صراع نفوذ بين ميليشيات السراج وباشاغا للسيطرة على العاصمة طرابلس

طرابلس - اندلعت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة في العاصمة الليبية طرابلس، ليل الأربعاء حتى الساعات الأولى من صباح الخميس، بين ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق، في صراع على النفوذ.
وقالت وسائل إعلام ليبية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إن أصوات إطلاق الرصاص جراء الاشتباكات التي استمرت نحو ساعتين، بين ميليشيات "قوة الردع" وميليشيات "جهاز الأمن العام" التابعتين لحكومة الوفاق، كانت تسمع بوضوح في محيط قاعة الشعب وجزيرة سوق الثلاثاء في حي الأندلس وسط العاصمة طرابلس.
وحسب موقع بوابة أفريقيا فإن المواجهات المسلحة اندلعت بعد رفض قوة الأمن العام دخول عناصر من قوة الردع إلى بعض المناطق في العاصمة الليبية دون تنسيق مسبق معها.
ويبدو جليا أن هنالك صراعا بين الميليشيات على النفوذ في العاصمة، في وقت تتقدم فيه المباحثات السياسية حول اقتسام السلطة بين الفرقاء الليبيين، ما يشير إلى الصعوبة الكبيرة في تطبيق ما تم التوصل إليه سياسيا على الأرض.
والصراع في واقع الأمر هو بين ميليشيات الإخوان التي يقودها وزير الداخلية فتحي باشاغا وبقية المجموعات التي ترفض محاولات ميليشيات مصراتة الهيمنة على الوضع في العاصمة وفرض أجنداتها.
ويحاول السراج استمالة قادة الميليشيات في طرابلس، لنسج خيوط حلف لمواجهة باشاغا المقرب من حزب العدالة والبناء الإخواني، الذي أعلن عن الإعداد لإطلاق عملية تحمل اسم “صيد الأفاعي”، وتستهدف الجماعات المسلحة المنفلتة وعصابات التهريب والاتجار بالبشر والعناصر الإرهابية، فيما أشارت لائحة مسربة لقائمة أهداف العملية إلى أنها تشمل ميليشيات مقربة من السراج ووزير دفاعه صلاح الدين النمروش الذي أكد موقفه المناوئ للعملية.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، حذر خبراء من أن قراري السراج إنشاء جهاز أمني جديد بقيادة الميليشياوي عبدالغني الككلي الشهير بـ"غنيوة"، وإلحاق ميليشيا قوة الردع الخاصة بالمجلس الرئاسي تحت مسمى "جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة"، ينذران بتورط العاصمة طرابلس في حرب جديدة.
وتسيطر على مدينة طرابلس عدة ميليشيات، توفر لها تركيا دعما عسكريا من خلال المرتزقة والسلاح، في حين تحتمي سياسيا بحكومة السراج.
ومنذ عام 2014 بدأ دور الجماعات والميليشيات المسلحة ينشط في العاصمة لدعم أطراف سياسية ليبية، لاسيما تنظيم الإخوان الذي استخدم هذه التنظيمات في محاولة تصفية الخصوم السياسيين وتنفيذ أجندات أجنبية مشبوهة.
وتمكنت حكومة الوفاق التي يقودها فايز السراج من التواصل مع الميليشيات المسلحة وصرف رواتب لها لتأمين الكتائب المسلحة من خزينة ليبيا، فضلا عن الرواتب التي تستقطعها تلك الميليشيات من مصرف ليبيا المركزي، الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان والجماعات المتحالفة معه.
وتقاسمت الميليشيات النفوذ على مدن المنطقة الغربية في ليبيا، وفي الآونة الأخيرة حاولت إضفاء الشرعية على نفسها عبر إنشاء ما يسمى "الحرس الوطني" وما يسمى "قوات دعم الاستقرار"، بمباركة حكومة السراج، وتحويل الميليشيات إلى قوة رسمية، لتخريب أي محاولة لليبيين للمصالحة وإعادة الاستقرار إلى بلادهم.
وتورطت تركيا في الفترة الأخيرة في محاولة تعكير صفو التقدم السياسي بين المتحاورين الليبيين، وذلك بحثّ الميليشيات على خرق وقف إطلاق النار في عدد من المحاور، خاصة في محور سرت - الجفرة.
وكانت المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز حذرت مرارا الدول التي تملك قوات على الأراضي الليبية من محاولة إفساد الحلول السلمية، قائلة إن هنالك نوايا لمعاقبة كل طرف لا يلتزم بالسلام.
ودعت المبعوثة الأممية إلى سحب القوات الأجنبية في ليبيا، والعمل على تطبيق التفاهمات وما توصلت إليه اللجنة العسكرية الليبية المشتركة.
وفي 23 أكتوبر الماضي، وقعت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 + 5) اتفاقا على الوقف الفوري لإطلاق النار.
ونص الاتفاق على إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية برا وبحرا وجوا، في مدة أقصاها ثلاثة أشهر. وكذلك تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي، وخروج أطقم التدريب إلى حين تسلم الحكومة الجديدة الموحدة أعمالها، وتفكيك الميليشيات ونزع سلاحها وإخراجها من المدن.