صراع يتصاعد بين حكومة الوفاق والكبير

طرابلس - تجدد الصراع بين حكومة الوفاق، واجهة الإسلاميين في ليبيا، والصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي، على خلفية رفض الأخير تمويل حكومة فايز السراج، مما يكشف مدى تعمق الخلافات بين الأطراف التي تهيمن على غرب ليبيا، والتي يقول مراقبون إن "محركها مالي وسياسي".
وطالب فرج بومطاري وزير المالية في حكومة "الوفاق"، في بيان نشرته وزارته الجمعة، المجلس الرئاسي بالتدخل من أجل إيجاد آلية للتعامل مع محافظ المصرف المركزي، الذي يرفض تمويل حكومة الوفاق وتغذية حسابات الخزانة العامة نتيجة تأخر إقرار الترتيبات المالية الجديدة.
واتهم بومطاري محافظ المصرف المركزي بارتكاب مجموعة من المخالفات أدت إلى تجميد الإنفاق الحكومي لمدة 3 أشهر، وأهمها بند الرواتب، وذلك في أحدث تصعيد مع الكبير، الذي خرج لتوه من مواجهة مع رئيس مؤسسة النفط الليبية، ما يكشف تعمق الصراع حول النفوذ بين القوى التي تسيطر على غرب ليبيا.
وتابع بومطاري أن من بين المخالفات عدم تمكين مالية الوفاق من استخدام الرصيد المتاح لها بحساب الإيراد العام ومحاولة توجيه الوزارة للإنفاق بأغراض محددة.
والصراع الدائر بين بومطاري والكبير ليس وليد اللحظة، حيث سبق أن اتهمت مالية الوفاق البنك المركزي الأربعاء الماضي، بعدم تغطية مستحقات الطلبة الليبيين في الخارج.
ومؤخرا دخل الصديق الكبير في معارك متعددة خاصة مع رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله حول عائدات النفط الليبي، والتي كشفت عن حجم الفساد الذي استشرى في المؤسسات التي تقع تحت حكم السراج، وأشارت إلى اختفاء المليارات من الدولارات، لم يعرف مصيرها بعد، حصيلة بيع النفط الليبي، ما يستوجب المساءلة القانونية.
ومؤخرا منع وزير الداخلية في حكومة "الوفاق" فتحي باشاغا الكبير من السفر، ما فجر خلافات بين الرجلين اللذين أقاما تحالفا في وقت سابق.
واتهم باشاغا الكبير بالفساد قائلا في رد له على اتهامات الكبير، الذي ندد بمنعه من السفر عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، "نحن ملتزمون في وزارة الداخلية بمحاربة الفساد وملاحقة جرائم غسيل الأموال ومصممون على ملاحقة المتورطين في هذه الجرائم".
ويقول مراقبون إن الكبير يحظى بدعم العديد من الدول في مقدمتها تركيا، مشيرين إلى أن أنقرة تتشبث ببقاء محافظ مصرف ليبيا المركزي الحالي في منصبه، لاسيما مع تعثر جولات الحوار السياسي، الذي كان سيُفضي إلى استبدال المسؤولين على رأس المؤسسات السيادية بما في ذلك مؤسسة النفط والمصرف المركزي.
وانعكست تداعيات الأزمة التي تعانيها حكومة الوفاق على الميليشيات والمرتزقة الموالين لأنقرة والذين يعملون في طرابلس دعما لحكومة الوفاق، حيث سادت حالة من الاستياء، على خلفية تأخر مستحقاتهم المالية.
وتظاهر الخميس العشرات من المرتزقة السوريين، الذين نقلتهم تركيا إلى العاصمة الليبية طرابلس، احتجاجا على تأخر رواتبهم التي وعدتهم حكومة "الوفاق" بسدادها خلال فترة قتالهم إلى جانب الميليشيات المسلحة منذ ديسمبر 2019.
ونشر نشطاء ليبيون مقطع فيديو يظهر الاحتجاجات التي شارك فيها العشرات من المرتزقة السوريين، الذين تظاهروا وسط أحد المعسكرات داخل كلية الشرطة في العاصمة الليبية لعدم حصولهم على مستحقاتهم المالية لمدة خمسة أشهر.
وأكدت وسائل إعلام ليبية أن مستحقات المرتزقة المتأخرة بلغت حوالي 10 آلاف دولار للفرد الواحد منهم.