواذ يو.بي.أس على منافسه المحلي، الذي يسيطر البنك الأهلي السعودي على حصة فيه تقدر بنحو 9.9 في المئة، فإن استعادة الثقة في عمليات أحد أقدم البنوك الأوروبية تواجه تحديات.

ويتطلب اندماج أكبر مصرفين بالبلاد أشهرا خاصة أن أحدهما يواجه أزمة معقّدة، كما يثير عدم ثقة متزايدة لدى المستثمرين، لكن بنك يو.بي.أس مضطر لإتمام الصفقة في أيام معدودة.

ولساعات ناقش أولريش كورنر رئيس كريدي سويس مسألة البيع مع الرئيس التنفيذي لبنك يو.بي.أس رالف هامرز الذي كانت أولويته الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية.

وتوصل أكبر بنك في سويسرا إلى قرار بشأن عملية الاستحواذ على منافسه كريدي سويس الذي يُنظر إليه على أنّه حلقة ضعيفة في القطاع المصرفي بدفعٍ من السلطات، على أمل تجنّب كارثة وموجة ذعر مُعدية في الأسواق الاثنين.

ويعد كريدي سويس، الذي تأسس قبل 167 عاما، أكبر بنك يقع في شرك اضطرابات السوق التي أطلقها انهيار بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر الأميركيين، مما أجبره على الاستفادة من 54 مليار دولار من تمويل البنك المركزي السويسري.

ومع ذلك كانت ثمة خيارات أخرى، فقد كشفت مصادر لوكالة بلومبرغ أن السلطات السويسرية تدرس تأميم بنك كريدي سويس كليا أو جزئيا باعتباره أمرا قابلا للتطبيق إذا عجز يو.بي.أس عن استكمال عملية الاستحواذ.

وفي خضم ذلك قال مصدران لرويترز إن “السلطات السويسرية تدرس تحميل حائزي سندات بنك كريدي سويس خسائر ضمن حزمة لإنقاذه”.

وأضاف المصدران اللذان اشترطا عدم الكشف عن هويتهما أن “الجهات التنظيمية في أوروبا قلقة إزاء مثل هذه الخطوة وتخشى من أن يؤثر ذلك على ثقة المستثمرين في أماكن أخرى من القطاع المالي الأوروبي”.

وأشارا إلى أن السلطات السويسرية لم تتخذ قرارا بعد بشأن هذه الخطوة ولا يزال من الممكن تغيير بعض شروطها.

استعادة الثقة في عمليات أحد أقدم البنوك الأوروبية تواجه تحديات كبيرة
استعادة الثقة في عمليات أحد أقدم البنوك الأوروبية تواجه تحديات كبيرة

وقال مصدر إن “السلطات قد لا تجد بدا من زيادة حجم الخسائر التي سيتحملها حائزو السندات إذا تم تقليص نطاق عمليات بنك كريدي سويس بدلا من استيلاء يو.بي.أس عليه”.

وبحسب صحيفة بليك السويسرية مارس شركاء سويسرا الاقتصاديون والماليون الرئيسيون الذين يخشون على مراكزهم المالية، ضغوطا هائلة لحل المشكلة.

ومرّر وزير المالية الفرنسي برونو لومير رسالة واضحة عبر صحيفة “لو باريزيان” قائلا “ننتظر الآن حلّاً نهائياً وهيكلياً لمشاكل هذا المصرف”. وكذلك الأمر بالنسبة إلى وزارة الخزانة الأميركية التي أشارت إلى أنها تتابع القضية عن كثب.

وعند إغلاق سوق الأوراق المالية الأربعاء الماضي بعد انخفاض قياسي، بالكاد بلغت قيمة كريدي سويس سبعة مليارات فرنك سويسري (7.55 مليار دولار)، في ما يشكّل تعسّرا لمصرف هو جزء مثل يو.بي.أس من ثلاثين مؤسسة حول العالم تعتبر أكبر من أن يُسمح لها بالانهيار.

لكن وفق صحيفتي “فايننشال تايمز” و”بليك”، سحب زبائن المصرف ودائع بقيمة 10 مليارات فرنك سويسري (10.8 مليار دولار) في يوم واحد في أواخر الأسبوع الماضي، في مؤشر قوي على عدم الثقة في المؤسسة.

كريدي سويس

ووفق بلومبرغ، كان يو.بي.أس يريد ضمانات عامّة لتغطية التكاليف القانونية والخسائر المحتملة التي يمكن أن تصل إلى مليارات من الفرنكات.

وأشارت الوكالة إلى أنّ النقاشات قد تتعثر بشأن البنك الاستثماري، وكان أحد السيناريوهات قيد الدراسة هو الاستحواذ فقط على إدارة الأصول والثروات وتصفية القسم الاستثماري للمصرف.

وكذلك، تركّزت المناقشات على مصير الفرع السويسري من بنك كريدي سويس الذي يعدّ أحد الشركات المربحة ضمن المجموعة التي خسرت 7.3 مليار فرنك سويسري العام الماضي وتتوقع تسجيل خسائر “كبيرة” عام 2023.

ويقدم الفرع خدمات مصرفية للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن السبل التي يشير إليها المحلّلون هو طرحه للاكتتاب العام، ما من شأنه تجنّب عمليات التسريح الجماعي للموظفين في سويسرا.

والأربعاء الماضي دفع انعدام ثقة المستثمرين والشركاء البنك المركزي السويسري إلى إقراض 50 مليار فرنك سويسري من أجل إنعاش كريدي سويس وطمأنة الأسواق. ومع ذلك، فإنّ فترة الثبات لم تدم طويلاً.

ومرّ كريدي سويس بعامَين شهِدا عددا من الفضائح التي كشفت “نقاط ضعف جوهرية في الرقابة الداخلية”، بناء على اعتراف الإدارة نفسها.

واتهمت هيئة الرقابة على الأسواق (فينما) كريدي سويس بـ”الإخلال الجسيم بالتزاماته التحوطية” عبر إفلاس شركة غريسيل، التي كانت مؤشرا على بداية انتكاساته.

وفي هذه الأثناء، كان بنك يو.بي.أس، الذي أمضى سنوات في التعافي من صدمة الأزمة المالية للعام 2008 وخطة الإنقاذ الحكومية الضخمة، قد بدأ في جني ثمار جهوده.

ووفقا لعدد من وسائل الإعلام، لم تكن لدى البنك أي نية قبل عطلة نهاية الأسبوع للشروع في خوض مغامرة الاستحواذ على كريدي سويس.

وخلال أكتوبر الماضي، كشف كريدي سويس عن خطة إعادة هيكلة واسعة النطاق تنص على إلغاء 9 آلاف وظيفة بحلول العام 2025، أي أكثر من 17 في المئة من قوته العاملة.

ويخطّط البنك، الذي كان يوظّف 52 ألف شخص في نهاية أكتوبر 2022، لفصل الخدمات المصرفية الاستثمارية عن بقية أنشطته لإعادة التركيز على الخدمات الأكثر استقراراً، بما في ذلك إدارة الثروات.

10